يتفرّد علم قطر بلون أرجواني نادر بين أعلام العالم، وهو اللون الذي أصر القطريون على الاحتفاظ به على مرّ التاريخ ناجياً من احتمالات إلغائه. والأحمر الأرجواني رمز للهيبة والوقار وعلو المنزلة، ومن أرقى الألوان وأعلاها مرتبة في قلوب الشعب القطري. كما يتفرد "العنّابي" عن أعلام دول العالم عامة، وعن أعلام الدول العربية خاصة التي يسيطر عليها الأحمر.
"الأدعم"... ولادة علم قطر
منذ القدم وكلمة "لَدْعم" تعني عند القطريين اللون الأحمر الغامق أو الداكن، وهو بيرق المؤسس الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني.
وانتبه الشيخ محمد بن ثاني مبكراً إلى ضرورة توحيد القطريين تحت راية واحدة، وطرح توحيد جميع الرايات براية لونها الأحمر الأرجواني، لعلمِه بارتباط هذا اللون بتاريخهم وبيئتهم.
وبعد التشاور بين الجميع، اقتنع القطريون بالفعل بطرح الشيخ محمد بن ثاني وتقبلوا هذه الراية، وأضافوا اسم قطر عليها، وأطلقوا على رايتهم الموحَّدة اسم "الأدعم".
ما مصدر اللون العنّابي؟
يعود تاريخ اللون الأحمر الأرجواني إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد، وقد ارتبط تاريخ اللون الأحمر الأرجواني بالفينيقيين (من سلالة الكنعانيين)، وقد اشتقت كلمة فينيقي من الكلمة الإغريقية "فينكس" ومعناها الشعب أرجواني اللون.
وجزيرة بن غنّام كانت مصدر هذا الصبغ الأحمر الأرجواني، وتقع هذه الجزيرة الصغيرة بالقرب من مدينة الخور، وعلى بعد 40 كيلومتراً من الدوحة.
وتحت تأثير أشعة شمس الصحراء الحارقة، يجفّ الصبغ الأرجواني ويتحول إلى اللون الأحمر الأرجواني (العنّابي).
كاد علم قطر أن يكون أحمر
في إبريل/نيسان من عام 1932، قرّرت البحرية البريطانية أن يكون لقطر علم مميِّز لها، فاقتُرح أن يكون العلم القطري باللون الأحمر، ولكن بتسعة رؤوس (قطر العضو التاسع في اتفاقية الساحل المتصالح).
رفضت قطر استخدام اللون الأحمر، واستبدلته بلونها الأحمر الأرجواني الذي تفتخر به، وأبقت على الرؤوس التسعة مع إضافة الماسات ذات اللون الأحمر الأرجواني لتفصل بين كل رأس وآخر، كما أضافت اسم قطر باللون الأبيض على الخلفية الحمراء الأرجوانية.
وفي 1960، أجرى حاكم قطر في حينه، الشيخ علي بن عبدالله آل ثاني، تغييراً طفيفاً مبقياً اللونين الأبيض والأحمر الأرجواني والرؤوس المسننة، ولكن من دون كلمة قطر والماسات. وظلت قطر، منذ ذلك الحين، ترفع العلم الذي نعرفه اليوم.
لماذا لون علم قطر نادر؟
من الملاحظ أن اللون الأرجواني نادر في أعلام الدول، فبالإضافة إلى قطر، هناك تدرجات لهذا اللون في أعلام قليلة جداً مثل لاتفيا وسريلانكا.
وتشرح قناة أفتر سكول التعليمية أن ندرة هذا اللون مرجعها إلى غلائه، إذ كان يُستَخرَج في العصور الغابرة من نوع محدد من الحلزون، إلا أن إنتاج غرام واحد من هذا اللون كان يحتاج إلى 10 آلاف حلزون، وهذا بالضبط سبب غلائه.
وكانت العائلات المالكة وعلية القوم فقط من يرتدون هذا اللون، وبعض الحكام أيضاً كان صعباً عليهم تحمل كلفته.
وكان كل باوند من اللون الأرجواني يساوي ثلاثة باوندات من الذهب، وهو ما اضطر بعض الحكام إلى منع زوجاتهم من ارتداء الحرير بهذا اللون.
وكان على العالم الانتظار حتى عام 1856 من أجل أن ينجح الكيميائي الإنكليزي، ويليام هنري بيركن، في اكتشاف معادلة اللون الأرجواني خلال محاولة إنتاج دواء للملاريا.