في معرض جماعي أقيم في مؤسسة "يربا بوينا" للفنون في مدينة سان فرانسيسكو الأميركية (YBCA)، شوّه فنانون أعمالهم اعتراضاً على صمت منظمي المعرض بشأن جرائم الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين. المعرض الذي يحمل عنوان "رسائل حب إلى سوما" هو أحد الأنشطة المحورية لمهرجان Bay Area Now 9 الذي يقام كل ثلاث سنوات في حي سوما، حيث يوجد مقر المؤسسة.
فنانون واحتجاج مفاجئ
كان هذا الإجراء، الذي اتخذه فنانون بإضافة تعديلات على أعمالهم، جزءاً من احتجاج مفاجئ اتفقوا على تنظيمه قبيل الافتتاح اعتراضاً على تدخل إدارة المؤسسة في أعمالهم، ولمطالبتها بإظهار دعمها للشعب الفلسطيني. أطلق هؤلاء الفنانين على احتجاجهم اسم "رسائل حب إلى فلسطين". شمل احتجاج الفنانين الثمانية، اعتصاماً رمزياً ورفع لافتات وألقاء كلمات، إلى جانب توزيع ورقة مطالب موجهة للمؤسسة، وبيان تضامني كي يوقّع عليه الحضور. جاء في البيان: "نحن الفنانين والعاملين الثقافيين الموقعين أدناه، نقف متضامنين مع شعب فلسطين، ونلتزم بالمقاطعة الأكاديمية والثقافية الفلسطينية لإسرائيل (PACBI). إننا ندرك ونعي أن الشعب الفلسطيني يتعرّض إلى إبادة جماعية حالياً، ويشهد عنفاً مستمراً منذ القرن الماضي، في ظل المشروع الاستعماري الصهيوني وإقامة دولة إسرائيل على الأرض الفلسطينية. كما نعترف بالسيادة الفلسطينية وحق الفلسطينيين في مقاومة الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي، الذي يمارس العنف لمصادرة الأراضي والتطهير العرقي للسكان الفلسطينيين والحفاظ على الهيمنة السياسية والاجتماعية".
وعلى الرغم من عدم إعلان هؤلاء الفنانين من قبل عن نيتهم تنظيم هذا الاحتجاج، إلا أن أعداداً كبيرة من الجمهور سرعان ما انضمت إليهم. كما دعمت الاحتجاج، أيضاً، عدة مجموعات ناشطة في الولاية، من بينها الصوت اليهودي من أجل السلام، والتجمع النسوي الفلسطيني، وشبكة المجتمعات الفلسطينية الأميركية. كما شاركت شخصيات عربية بارزة في مجتمع الفنون في الولايات المتحدة الأميركية، منهم رسام الجداريات الأميركي من أصل فلسطيني كريس غزالة.
في ساحة المؤسسة، رفع المحتجون لافتة كبيرة كُتب عليها: "أوقفوا تمويل الإبادة الجماعية". وأمام أعين الجمهور الذي حضر الافتتاح، أحدث الفنانون تغييرات على أعمالهم، لتتضمن رسائل تأييد لفلسطين. في هذا السياق، رشّت باز جي، وهي فنانة خزف من تشيلي، منحوتتها المعروضة تحت عنوان "لديك قلب مكسور" بطلاء وردي وكتبت عليها عبارة: "تحيا فلسطين. فلسطين حرة".
في صفحتها الشخصية على "إنستغرام"، كتبت الفنانة: "ليس هناك أي عذر لصمت مؤسسة يربا بوينا في الوقت الذي تُوجَّه فيه أموالنا لدعم الإبادة الجماعية في فلسطين. إن أهداف الصهيونية المتمثلة في إقامة دولة يهودية تتطلب التطهير العرقي وتهجير الفلسطينيين والفصل العنصري، كما أن سيطرة الصهيونية على المؤسسة يتعارض بشكل مُباشر مع حرية الفنانين في فضح الظلم وانتقاده. أوقفوا تواطؤكم في الإبادة الجماعية".
أوقفوا إطلاق النار
أما جيفري تشيونغ، وهو رسام أميركي من أصل صيني، فقد غطى لوحتيه الكبيرتين بلافتة من القماش كتب عليها: "أوقفوا إطلاق النار". بينما أحاط الفنان الأميركي تشامبوي عمله التجهيزي بعدد كبير من البطاقات الورقية التي تحمل أسماء ضحايا قصف الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، كما أعد طاولة مغطاة بالكوفية الفلسطينية من أجل إشعال الشموع تحية لأرواح هؤلاء الضحايا. أما تريسي رين، وهي فنانة من سنغافورة تقيم في الولايات المتحدة الأميركية؛ فقد غطت عملها بلافتة مكتوب عليها: "لا مزيد من الأموال الملوثة بالدم. يجب وقف إطلاق النار الآن".
على حسابها في "إنستغرام"، كتبت رين معلقة على هذا الاحتجاج: "سأدعو إلى فلسطين حرة وعودة الأرض وإنهاء الاحتلال حتى مماتي. إن كل نضال من أجل الحرية متشابه ومرتبط، ولن يتحرر أي منا حتى نصبح جميعاً أحراراً. يجب وقف القوى الإمبريالية والاستعمارية، ليس فقط من أجل بعضنا البعض، ولكن من أجل كوكبنا المريض، من أجل الأرض التي توفر لنا الحياة وتحتاج منا أن نكون على قدر المسؤولية". ومن بين الفنانين الآخرين الذين عدّلوا أعمالهم، الفنانة الإيرانية شوله أصغري، والأميركية كورتني ديزيريه موريس، وليلى ويفور.
خلال الاحتجاج، وزّع الناشطون ورقة تحتوي على قائمة مطالب موجهة إلى مؤسسة يربا بوينا، تطالبها بالانضمام إلى حملة المقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل، وهي الحملة التي تدعو المؤسسات والجامعات إلى الامتناع عن العمل مع المؤسسات الإسرائيلية. كما تضمنت المطالب أيضاً دعوة المؤسسة للتوقف عن فرض الرقابة على أعمال الفنانين وبرامجهم التي تتضمن الإشارة إلى فلسطين، والانضمام بشكل صريح إلى النداءات المطالبة بوقف العدوان. وأكد المنشور حرص المشاركين على إيصال رسالة إلى إدارة المؤسسة بأن الفنانين الذين يعملون معهم يراقبونهم.
صرح فنانون مشاركون في هذا الاحتجاج بأن هناك ضغوطاً قد مورست عليهم لمنعهم من الإشارة إلى فلسطين في أعمالهم، بدعوى الابتعاد عن السياسة وقرب المؤسسة من المتحف اليهودي المعاصر. هذا على الرغم من أن المؤسسة نفسها كانت لها مواقف سياسية سابقة متعلقة بوضع المرأة الإيرانية، وحركة حياة السود مهمة.