تنتهي، غداً الجمعة، المهلة النهائية التي منحها قاضٍ في ولاية ديلاوير لـ"تويتر" وإيلون ماسك لإنهاء صفقتهما، وإلا فسيواجه الرجل الأكثر ثراء في العالم المحكمة لتخلفه عن تنفيذ الاتفاق المبدئي الذي وقعه مع الشركة للاستحواذ عليها.
الأربعاء، قبل يومين من حلول المهلة النهائية، نشر ماسك (51 عاماً) مقطع فيديو يظهره وهو يدخل مقر شركة تويتر في سان فرانسيسكو حاملاً حوض مغسلة، كما غيّر التعريف عن نفسه على حسابه في المنصة إلى "رئيس تويتر".
Entering Twitter HQ – let that sink in! pic.twitter.com/D68z4K2wq7
— Elon Musk (@elonmusk) October 26, 2022
ووفقاً لوكالة بلومبيرغ، فإن ماسك طمأن موظفي "تويتر" الأربعاء، وأكد لهم أنه لا ينوي تسريح 75 في المائة من القوى العاملة عند استحواذه على الشركة. وقال ثلاثة موظفين في الشركة، لـ"نيويورك تايمز"، إن ماسك سيعقد اجتماعاً مع الموظفين الجمعة أيضاً. هذه الخطوات تشير إلى أن الملياردير الأميركي يتجه فعلاً نحو إنهاء الصفقة.
كان ماسك قد تقدم بعرض من دون طلب من الشركة لشراء "تويتر" مقابل 44 مليار دولار أميركي، ووقّع اتفاقاً بهذا الشأن في إبريل/نيسان، لكنه عدل عن رأيه بعد ذلك، ما دفع "تويتر" إلى رفع دعوى قضائية ضده. وأفادت تقارير بأن ماسك كان يجمع التمويل اللازم للصفقة، منذ أن جمّد قاض القضية مؤقتاً في 6 أكتوبر/تشرين الأول. وقال ماسك، في يوليو/تموز، إنه تراجع عن الصفقة لأنه تعرض للتضليل من قبل "تويتر" بشأن عدد الحسابات الوهمية على المنصة، وهي مزاعم رفضتها الشركة.
وكشفت صحيفة واشنطن بوست، الأسبوع الماضي، أن ماسك أخبر المستثمرين المحتملين أنه يخطط لتسريح نحو 75 في المائة من قاعدة موظفي "تويتر"، البالغ عددهم 7500، إذا أصبح مالكاً لها. وبعد انتشار هذا التقرير، حاولت الشركة تهدئة مخاوف الموظفين، وأكدت لهم أن الإدارة الحالية لا تخطط لتسريح أحد، لكنها لا تستطيع التكهن بما يمكن أن يقدم عليه ماسك. ووفقاً لـ"نيويورك تايمز"، فإن الموظفين قلقون أيضاً من احتمال تعديل قيمة تعويضاتهم؛ بموجب شروط ماسك للاستحواذ على "تويتر"، وافق على استبدال خيارات الأسهم الممنوحة للموظفين بمكافآت نقدية مجدولة بانتظام. ولكن، نظراً إلى مواقفه المتقلبة باستمرار منذ الإعلان عن الصفقة بين الطرفين، يخشى بعض الموظفين من أنه قد لا يحترم التزاماته المتعلقة بالتعويضات.
ماذا الآن؟ كان ماسك قد صرح بأنه "مؤيد بالمطلق لحرية التعبير"، وبأنه يريد تخفيف إجراءات الإشراف على المحتوى الذي ينشر على "تويتر" بما يشمل رفع الحظر عن حساب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. ويخشى منتقدوه، وهم كثيرون، من صعوبة فصل آرائه عن مصالحه التجارية، خاصة عندما يتعلق الأمر بشركة تسلا التي يملكها، والتي تعتمد بشكل متزايد على الصين. وفي حال أتم الصفقة مع الشركة غداً، تبرز مخاوف عدة من توسع نفوذه وتأثيره على السياسات العالمية.
وهذه ليست مبالغة، بعدما تحول إلى "لاعب أساسي في الفوضى الجيوسياسية"، كما وصفته "نيويورك تايمز". خلال الأسابيع الأربعة الماضية، اقترح ماسك خطة لإنهاء الصراع بين موسكو وكييف أثارت غضب المسؤولين الأوكرانيين. ونشر تغريدة عن كيفية الاتصال بالإنترنت في إيران، وسط التظاهرات التي تشهدها البلاد، عرّضت المتظاهرين لمخطط تصيد احتيالي. كما أشار في مقابلة مع صحيفة فايننشال تايمز إلى إمكانية استرضاء الصين إذا مُنحت سيطرة جزئية على تايوان. وطالبه مسؤول في تايبيه بالتراجع عن اقتراحه.
صحيح أن الجزء الأكبر من ثروة ماسك مصدره حصته في شركته للسيارات الكهربائية تِسلا، لكن نفوذه ينبع إلى حد كبير من شركة الصواريخ الخاصة به سبايس إكس التي تدير شبكة ستارلينك الفضائية. يمكن لـ"ستارلينك" توفير خدمة الإنترنت في الصراع والمناطق الجيوسياسية الساخنة، وقد أصبحت أداة أساسية للجيش الأوكراني.
وأثار تدخل ماسك في السياسة العالمية قلقاً في واشنطن، بعدما كان مقرباً من المسؤولين الأميركيين خلال السنوات الماضية. فهو تناول العشاء مع الرئيس السابق باراك أوباما، وانضم إلى المجالس الاقتصادية لترامب، وتبرع لمرشحي الحزبين الديمقراطي والجمهوري. الآن، يهاجم ماسك الرئيس الحالي جو بايدن، ويقول إنه يخطط للتصويت لرئيس جمهوري عام 2024.
في المقابل، يتواصل مع رؤساء دول أجنبية ورؤساء وزراء، وفق ما نقلت "واشنطن بوست" عن أشخاص يعملون معه مباشرة. ويبيع أحدث صواريخه وتكنولوجيا الطيران إلى كوريا الجنوبية وتركيا وقائمة متزايدة من البلدان الأخرى. لديه مصانع لـ"تسلا" في ألمانيا والصين. كما أنه يمتلك ويتحكم في أكثر من 3 آلاف قمر صناعي تدور حول الأرض، وهذا أكثر بكثير مما تملكه أي دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة.
وعلى الرغم من أن ماسك لا يحتاج لواشنطن الآن، فإن واشنطن لا تزال تعتمد عليه؛ يستخدم الجيش الأميركي صواريخه وخدمات اتصالاته عبر الأقمار الصناعية لطائراته من دون طيار وسفنه وطائراته. لا توجد لدى "ناسا" حالياً طريقة لإيصال رواد فضاء أميركيين إلى محطة الفضاء الدولية من دون كبسولته الفضائية. وفي الوقت الذي يمثل فيه تغير المناخ أولوية قصوى للبيت الأبيض، فإن لديه سيارات كهربائية على طرقات الولايات المتحدة أكثر من أي مصنع آخر. وقال مسؤولون حكوميون، لـ"واشنطن بوست"، إنهم يعملون على تقليل اعتمادهم عليه، عبر عقد شراكات مع منافسيه ورعايتهم بالعقود الحكومية والإعانات.