مرآة سوداء

01 يوليو 2021
تنتهي قصص أبطال المسلسل بمصائر سوداء (يوتيوب)
+ الخط -

تنقلك السلسلة التلفزيونية البريطانية، "المرآة السوداء"، إلى عوالم غريبة مثيرة، داكنة وملونة، تنتهي، غالباً، بأبطالها إلى مصائر سوداء، تربطها بسلسلة من الخيال والتقدم العلمي التقني. تتألف السلسلة من 22 حلقة، تمتد على خمسة مواسم، وتختلف كل حلقة عن نظيراتها بنجومها وحكايتها. لكنْ ثمة خيط يوحدها، وهو الإخراج المتقن والسيناريو الجذاب، إلى جانب الخيال الجامح بتصورات عن عوالم التكنولوجيا والفضاء والإنترنت وألعاب الفيديو ووسائل التواصل الاجتماعي والتشفير والتناسخ الرقمي... إلخ.

تتمحور السلسلة، التي أطلقتها القناة الرابعة البريطانية عام 2011، ومن ثم دخلت "نتفليكس" على الخط نتيجة نجاحها، حول سؤال عريض وما يتفرع عنه: ماذا سيحدث إذا استمرت التكنولوجيا في تطورها وتحكمها بحياتنا وعقولنا وعواطفنا؟ ماذا سيحصل بإنسانيتنا؟ هل سيطغى العالم الافتراضي على الواقعي، ويصبح الافتراضي زمننا الحقيقي؟ هل ستتحكم بنا منظومة التشفير وعالم المعلومات؛ فتصبح هي الأساس بدل أن تخدمنا وتحسن حياتنا؟ ماذا عن القائمين على هذا العالم؟ ماذا إذا تحولوا إلى طغاة العالم؛ فيصبح الاستبداد سيطرة رقمية مؤتمتة؟ هل ثمة من سيتحدى هذه المنظومة ويتمرد عليها؟

في معظم الحلقات، نجد الأشخاص مستسلمين لقدرهم التقني، مسيرين بآلهة التكنولوجيا القاسية عبر أزرار صغيرة تزرع في ادمغتهم، وتشفر معلوماتهم، وتنقل إليهم الأوامر، ولكن ثمة من يتمرد، وغالباً ما تسحقه الآلة الضخمة.

في الحلقة الأولى من الموسم الأول، "النشيد الوطني"، يجبر رئيس الوزراء البريطاني على مضاجعة خنزير ببث حي تلبية لأوامر خاطفي الأميرة سوزانا. وتبين الأحداث قدرة الإعلام على التحكم وتغيير المزاج العام، فما لا يتقبله الجمهور في لحظة ما، يصبح مبرّرا، بل ومطلوباً في لحظة تالية.

فيما ترتكز حلقة "مكروه في البلاد"، على قدرة عالم السوشيال ميديا على خلق الكراهية بين الناس، وصولاً إلى اغتيال الشخص المكروه مادياً ومعنوياً، حيث تشيطن وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقاته الضحية فتقتله، كما حصل مع الصحافية جو باورز، بعد كتابتها مقالاً عن السياسة الاجتماعية تجاه كبار السن من المقعدين.

تبدأ دورة الكراهية بنشر هاشتاغ "الموت لفلان" على توتير من مجموعة حسابات مزورة، مع فيديو لشرح آليات لعبة اختيار أكثر الأشخاص المكروهين في البلاد. تبدأ اللعبة عند منتصف الليل، وتنتهي باغتيال الشخص الذي تم التصويت عليه أنه أكثر المكروهين عند الساعة الخامسة عصراً.. إنه وقت السوشيال ميديا السريع والقاتل.

بعد الصحافية، يأتي دور مغنّ يُدعى تاسك، علق تعليقاً سخيفاً على أحد مقلدي صوته عبر برنامج تلفزيوني؛ فانتشر هاشتاغ الموت لـ تاسك. وفي اليوم التالي يتم التصويت على فتاة تُدعى كلارا ميدس، التي التقطت صورة سيلفي أمام نصب تذكاري للحرب وكأنها تبول عليه. يتم القتل عبر النحل الاصطناعي الذي نشرته الحكومة على أساس أنه للحفاظ على البيئة، في حين يتبين أنه وسيلة المخابرات للتجسس والتحكم بالناس.

يصيب النحل الضحية بهيجان قاتل، ويدفع من يتعرض للسعته إلى التصرف بجنون، أليس هذا ما تفعله السوشيال ميديا بضحاياها؟ في اليوم الأخير للمسلسل، يقع الاختيار على مستشار حكومي؛ فتتدخل الحكومة بكل قوتها وتصل المحققتان إلى المتحكم باللعبة الذي ينهيها بقتل كل المصوتين في لعبته، الذين يبلغ عددهم 387 ألفاً. هل ارتدّت الكراهية على أصحابها؟ 

موقف
التحديثات الحية

في حلقة "باندر سنيتش"، يحاول شاب عام 1984 ابتكار لعبة فيديو، ولكن الحلقة تطلب منك اختيار أفعال أبطالها، لتكون جزءاً من القصة واللعبة.

يقول أحد أبطال هذه الحلقة معلقا على اللعبة: "ما يهم هو البرمجة والتحكم، كل شيء مجازي وليس ثمة عالم واقعي واحد، بل مجموعة عوالم، الزمن مركب". تظن نفسك حرّاً تملك الإرادة، وفي الحقيقة أنت عالق في المتاهة، في النظام، وكل ما بوسعك فعله هو الاستهلاك، وحتى ولو هربت من أحد جوانب المتاهة، فستعود من الجانب الآخر: "إنها ليست لعبة مرحة، إنه عالم كابوسي لعين. والأسوأ من ذلك أننا نعيش فيه".

لا شيء يبدو حقيقياً، العالم كله افتراضي.. هل هي صورة الحياة القادمة التي علينا أن نتكيف معها، أو نكون خارج العصر؟

دلالات
المساهمون