استمع إلى الملخص
- **معرض "هوليوود لاند"**: يعرض متحف أكاديمية السينما بلوس أنجليس تأثير اليهود في نشأة صناعة الأفلام، مسلطاً الضوء على تأسيس استوديوهات هوليوود الثمانية الكبرى وتطور المشهد الحضري لمدينة لوس أنجليس.
- **الجدل والانتقادات**: أثار المعرض جدلاً وانتقادات من بعض أفراد المجتمع اليهودي الذين اتهموا الأكاديمية بمعاداة السامية، مما دفع الأكاديمية لاتخاذ خطوات لمعالجة هذه الانتقادات.
في كتابه "إمبراطورية خاصة بهم: كيف اخترع اليهود هوليوود؟"(An Empire of Their Own: How the Jews Invented Hollywood) يسلط المؤرخ الفني والكاتب الأميركي نيل غابلر الضوء على دور أبناء الديانة اليهودية في صناعة السينما الأميركية، ومساهمتهم في تشكيل ملامح الأسطورة السينمائية لهوليوود كما نعرفها. يشرح مؤلف الكتاب الكيفية التي تشكلت بها أسطورة هوليوود، وكيف سيطر اليهود على مفاصل الإنتاج السينمائي في الولايات المتحدة من دور العرض والتوزيع وحتى الإنتاج.
هذا الكتاب نفسه الصادر عام 1988 يمثل مرجعاً رئيسياً لمعرض "هوليوود لاند: المؤسسون اليهود لعاصمة السينما الأميركية" وهو معرض دائم استحدثه متحف أكاديمية السينما في لوس أنجليس. يتناول المعرض قصة نشأة صناعة الأفلام في لوس أنجليس في أوائل القرن العشرين، مسلطاً الضوء على تأثير منتجي الأفلام اليهود وكيف كانوا أول من أسس نظام الاستوديو في صناعة السينما، وهو النظام الذي اعتمد لاحقاً في كافة أنحاء العالم. يتتبع المعرض البدايات الأولى لنشأة صناعة السينما في الولايات المتحدة، ويكشف عن الأساليب التي اتبعها رجال الأعمال اليهود للسيطرة عليها واحتكارهم لها.
حين بدأ اليهود في الهجرة بكثافة من شرق أوروبا إلى الولايات المتحدة مطلع القرن العشرين كانت صناعة الأفلام غير المنظمة مفتوحة على مصراعيها أمام رواد الأعمال. وقد مثلت هذه الأجواء فرصة للعديد من أبناء الديانة اليهودية لتعزيز مكانتهم في عالم الأعمال واكتساب القبول في الطبقة العليا من المجتمع الأميركي. بدأت خطوات اليهود الأولى في مجال صناعة الأفلام من خلال امتلاك دور العرض، وقد أتاح لهم هذا الأمر التحكم في نوعية الأفلام التي يمكن عرضها، ثم اتجهوا إلى مجال تسويق الأفلام، ثم إنتاج أفلامهم الخاصة.
كانت الخطوة الطبيعية التالية هي بناء مرافق خاصة بهم حيث يمكن إنتاج أفلام أكبر ومن هنا ظهرت استوديوهات هوليوود. وقد كانت لوس أنجليس مكاناً مناسباً لهذه الصناعة، إذ كانت الأراضي حينها رخيصة، كما كان الطقس يسمح لهم بالعمل على مدار العام. في لوس أنجليس أسس اليهود ثمانية استوديوهات سينمائية سيطرت على إنتاج الأفلام الأميركية لعقود عدة. يقدم المعرض سرداً تفصيلياً معززاً بالصور والوثائق وشرائط الفيديو وملصقات الأفلام لتاريخ كل استوديو ومؤسسه من هذه المؤسسات.
ينقسم المعرض إلى ثلاثة محاور مميزة، يتعرض أولها إلى تاريخ إنشاء الاستوديوهات الثمانية الكبرى في هوليوود وهي: وارنر براذرز، ويونيفرسال، وفوكس، وباراماونت، وكولومبيا، ومترو غولدوين ماير، ويونايتد آرتيستس، وآر كي أو. أما المحور الثاني فيتعلق بتطور المشهد الحضري لمدينة لوس أنجليس منذ نهاية القرن التاسع عشر، والذي ارتبط ارتباطاً وثيقاً بصناعة السينما. بينما يركز المحور الأخير على السير الذاتية لعدد من الشخصيات المؤثرة في مجال صناعة السينما.
يأتي المعرض رداً على الانتقادات الموجهة لأكاديمية السينما بتهميش دور اليهود في سياق العرض المتحفي الدائم بها. أي أن المعرض جاء كرد اعتبار للمساهمة اليهودية في صناعة السينما الأميركية. لكن على الرغم من هذا الاحتفاء بالدور اليهودي في السينما الأميركية، يشير العرض أيضاً في جانب منه، وعلى نحو غير مُباشر، إلى السيطرة اليهودية الكاملة على صناعة السينما الأميركية خلال النصف الأول من القرن العشرين. يقدم العرض العديد من الأدلة والوثائق التي قد تُفسر لنا التحيزات المتجذرة في السينما الأميركية ضد العرب.
هذا الجانب السلبي من العرض المتحفي انتبه له بعض أفراد المجتمع اليهودي في الولايات المتحدة، الذين وجهوا سهام النقد والهجوم للأكاديمية واتهموا القائمين عليها بمعاداة السامية. اتهم المعرض بأنه يرسخ الفكرة السائدة برغبة اليهود في السيطرة على عقول الناس. ليس هذا فقط بل اتهمه البعض بتقديم صورة منحرفة وسلبية لأباطرة هوليوود اليهود.
وكان "اتحاد الكتاب اليهود" من بين أبرز مُنتقدي المعرض، إذ أصدر بياناً شديد اللهجة يعترض فيه على استخدام كلمات مثل مفترس، وطاغية، وظالم، وزير نساء، لوصف بعض الشخصيات اليهودية المؤثرة في صناعة السينما. يقول البيان إن المعرض يشوه سمعة أولئك الذين يزعم أنه يحتفي بهم. وقد جمع هذا البيان الذي نشره الاتحاد على صفحته مئات التوقيعات، بينها أسماء يهودية بارزة داخل المُجتمع اليهودي في الولايات المتحدة، والذين اتهموا إدارة الأكاديمية بمعاداة السامية.
وكان المنتج السينمائي لورانس بيندر من بين أولئك الذين وقعوا على الرسالة المفتوحة، وقد صرح بيندر بأنه منزعج بشدة من التركيز المتكرر للمعرض على الإخفاقات الأخلاقية المزعومة للمنتجين اليهود الأوائل. لم تقتصر الانتقادات الموجهة للمعرض على محتواه فحسب، بل امتدت أيضاً إلى طريقة العرض، إذ انتقد البعض طريقة العرض المتحفي نفسها ووصفوها بالخافتة والمُقبضة. أما الكاتب التليفزيوني والمنتج باري شكولنيك فقد ندد هو الآخر بالمعرض وقال إنه شعر بالفزع من الفيلم الوثائقي المُصاحب له، والذي يرسخ كما يقول الصورة النمطية عن اليهود، ويظهرهم كأنهم كانوا مسؤولين عن كل مشاكل هوليوود. ورداً على هذا البيان وعشرات الرسائل الغاضبة الأخرى التي تلقتها إدارة الأكاديمية والمتحف من شخصيات مؤثرة داخل المجتمع اليهودي أعلنت الأكاديمية أخيراً في بيان لها أنها ستتخذ خطوات فورية لمعالجة هذه الانتقادات.