فجأة ومن دون مقدمات، تصدرت المغنيتان العراقيتان شذى حسون ورحمة رياض "ترند السوشيال ميديا"، بعد التراشق الإعلامي بينهما بشأن من تكون نجمة الغناء العراقي.
سيدات الغناء العراقي كثيرات، لكنّ صوت الحروب التي عانى منها العراقيون منذ ثمانينيات القرن الماضي، وما زالت تداعياتها تحاصرهم إلى اليوم، خنق أصواتهن وصرن ذكرى في أرشيف الموسيقى العراقية.
حتى الجيل العراقي الجديد، ومعه إعلامه، تناسى أصوات مطربات قديرات وصلن إلى سدة المجد الغنائي، أمثال: سليمة مراد، وزهور حسين، وأمل خضير، وعفيفة إسكندر، ومائدة نزهت وسيتا هاكوبيان وفريدة، اللواتي كان حضورهن العربي مرتكزاً على ما يصل إلى الجمهور من موجات الإذاعة العراقية وبعض الإذاعات العربية القليلة في وقتهن.
طمست الحروب العراقية، ومن بعدها الاحتلال الأميركي لبلاد الرافدين، صوت الفن، ولم ينج حتى المطربون الرجال أيضاً من مقصلة الإبعاد، وكان كاظم الساهر استثناءً لسنوات طويلة.
لكن هدوء الحال وخروج بعض الفنانين العراقيين من بلدهم ساهما في إعادة حضورهم العربي، مثل: حاتم العراقي الذي استقر في دبي هو ووليد الشامي، فيما صار ماجد المهندس سعودياً، وحملت فريدة الجنسية الهولندية ومعها حسين الأعظمي، وتوارت الأصوات النسائية في غياهب المجهول ومعها أصوات عدد من المطربين الرجال مثل: حسين نعمة وإياس خضر وقاسم السلطان ومحمود أنور وهيثم يوسف وباسم العلي ورضا العبد الله ومهند محسن.
اليوم، خرّجت برامج اكتشاف المواهب أصواتاً نسائية عراقية متعددة، فيما أفرز التطور التكنولوجي أصواتاً أخرى، لكن من منهن تحمل معها إرث وتاريخ الغناء العراقي؟
جميعهن لجأن إلى موسيقى التكنو لإيصال أصواتهن إلى الجمهور (فيما قد تكون الشابة أصيل هميم استثناءً إلى حد ما)، وخلعن الشجن الحزين الذي يميز الموسيقى العراقية من أصواتهن حتى يتمتعن بالشهرة، وهي الموسيقى التي قال عنها الموسيقار محمد عبد الوهاب ذات يوم: "الغناء العربي يدور في فلك الغناء المصري، إلا الغناء العراقي فإنه يدور في فلك نفسه"، لنجد أنفسنا أخيراً أمام مغنيتين أشهر مما قدمتاه من أغنيات، يتراشقن في وسائل الإعلام بحثاً عن لقب نجمة الغناء العراقي.
لا رحمة، وهي ابنة المطرب العراقي الراحل رياض أحمد، ولا شذى التي عاشت طفولتها وصباها في المغرب، تملكان فنياً ما يؤهلهما لاستحقاق هذا اللقب الشرفي، فلا أرشيفهما يساعد ولا صوتاهما يغردان بالغناء العراقي، وتبقيان دائماً تدوران في فلك "اللحن الدوار" الذي خدم خامة صوتيهما العاديين في انتشار القليل من أغانيهما.
من يراجع مشوار رحمة وشذى منذ شهرتهما قبل 15 عاماً، لن يجد الغناء العراقي بمقاماته المتعددة وأطواره الموسيقية في ما تقدمان، هما شهيرتان، لكنهما ليستا نجمتين وهناك فرق، وما حضورهما الإعلامي اليوم إلا صدفة وجودهما في لجنتي برنامجين عُرضا بوقت واحد بهدف اكتشاف المواهب العراقية.
يعود أصل الحرب بين المغنيتين إلى العام 2004 حين اقتسمتا غرفة واحدة أثناء مشاركتهما غير الموفقة في ثاني مواسم برنامج "سوبر ستار"
فرحمة خدمها الحظ حينما ظهرت على شاشة عربية متابعة هي "إم بي سي"، إذ وجدت نفسها في لجنة "عراق أيدول" بعد اعتذار الكثير من المطربين والملحنيين العراقيين عن عدم قبول المهمة، بينما عرفت وسائل الإعلام العربية بالصدفة بأمر وجود برنامج عراقي مماثل بعنوان "القيثارة" عُرض على قناة "العراقية" المحلية، ومن تابع البرنامجين، سيكتشف ضحالة معلوماتهما الموسيقية، وسيلاحظ بالتأكيد وجود مواهب تتفوق بأصواتها وإحساسها وموهبتها عليهما معاً.
يعود أصل الحرب بين المغنيتين إلى العام 2004، حين اقتسمتا غرفة واحدة أثناء مشاركتهما غير الموفقة في ثاني مواسم برنامج "سوبر ستار"، الذي كان يبث على فضائية "المستقبل" اللبنانية، قبل أن تجددا مشاركتهما في برنامج "ستار أكاديمي"، إذ نالت شذى لقب الموسم الرابع، في حين شاركت رحمة في موسم البرنامج السابع، وخسرت اللقب أمام منافسها السوري ناصيف زيتون.
يومها أعلنت شذى في الإعلام دعمها لزيتون نافية معرفتها برحمة، وهو الأمر الذي ضايق الأخيرة بحسب تصريحاتها الإعلامية، وقالت حينها إن شذى وصفتها بأنها لا تصلح للغناء، فيما كانت شذى قد حسمت أمر مقارنتها برحمة، بقولها "الفرق بيني وبين رحمة، كالفرق بين كاظم الساهر وسيف نبيل!".