فيلمان وثائقيان جديدان (2021) للفلسطيني رشيد مشهراوي (1962): "يوميات شارع جبريئيل"، الذي يُشارك في مسابقة "آفاق السينما العربية"، في الدورة الـ43 (26 نوفمبر/ تشرين الثاني ـ 6 ديسمبر/ كانون الأول 2021) لـ"مهرجان القاهرة السينمائي الدولي"؛ و"استعادة"، الذي يُعرض في برنامج "روائع عربية"، في الدورة الأولى (7 ـ 15 ديسمبر/ كانون الأول 2021) لـ"مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي".
في الأول، يتجوّل مشهراوي ـ حاملاً كاميرا صغيرة ـ في أزقة ومنازل ومحلّات قليلة في شارع باريسي، يُقيم فيه منذ سنوات، ملتقطاً أحوال أناسٍ وبيئة وجغرافيا، في فترة العزلة المنزلية ومنع التجوّل (باستثناء حالات معينة)، بسبب تفشّي وباء كورونا. في الثاني، يحصل على تسجيل (شريط فيديو "في أتش أس") مع طاهر القليوبي، يروي فيه حكايته الشخصية مع يافا، ومع فلسطين وسيرتها في التاريخ والأرض والذاكرة والناس والاحتلال، مدعِّماً هذا كلّه بصُور فوتوغرافية تنبض بحياة آلاف اليافاويين في فترات تاريخية تنتهي مع بدايات الاحتلال الإسرائيلي.
الأول حميمٌ للغاية، فمحوره الأساسي كامنٌ في ذات مشهراوي وشخصه وعلاقاته، مع انفتاح على تاريخ له وذاكرة، وعلى بعض أفلامه، وعلى معنى حظر التجول بين باريس وفلسطين، والتشابه بين التصاريح التي يجب الحصول عليها للسماح بتجوّل في الشوارع الباريسية، وتلك الممنوحة من الإسرائيليين، وكيف أنّ التصاريح والتفتيش جزءٌ من يوميات الفلسطينيين في بلدهم المحتلّ. في الثاني، شيءٌ من الحميميّة أيضاً، فحي المنشية في يافا شاهدٌ على ولادة والد رشيد، وحياة أهله هناك. كأنّ مشهراوي، بلقائه غير المتوقّع وغير المباشر مع القليوبي، ومع تلك الصُور الرائعة، يذهب إلى حيّه الذي لم يعرفه أبداً.
فيلما رشيد مشهراوي (الأول 62 دقيقة، والثاني 60 دقيقة) اختبار جديد، يميل إلى البساطة في سرد حكايات وتصوير مشاعر والتقاط نبض مدينة وأناس وذكريات، مانحاً للمواد كلّها حيّزاً كبيراً للقول والسرد والبوح. الأرشيف الحاصل عليه في "استعادة" مهمّ للغاية، واللقطات المُصوّرة بهدوء وبساطة وسلاسة في "يوميات شارع جبريئيل" تعكس شيئاً من صداقة وتأمّلات وحبٍّ.