Chainsaw Man: البشر ليسوا أفضل من الشياطين

يبدو أن نوع أنمي "شياطين" سيبقى مسيطراً لسنوات، مع وجود عشرات الأعمال من هذا النوع، ثلاثة منها ناجحة بشكل كبير، وهي Demon slayer وJujutsu Kaisen، وأخيراً Chainsaw Man الذي حصد مكانته سريعاً بين أفضل أعمال العام الماضي. ومع سيطرة استوديوهات MAPPA على اثنين من هذه الأعمال، صارت عوالم هذا النوع من الأنمي أكثر وضوحاً للمشاهدين، حتى إن الرسوم نفسها متقاربة، وبالطبع قادمة من ثقافة اليوكاي اليابانية.

عن قصد أو من دون قصد، أتاحت هذه المعرفة للكاتب التركيز على شخصية البطل في عدّة حلقات في البداية، والبطل هذه المرة ليس بطل شونين معتاداً، وليس شخصية ذكية تميل إلى الشر، مثل لايت من Death Note. البطل هنا ببساطة شخص يعيش ككلب في أسفل المجتمع، من دون أي أهداف سامية.

من عبودية إلى أخرى

يجد دينجي نفسه مديوناً بمبلغ كبير عليه أن يسدده للياكوزا بعد انتحار والده للهرب من الدَّين. وهكذا يبدأ، منذ طفولته، حياة عبودية يعمل فيها للياكوزا في قتل الشياطين لبيع جثثها في السوق السوداء. لكن الدين لا ينتهي، ويبيع معه كليته وعينه. الشيء الوحيد الذي حصل عليه كان شيطاناً صغيراً يبدو ككلب صنع معه عقداً وصداقة.
عند احتضار دينجي لاحقاً، يقدم الشيطان الكلب عقداً لصديقه، قلب الشيطان، وبالتالي نجاة دينجي، مقابل أن يعيش دينجي أحلامه البسيطة التي طالما أرادها. من هذه اللحظة، يتحول دينجي إلى الرجل المنشار الذي على عكس المعتاد هو إنسان في الأساس، ويستطيع التحول. تمسك به امرأة من الأمن العام لتجعله "كلباً" للأمن مقابل حياته. الاتفاق بسيط، إما أن يعمل للأمن، وإما أن يُقتل لأنه شيطان.
من هذه اللحظة، تبدأ أحلام دينجي بالتحقق، لأن العمل مع الأمن يتيح حياة مريحة. أحلام يمكن اعتبارها حاجات الإنسان الأساسية: طعام وشراب ونوم هانئ. دينجي مستعد لفعل أي شيء، من دون أدنى اهتمام بكرامته كإنسان، مقابل الحصول على هذه الحاجات. والتطور الوحيد الذي يناله هو هدفه الجديد: الجنس. لكن، حتى هذا يُقدم له كعظمة مقابل خدمات ما. لا يتطور دينجي أكثر من ذلك في حلقات الموسم الأول، رغم مروره بلحظة بسيطة يشعر فيها بنقص ما، فهل يتوق إلى الحرية من دون أن يدرك؟ لا توجد حرية لأمثاله، فإما الموت قتلاً أو جوعاً.

الصعود إلى أعلى الهرم

مقارنةً بأحلام الآخرين السامية حوله التي تتمحور حول الانتقام للعائلة غالباً، يقاتل دينجي بضراوة لأجل حلم بدائي مثل لمس ثديي أنثى، وأحلامه هذه تزيد من احتقار مَن حوله له، لكنه لا يكترث. البطل هنا إنسان ما زال في مراحله البدائية في أسفل هرم ماسلو، وكل أحلامه حاجات جسدية، يسمو عنها لاحقاً بأثر بسيط لا يكاد يُرى.
تتاح لدينجي فرصة ممارسة الجنس، لكنه يرفضها بصعوبة، ويقرر أن تكون تجربته الأولى مع المرأة التي تعجبه أكثر. هذه النقلة في شخصية البطل الذي حقق الأمان الوظيفي أخيراً، تعني صعوده درجة أخرى نحو الانتقال من عالم الحاجات الجسدية البحتة إلى حاجات أكثر سمواً.

سينما ودراما

التحديثات الحية

"مصاص دماء في الحديقة"... مختصر غير مفيد للحكاية

مع ذلك، لا تزال رحلته طويلة جداً، فحتى المرأة التي يحاول الوصول إليها، لا تراه سوى كلب لمؤسستها، وممارسة الجنس معه ما هي إلا مكافأة أو حافز لخدمة قد تودي بحياته غالباً. طريق دينجي من القاع إلى أعلى لا يزال في بدايته، لكن من الواضح أن هذا خط تطور الشخصية في العمل، وموسماً بعد آخر سنراه يحاول الصعود بعد إشباع حاجاته الأساسية.

شخصيات داعمة طبيعية

مع بطل كهذا، يحتاج Chainsaw Man إلى شخصيات أخرى مثيرة، وهذا ما استطاع العمل تحقيقه بشكل كافٍ. من خلال الشخصيات الأخرى، نعرف أن الزمن يدور في عقد ما خلال وجود الاتحاد السوفييتي الذي ذُكر أكثر من مرة، وأن الشياطين ليست مجرد مخلوقات عشوائية بالكامل، بل قد تكون أسلحة لحرب عالمية ما.
كذلك، تقدم لنا هذه الشخصيات الإشباع الكافي في الوقت الذي ما زال فيه البطل مجرد شخص يجري وراء غرائزه. أغلب الشخصيات الأخرى هي من مؤسسة الأمن العام، وغالباً ما يبحثون عن الانتقام من شيطان ما أو حماية العالم، لكن هذا ليس كل ما في الأمر، فهناك شخصيات نعرف أنها تخاطر بحياتها لأسباب اقتصادية بحتة في عالم رأسمالي، حيث يمكن أن تجبر فيه امرأة على العمل في الأمن العام أو الدعارة لإدخال أخيها الجامعة.

أسلحة كثيرة بلا قتال

يحاول Chainsaw Man وضع بعض الأفكار التي تقول إن البشر ليسوا أفضل من الشياطين، مثل أن انتشار المسدسات أسهم في زيادة عنف الشياطين، وخلق شيطان المسدس الذي يبدو أقرب لسلاح نووي، يمكنه نسف مدينة بأكملها في ثوانٍ. مخرج العمل حاول إظهار هذه الروح من خلال تركيزه على مشاهد تحدث داخل أماكن معدنية، مثل مستودعات أو حاويات، وكذلك الكثير من المباني العملاقة التي تتهدم في لحظة. محاولة المخرج كانت ناجحة في هذا، وإن كانت المشاهد موجودة في المانغا أصلاً، لكن هذا جعله يهمل جانباً هاماً، وهو المشاهد القتالية التي بدت مملة بلا تحريك مثير للاهتمام، يختبئ خلف أجساد الشياطين الضخمة وأشلائها الدبقة.