Midas Man: براين إبستين باقٍ في النوايا

07 نوفمبر 2024
تحوّلت شخصيات الفرقة في الفيلم إلى ما يشبه رسوماً كاريكاتورية (IMDb)
+ الخط -
اظهر الملخص
- يواجه سوق أفلام السير الذاتية الموسيقية تحديات كبيرة، مثل الانتقادات للمبالغة في تصوير الشخصيات الأيقونية، كما في فيلم "مسيو أزنافور" وفيلم "مجهول تمامًا" عن بوب ديلان.
- فيلم Midas Man يروي قصة براين إبستين، مكتشف "ذا بيتلز"، لكنه لم ينجح في تقديم عمق لشخصيته وواجه صعوبات في استخدام موسيقى الفرقة.
- رغم الجهود، لم يكن أداء الممثلين في Midas Man مقنعًا، مما جعل الشخصيات تبدو كرسوم كاريكاتورية، وفشل الفيلم في تقديم لمسة تليق بإرث إبستين.

لا يزال سوق أفلام السير الذاتية الموسيقية رائجاً، رغم العديد من العثرات والتجارب التي خرجت بصورة مخيبة للكثيرين. ففي الوقت الذي أشاد فيه النقاد بالإضافة البارزة التي قدمها الممثل الفرنسي الجزائري الأصل طاهر رحيم إلى فيلم "مسيو أزنافور"، بأدائه اللافت قبل عدة أسابيع، إلّا أن أغلب المتابعات النقدية وصفت الفيلم بالمتكلّف، لمبالغته في صنع هالة أيقونية حول نجم الغناء الفرنسي ذي الأصول الأرمنية.
أما في الولايات المتحدة الأميركية، فما أن أعلن المخرج جيمس مانغولد قبل أسبوعين عن إطلاق الإعلان الدعائي لفيلمه الجديد "مجهول تمامًا" (A complete unknown)، عن حياة المغني الأميركي بوب ديلان (سيعرض في 25 ديسمبر/كانون الأول المقبل)، بدأ الهجوم عليه مباشرةً، بعد أن استنكر محبّو ديلان الطريقة "المزعجة" التي يقلد بها الممثل تيموثي شالاميت صوت نجم الغناء الأميركي. المقارنة ذاتها التي جعلت الممثلة الإنكليزية ماريسا أبيلا تخسر الرهان قبل ستة أشهر، بعد أدائها الباهت لشخصية إيمي واينهاوس في فيلم Back to Black.
لا يبتعد فيلم السيرة الذاتية الجديد Midas Man كثيراً عمّا سبقه؛ فالعمل الذي خصص لسرد قصّة براين إبستين (1934 - 1967)، الرجل الذي اكتشف فرقة ذا بيتلز، وحوّل أفرادها الأربعة إلى نجوم كبار بإصرار وحس إعلامي لا يخطئ، جاء فقيراً على مستويات عدة، رغم المعلومات التي تقول إن العمل على الفيلم استمر إلى ما يزيد عن السنوات الأربع، إلا أن المخرج البريطاني الشاب جو ستيفنسون وفريقه، فوّتوا على أنفسهم، وعلينا، فرصاً عدة لتقديم عمل يستحقه صاحبه.
كانت حياة براين إبستين قصيرة جدا، إذ مات عن 32 عاماً فقط، إثر جرعة زائدة من الحبوب المخدرة التي أدمن عليها هروباً من مثليته الجنسية. لكن الفيلم، الذي امتد إلى ساعة و52 دقيقة، يبدأ باستعراض الحياة العائلية لإبستين (أدّى دوره الممثل جاكوب فورتشن لويد)، فنراه يقنع والده رجل الأعمال هاري (إيدي مارسان) بالسماح له بتخزين أسطوانات موسيقى البوب في متجر الأثاث الخاص بالعائلة في ليفربول.
ولد إبستين المتحدر من مهاجرين يهود روس في عائلة ثرية تمتلك متجراً للآلات والإسطوانات الموسيقية يحمل اسم NEMS. وكان من المتوقع أن يتولى إدارته يوماً ما، فقد كان بائعاً ماهراً ولديه أذن موسيقية جيدة، وكثير من الأفكار غير المسبوقة لترويج تسجيلات موسيقى البوب والروك. ورغم ذلك، لم يكن لإبستين أن يكتفي بأن يكون مجرد مدير لأحد أكبر متاجر الأسطوانات الموسيقية شمال غرب إنكلترا، فهناك عالم كامل خارج ليفربول، وكان قد سمع عن فرقة جديدة عادت للتو من هامبورغ، وانتشر خبر عن إسطوانة اسمها "ماي بوني"، فذهب لرؤية الفرقة في نادي كافيرن في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 1961.
هناك، يستمع إلى غناء "ذا بيتلز"، ويلتقي أعضاءها: بول مكارتني وجون لينون وجورج هاريسون وبيت بيست، عازف الدرامز الأصلي، قبل أن يطرده إبستين لاحقاً، ليحل محله رينغو ستار. ولشدة إعجابه بموسيقاهم، يعرض إبستين على الفرقة الناشئة أن يتولى إدارة أعمالها. ورغم سخرية أعضاء الفرقة من طموحه لجعلهم مشاهير، إلا أنهم يقبلون التعاون معه، لتبدأ قصة صناعة أشهر فرقة في العالم على يد براين إبستين.
يحافظ الفيلم على نبرة التفاؤل لأطول فترة ممكنة، ويضرب على وتر الصعود الأسطوري لـ"ذا بيتلز" تحت قيادة إبستين، ناسياً هدفه الحقيقي، إذ ينشغل بالتركيز على نجاحها، لدرجة نسيان التعمق في الشخصية الرئيسية التي صنع الفيلم لأجلها، فنحن لا نرى شيئاً عن طفولة إبستين أو نشأته، أو معاناته في التوفيق بين يهوديته ومثليته الجنسية، باستثناء مشهدين سريعين يوضحان الخوف الذي كان يسيطر عليه من المحيطين به لو علموا بميوله. وبالرغم من الأزياء والديكورات المذهلة، يبدو الفيلم وكأنه دراما مصورة، خاصة في القفزات الزمنية التي يظهر فيها جاكوب فورتشن لويد متحدثاً مباشرة إلى المشاهدين، راوياً ما عاشته "ذا بيتلز" من نجاحات أو إخفاقات، على خلفية تتبدل فيها اللقطات الأرشيفية القديمة للفرقة.
المشكلة الكبرى التي يطرحها الفيلم، وللمفارقة، هي الموسيقى، فلم يُسمح للمخرج جو ستيفنسون باستخدام أغاني فرقة "ذا بيتلز" في الفيلم؛ ما أجبر فريق العمل على تقديم نسخ باهتة وبلا روح من أغاني الفرقة في بداياتها، مثل أدائهم المرتبك لأغنية Some Other Guy في ليفربول. وحين نراهم يسجلون أغنية "كل ما تحتاجه هو الحب"، لا نسمع سوى المقاطع القليلة الأولى من الأغنية.

قال بول مكارتني في فيلم وثائقي لهيئة الإذاعة البريطانية قبل 30 عاماً: "إذا كان هناك شخص ما يمكن اعتباره "البيتلز الخامس"، فهو براين". الجملة ذاتها التي تظهر في خاتمة الفيلم، لكنها لا تنسينا الصورة التي ظهر عليها أعضاء الفرقة: بول مكارتني (بليك ريتشاردسون) وجون لينون (جونا ليز) وجورج هاريسون (ليو هارفي إليدج) وبيت بيست (آدم لورانس) ورينغو ستار (كامبل والاس)، إذ تحولوا إلى ما يشبه الرسوم الكاريكاتورية، خاصة مع محاولات الممثلين المستميتة لتقليد لهجة أبناء مدينة ليفربول الخشنة.
كان هناك كثير مما يستحق الغوص فيه في الحياة القصيرة لبراين إبستين، قبل أن يتحول إلى أحد أقطاب صناعة الموسيقى في العالم، وإذا كان صناع Midas Man يروجون لفكرة أن كل ما لمسه براين إبستين تحول إلى ذهب، فإن هذه اللمسة السحرية كانت أبعد ما تكون عن فيلمهم هذا.

المساهمون