ظلّت قناة "آر تي" (RT، "روسيا اليوم" سابقاً) الناطقة باسم الحكومة الروسية الرسمية، والتي تُعرف في الأوساط الإعلامية بأنها سلاح إعلامي بيد "الكرملين"، تتعاطى مع الأزمة السورية بشكلٍ سلبي، يخدم مصالح روسيا في سورية، إضافةً إلى مصالح النظام السوري، الذي تُعاني ماكينته الإعلامية من الاهتراء والترهّل، وعدم تجديد خطابها العاطفي الذي لم يعد يؤثّر بالسواد الأعظم من السوريين، بما فيهم المجتمع الموالي للأسد.
الشبكة بقنواتها، تحديداً تلك الناطقة باللغة العربية، عملت خلال معظم سنوات الثورة على تخوين المعارضة السورية من جهة، وإظهارها على أنها مجموعة فصائل متهالكة ليس لها أي تأثير سياسي أو استراتيجي على الأرض.
وعلى الضفاف الأخرى، عملت القناة على إظهار النظام بأنه الكيان الأكثر ثقلاً داخل البلاد، من دون أن تظهر حجم المناطق التي يسيطر عليها ووضعه العسكري والاقتصادي والاجتماعي في مناطقه، ويضاف إلى هاتين النقطتين، تعاطيها السلبي مع فكرة الإرهاب، وتسويقه في فكرة "النصرة" و"داعش" لتتجاهل الجهات الإرهابية الأخرى في سورية.
افتراء
كان آخر عمليات التلفيق، التي اتخذتها القناة، نشرها لخبرٍ تحدّث عن حدوث عراك بالأيدي بين أعضاء وفد المعارضة في جنيف.
وفي إثر ذلك، قرّرت "الهيئة العليا للمفاوضات"، المنبثقة عن مؤتمر الرياض للمعارضة السورية، مقاطعة قناة "روسيا اليوم" وعدم التعامل مع مراسليها أو مكاتبها أو الظهور على شاشاتها.
ونقلت مصادر إعلامية عن الناطق الرسمي باسم "الهيئة العليا للمفاوضات"، سالم المسلط، قوله "أودّ إفادة الزميلات والزملاء الصحافيين، بقرار الهيئة العليا للمفاوضات، والائتلاف الوطني السوري، ووفد المعارضة، بمقاطعة قناة روسيا اليوم، وعدم الظهور على شاشتها، أو التحدث إلى مراسليها، إلى حين صدور نفي واعتذار عن خبرها الكاذب حول الادعاء بحصول اشتباك بالأيدي في مقر وفد المعارضة السورية في جنيف". وأشارت الهيئة إلى أنه "نُشر خبر غير صحيح على موقع قناة روسيا اليوم، أن اشتباكاً بالأيدي جرى، أول من أمس، في مقر الهيئة العليا في جنيف بين أعضاء الوفد".
ولم يصدر أي اعتذار من "روسيا اليوم" عن خبرها المزوّر، لكنها عدلته على الموقع من "مصدر: اشتباك بالأيدي في مقر إقامة المعارضين السوريين بجنيف" إلى "المعارضة السورية تنفي حصول مشاجرة بين أعضائها في جنيف"، علماً بأن العنوان الأول لا يزال يظهر ضمن عنوان الموقع (URL)، عند فتح الخبر.
تلفيق الحقائق
قال العميد الركن، أحمد رحال، المحلل العسكري لـ "العربي الجديد"، إن "القناة لا تختلف إطلاقاً عن قنوات النظام السوري، لا في التعاطي مع الأحداث ولا في وجهة النظر السياسية".
وأضاف رحال، والذي سبق أن ظهر على هذه القناة عدّة مرات، أنها "تستضيف شخصيات من المعارضة، لكنها تقوم بالتضييق عليهم، عبر عدم منحهم وقتاً لشرح فكرتهم، واختيار أفكار تضعهم في موقع دفاعي"، لافتاً إلى أنّ القناة قامت في إحدى المرات بطرد أحد المذيعين، لأنه زاد في الضغط على المعارضة بحيث ظهرت وجهة نظر القناة الحقيقية من خلال تصرفاته، وهو ما تسعى "روسيا اليوم" لإخفائه.
ووفقاً للرحال، فإن القناة تسعى دائماً إلى الظهور بموقف المحايد الذي ليست لديه أي أجندة في الشأن السوري، والذي يقوم فقط بتغطية القضايا والأحداث السورية، لكنها في حقيقة الأمر تمثّل دور روسيا وسياستها في سورية.
وبيّن رحال أن تقارير القناة التي تعدّها من داخل المحافظات السورية التي يسيطر عليها النظام، تشبه إلى حدٍ كبير في المصطلحات والوجهة الإعلامية تقارير تلفزيون النظام الرسمي، موضحاً أنه يظهر على هذه القناة دائماً لتكذيب أخبارها الملفّقة وإعطاء الرأي الآخر، وقال: "لو دعاني تلفزيون النظام سأخرج عليه وأفضح بالأدلة أكاذيبه".
اقــرأ أيضاً
سلاح روسيا النوعي
بيّن الإعلامي السوري، أحمد كامل، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "روسيا اليوم هي مثل الطائرات التي تقصف المستشفيات والمدارس والملاجئ، وإحدى أدوات قتل وإبادة الشعب السوري، ومثل المحرقة التي يُحرق بها خمسون سورياً يومياً ومثل الصواريخ والطائرات والسلاح الكيميائي وأحياناً أشد تأثيراً".
وأضاف كامل، الذي ظهر عشرات المرات على شاشتها، أن القناة من أدوات المعركة ضد الشعب السوري وإحدى أسلحة الاحتلال الروسي، لأنها تبرّر جرائم الحرب التي ارتكبتها روسيا ضد الإنسانية وجرائم النظام وحزب الله وإيران، ولا علاقة لها بأي شكل من الأشكال بالعمل الإعلامي، كونها وسيلة دعاية مثل وسائل دعاية هتلر وستالين وإنما بثوب جميل، وهي ممنوع بثها في بريطانيا في مؤسسة بريطانيّة حكومية، لأنها أداة دعاية لا تعطي معلومات وإنما دعاية مغرضة.
وأضاف أنه لا يمكن اعتبارها قناة روسية رسمية ناطقة باسم الدولة، وإنما وسيلة دعاية بيد النظام الروسي الذي يسعى لتحقيق مكاسب في سورية.
عرض الجريمة بشكلٍ أحادي
يوضح كامل أن القناة تحاول مواكبة الحداثة الإعلامية، عبر استضافة معارض سوري، لكنها تقوم باختيار موضوعٍ يضعه في خانة الدفاع عن نفسه، وتحصر مواضيعها بـ"جبهة النصرة" وتنظيم "داعش"، وتناقش الإرهاب، لكنها تستثني الإرهاب المقابل، والذي يمثّل ما يرتكبه النظام السوري من عمليات إرهابية في سورية، إضافةً إلى إرهاب إيران والمليشيات التابعة لها و"حزب الله". وقال: "الإرهاب بالنسبة لروسيا اليوم هو داعش والنصرة، ولا تجد أي إرهابٍ آخر في سورية، علماً بأن مليشيات إيران، وأبرزها حزب الله، ليست إرهابيةً وحسب وإنما محتلة".
وتابع: "تحاول القناة الظهور بمظهر حضاري، لكن الضيف يكون محشوراً ولا يستطيع فعل أي شيء، ويكون في موقع دفاع عن نفسه، ويكون الوقت ضيقاً بالنسبة له، إضافةً إلى أن الضيف الموالي للنظام يكون مهاجماً دون أدنى احترام معايير النقاش على الشاشات الإعلامية".
وأوضح أنها تنحاز للأكراد ضد العرب، ولطوائف إسلامية ضد أخرى، ولم تصف أي مجموعة تابعة لإيران بأنها إرهابية أو متشدّدة، بل على العكس تعترف بها وتهاجم الجهات الأخرى.
ومن جهةٍ أخرى، تحاول القناة التلاعب على القوى داخل سورية، حيث تركّز دائماً خلال أسئلتها على تشتّت المعارضة، علماً بأنها لم تركز أي مرة على تشتّت النظام السوري، وتصفه بأنه الدولة السورية، علماً بأنه بعد مساعدة روسيا وإيران والمليشيات الطائفية، يسيطر على حوالى ربع سورية فقط، موضحاً أنها لم تركّز أي مرّة على تشتّت الأحزاب الكردية التي يبلغ عددها أكثر من 150 حزباً، ولا على تشتّت المليشيات التابعة لإيران.
وأردف كامل أنها كانت تحاول تأييد وتبرير جرائم الكييائي، لكن أبرز ما كانت ترتكبه هو أنها تدمج المعارضة مع "داعش"، وفي هذا تزوير كامل للحقيقة، لافتاً إلى أنها تستضيف المعارض السوري على أنه ناطق باسم تنظيم "داعش"، علماً بأنه لا يوجد أي ارتباط بين التنظيم والمعارضة، بل على العكس فإن التنظيم فتك وحارب فصائل المعارضة في عدّة مدن ومحافظات سورية.
واعتبر كامل أن القناة تنجح في توصيل أفكارها فقط إلى البيئات المحاصرة فكرياً حيث تحقّق نسبة مشاهدة عالية في مناطق النظام في سورية، لأن إعلام النظام اهترأ ولم تعد أساليبه البدائية تقنع الموالين، وجاءت قناة "روسيا اليوم" لتقوم بهذه المهمة.
الشبكة بقنواتها، تحديداً تلك الناطقة باللغة العربية، عملت خلال معظم سنوات الثورة على تخوين المعارضة السورية من جهة، وإظهارها على أنها مجموعة فصائل متهالكة ليس لها أي تأثير سياسي أو استراتيجي على الأرض.
وعلى الضفاف الأخرى، عملت القناة على إظهار النظام بأنه الكيان الأكثر ثقلاً داخل البلاد، من دون أن تظهر حجم المناطق التي يسيطر عليها ووضعه العسكري والاقتصادي والاجتماعي في مناطقه، ويضاف إلى هاتين النقطتين، تعاطيها السلبي مع فكرة الإرهاب، وتسويقه في فكرة "النصرة" و"داعش" لتتجاهل الجهات الإرهابية الأخرى في سورية.
افتراء
كان آخر عمليات التلفيق، التي اتخذتها القناة، نشرها لخبرٍ تحدّث عن حدوث عراك بالأيدي بين أعضاء وفد المعارضة في جنيف.
وفي إثر ذلك، قرّرت "الهيئة العليا للمفاوضات"، المنبثقة عن مؤتمر الرياض للمعارضة السورية، مقاطعة قناة "روسيا اليوم" وعدم التعامل مع مراسليها أو مكاتبها أو الظهور على شاشاتها.
ونقلت مصادر إعلامية عن الناطق الرسمي باسم "الهيئة العليا للمفاوضات"، سالم المسلط، قوله "أودّ إفادة الزميلات والزملاء الصحافيين، بقرار الهيئة العليا للمفاوضات، والائتلاف الوطني السوري، ووفد المعارضة، بمقاطعة قناة روسيا اليوم، وعدم الظهور على شاشتها، أو التحدث إلى مراسليها، إلى حين صدور نفي واعتذار عن خبرها الكاذب حول الادعاء بحصول اشتباك بالأيدي في مقر وفد المعارضة السورية في جنيف". وأشارت الهيئة إلى أنه "نُشر خبر غير صحيح على موقع قناة روسيا اليوم، أن اشتباكاً بالأيدي جرى، أول من أمس، في مقر الهيئة العليا في جنيف بين أعضاء الوفد".
ولم يصدر أي اعتذار من "روسيا اليوم" عن خبرها المزوّر، لكنها عدلته على الموقع من "مصدر: اشتباك بالأيدي في مقر إقامة المعارضين السوريين بجنيف" إلى "المعارضة السورية تنفي حصول مشاجرة بين أعضائها في جنيف"، علماً بأن العنوان الأول لا يزال يظهر ضمن عنوان الموقع (URL)، عند فتح الخبر.
تلفيق الحقائق
قال العميد الركن، أحمد رحال، المحلل العسكري لـ "العربي الجديد"، إن "القناة لا تختلف إطلاقاً عن قنوات النظام السوري، لا في التعاطي مع الأحداث ولا في وجهة النظر السياسية".
وأضاف رحال، والذي سبق أن ظهر على هذه القناة عدّة مرات، أنها "تستضيف شخصيات من المعارضة، لكنها تقوم بالتضييق عليهم، عبر عدم منحهم وقتاً لشرح فكرتهم، واختيار أفكار تضعهم في موقع دفاعي"، لافتاً إلى أنّ القناة قامت في إحدى المرات بطرد أحد المذيعين، لأنه زاد في الضغط على المعارضة بحيث ظهرت وجهة نظر القناة الحقيقية من خلال تصرفاته، وهو ما تسعى "روسيا اليوم" لإخفائه.
ووفقاً للرحال، فإن القناة تسعى دائماً إلى الظهور بموقف المحايد الذي ليست لديه أي أجندة في الشأن السوري، والذي يقوم فقط بتغطية القضايا والأحداث السورية، لكنها في حقيقة الأمر تمثّل دور روسيا وسياستها في سورية.
وبيّن رحال أن تقارير القناة التي تعدّها من داخل المحافظات السورية التي يسيطر عليها النظام، تشبه إلى حدٍ كبير في المصطلحات والوجهة الإعلامية تقارير تلفزيون النظام الرسمي، موضحاً أنه يظهر على هذه القناة دائماً لتكذيب أخبارها الملفّقة وإعطاء الرأي الآخر، وقال: "لو دعاني تلفزيون النظام سأخرج عليه وأفضح بالأدلة أكاذيبه".
سلاح روسيا النوعي
بيّن الإعلامي السوري، أحمد كامل، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "روسيا اليوم هي مثل الطائرات التي تقصف المستشفيات والمدارس والملاجئ، وإحدى أدوات قتل وإبادة الشعب السوري، ومثل المحرقة التي يُحرق بها خمسون سورياً يومياً ومثل الصواريخ والطائرات والسلاح الكيميائي وأحياناً أشد تأثيراً".
وأضاف كامل، الذي ظهر عشرات المرات على شاشتها، أن القناة من أدوات المعركة ضد الشعب السوري وإحدى أسلحة الاحتلال الروسي، لأنها تبرّر جرائم الحرب التي ارتكبتها روسيا ضد الإنسانية وجرائم النظام وحزب الله وإيران، ولا علاقة لها بأي شكل من الأشكال بالعمل الإعلامي، كونها وسيلة دعاية مثل وسائل دعاية هتلر وستالين وإنما بثوب جميل، وهي ممنوع بثها في بريطانيا في مؤسسة بريطانيّة حكومية، لأنها أداة دعاية لا تعطي معلومات وإنما دعاية مغرضة.
وأضاف أنه لا يمكن اعتبارها قناة روسية رسمية ناطقة باسم الدولة، وإنما وسيلة دعاية بيد النظام الروسي الذي يسعى لتحقيق مكاسب في سورية.
عرض الجريمة بشكلٍ أحادي
يوضح كامل أن القناة تحاول مواكبة الحداثة الإعلامية، عبر استضافة معارض سوري، لكنها تقوم باختيار موضوعٍ يضعه في خانة الدفاع عن نفسه، وتحصر مواضيعها بـ"جبهة النصرة" وتنظيم "داعش"، وتناقش الإرهاب، لكنها تستثني الإرهاب المقابل، والذي يمثّل ما يرتكبه النظام السوري من عمليات إرهابية في سورية، إضافةً إلى إرهاب إيران والمليشيات التابعة لها و"حزب الله". وقال: "الإرهاب بالنسبة لروسيا اليوم هو داعش والنصرة، ولا تجد أي إرهابٍ آخر في سورية، علماً بأن مليشيات إيران، وأبرزها حزب الله، ليست إرهابيةً وحسب وإنما محتلة".
وتابع: "تحاول القناة الظهور بمظهر حضاري، لكن الضيف يكون محشوراً ولا يستطيع فعل أي شيء، ويكون في موقع دفاع عن نفسه، ويكون الوقت ضيقاً بالنسبة له، إضافةً إلى أن الضيف الموالي للنظام يكون مهاجماً دون أدنى احترام معايير النقاش على الشاشات الإعلامية".
وأوضح أنها تنحاز للأكراد ضد العرب، ولطوائف إسلامية ضد أخرى، ولم تصف أي مجموعة تابعة لإيران بأنها إرهابية أو متشدّدة، بل على العكس تعترف بها وتهاجم الجهات الأخرى.
ومن جهةٍ أخرى، تحاول القناة التلاعب على القوى داخل سورية، حيث تركّز دائماً خلال أسئلتها على تشتّت المعارضة، علماً بأنها لم تركز أي مرة على تشتّت النظام السوري، وتصفه بأنه الدولة السورية، علماً بأنه بعد مساعدة روسيا وإيران والمليشيات الطائفية، يسيطر على حوالى ربع سورية فقط، موضحاً أنها لم تركّز أي مرّة على تشتّت الأحزاب الكردية التي يبلغ عددها أكثر من 150 حزباً، ولا على تشتّت المليشيات التابعة لإيران.
وأردف كامل أنها كانت تحاول تأييد وتبرير جرائم الكييائي، لكن أبرز ما كانت ترتكبه هو أنها تدمج المعارضة مع "داعش"، وفي هذا تزوير كامل للحقيقة، لافتاً إلى أنها تستضيف المعارض السوري على أنه ناطق باسم تنظيم "داعش"، علماً بأنه لا يوجد أي ارتباط بين التنظيم والمعارضة، بل على العكس فإن التنظيم فتك وحارب فصائل المعارضة في عدّة مدن ومحافظات سورية.
واعتبر كامل أن القناة تنجح في توصيل أفكارها فقط إلى البيئات المحاصرة فكرياً حيث تحقّق نسبة مشاهدة عالية في مناطق النظام في سورية، لأن إعلام النظام اهترأ ولم تعد أساليبه البدائية تقنع الموالين، وجاءت قناة "روسيا اليوم" لتقوم بهذه المهمة.