شهدت الشهور الثلاثة الماضية إنفاقاً غير مسبوق في محاولة للتأثير على صناع القرار في الإدارة الأميركية من قبل شركات تكنولوجية كـ "غوغل"، "أوبر"، "أمازون"، "أبل"، "فيسبوك" و"مايكروسوفت"، وبلغ إجمالي إنفاقها 15.69 مليون دولار أميركي.
وأفادت كشوفات مالية أتيحت للعامة، في وقت متأخر من مساء الخميس، بأن إنفاق شركة "غوغل" في العام الحالي للضغط على المسؤولين المنتخبين في الإدارة الأميركية تجاوز إنفاقها في الأعوام الماضية كافة، وفقاً لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.
وأنفقت "غوغل" 5.93 ملايين دولار أميركي، بين 1 أبريل/نيسان و30 يونيو/حزيران الماضيين، متفوقة بذلك على أي شركة أخرى في الربع الثاني من العام الحالي. ويعكس المبلغ المذكور ارتفاعاً بنسبة 40 في المائة عما أنفقته الشركة خلال الفترة نفسها في العام الماضي.
وتفوقت على إنفاق غوغل ثلاثة كيانات هي: "غرفة التجارة الأميركية" بمبلغ 11.68 مليون دولار أميركي، "الرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين" بمبلغ 10.92 ملايين دولار أميركي، و"البحوث الصيدلانية ومصنعو أميركا" بمبلغ 6 ملايين دولار أميركي.
يشار إلى أنه منذ الانتخابات الرئاسية الأميركية في العام الماضي، كان على صنّاع التكنولوجيا اجتياز كونغرس يسيطر عليه الجمهوريون، وإدارة كاملة أضرّت قراراتها في معظم الأحيان بالمصالح التجارية في "وادي السيليكون" وبالتوقعات التقدمية عامة.
وفي هذا السياق، نقلت الصحيفة عن المدير التنفيذي لمجموعة Tech: NYC التي تمثل الشركات التكنولوجية في مدينة نيويورك الأميركية، جولي سامويلز، أمس الجمعة، قوله إن "بعض شركات التكنولوجيا لم تختبر سوى عالم توافق معها رئيس البلاد فيه إلى حد كبير"، وأضاف سامويلز "لذا، فإن الكثيرين يصارعون لإدراك كيفية العيش في فضاء متوتر".
ويتزامن ارتفاع الإنفاق مع تحول جذري في المشهد السياسي في واشنطن والانقسامات الحادة بين الناخبين. إذ خلال الشهور الأولى من الرئاسة الجديدة، اشتبك المديرون التنفيذيون في كبرى شركات التكنولوجيا في "وادي السيليكون" مع الرئيس دونالد ترامب، على خلفية قراراته المثيرة للجدل بفرض حظر سفر على بلدان ذات أغلبية مسلمة بالإضافة إلى انسحابه من اتفاقية باريس للمناخ.
كما تأتي جهود "غوغل" في مجال الضغط بينما تواجه الشركة ضغوطاً من قبل الاتحاد الأوروبي، بسبب هيمنتها على السوق، إذ في يونيو/حزيران الماضي غرّم رئيس الاتحاد الأوروبي لمكافحة الاحتكار "غوغل" مبلغاً قياسياً قدره 2.7 مليون دولار أميركي.
لذا، مع وصول الرئاسة الجديدة بقيادة ترامب، كان على "غوغل و"ستايتسايد" وشركات أخرى التكيف مع نظام سياسي جديد لا تربطهم فيه علاقة وثيقة مع الرئيس، خلافاً للعلاقة التي أسسوها مع الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، خاصة أن البعض في واشنطن دعا خلال الشهور الثلاثة الماضية إلى زيادة التدقيق في المنصات التكنولوجية المهيمنة.
"غوغل" ضغطت على مجلس النواب والبيت الأبيض، وشملت القضايا التي ضغطت من أجلها: "استجابات تشريعية" لقرار حظر السفر التي أصدرها الرئيس، هجرة أصحاب المهارات العالية، التعليم، قانون الولايات المتحدة والقانون الدولي لمكافحة الاحتكار، تنظيمات الخصوصية الخاصة بلجنة الاتصالات الاتحادية، وحرية التعبير.
أما "أمازون" فأنفقت مبلغ 3.21 ملايين دولار أميركي، مقارنة بـ 3 ملايين دولار أميركي خلال الفترة نفسها في العام الماضي. وضغطت على الكونغرس، البيت الأبيض، ووكالات اتحادية عدة، بينها "ناسا" وإدارة الاتحادية ولجنة التجارة الاتحادية.
"أوبر" التي واجهت عاماً مضطرباً دفعت 430 ألف دولار أميركي، بزيادة بنسبة 40 في المائة عما دفعته خلال الفترة نفسها في العام الماضي.
وأنفقت "أبل" 2.2 مليون دولار أميركي، بزيادة قدرت بحوالي 80 في المائة عن العام الماضي (1.23 مليون دولار أميركي)، وضغطت الشركة المصنعة لهواتف "أيفون" على الكونغرس، وإدارة النقل، وإدارة الغذاء والدواء، وغيرها. وخصصت الشركة أموالاً نقدية للغط في قضايا مثل تصنيعها السيارات ذاتية القيادة، تطبيقات الصحة المتنقلة والإصلاح الضريبي الدولي.
أما شركتا "فيسبوك" و"مايكروسوفت" فلم تظهر الكشوفات أي إنفاق لهما على الضغط خلال الربع الثاني، لكن في الربع الأول أنفقت "فيسبوك" 2.38 مليون دولار أميركي في الضغط على الحكومة الاتحادية، مقارنة بـ 2.19 مليون دولار أميركي في العام الماضي.
"فيسبوك" ضغطت على مجلس النواب، البيت الأبيض، وست وكالات اتحادية، في قضايا تتعلق بالإرهاب، وحيادية شبكة الإنترنت، وخصوصية الإنترنت، والتشفير والضرائب الدولية.
"مايكروسوفت" أنفقت 2.07 مليون دولار أميركي، وصرفت المبلغ نفسه في العام الماضي. وضغطت على الكونغرس، ووزارة الأمن الداخلي ووزارة الخارجية، وركزت على قضايا من بينها الأمن السيبراني، وهجرة المهارات العالية، واتفاقية باريس للمناخ.
(العربي الجديد)