قبل أيام من إتمامه العام الخامس بالسجن، دون صدور حكم قضائي عليه، ينتظر المصور الصحافي المصري، محمود أبو زيد الشهير بـ"شوكان"، ومئات آخرون، حكم المحكمة في القضية المعروفة إعلاميًا بـ"مذبحة رابعة العدوية".
وتُنظر قضية شوكان من قبل محكمة جنايات القاهرة المنعقدة بمعهد أمناء الشرطة، برئاسة المستشار حسن فريد.
وقبل يوم واحد من محاكمته، طالبت منظمات حقوقية مصرية ودولية بتبرئته، ومع ذلك خشيت المنظمات نفسها محاكمة جائرة أو من أن يطاول شوكان حكم بالإدانة دون تفرقة مع باقي المتهمين في نفس القضية.
حيث أصدرت منظمة العفو الدولية، بيانًا قالت فيه إن "السلطات المصرية تعتمد على صمتنا وإحباطنا، مع انتشار الظلم وتعدد أساليب التخويف يتساءل البعض ما الجدوى؟ لكن اليوم نقول لكم، الطريق الوحيد هو رفع صوتنا عالياً، جميعاً، سوياً". وأضافت المنظمة "هذه المحاكمة الجماعية، محاكمة جائرة!".
ودعت لنشر فيديو تعريفي بقضية شوكان، وقالت إن "الإصرار على نشر قصص كهذه هو من الوسائل الوحيدة التي يمكننا بها مطالبة الحكومة المصرية بوضع حد لهذا الظلم".
كما طالبت مؤسسة حرية الفكر والتعبير وهي منظمة مجتمع مدني مصرية، بتبرئة المصوِّر الصحافي محمود أبو زيد، في جلسة النطق بالحكم في قضيته، والمقرر انعقادها غدا السبت 28 يوليو/تموز 2018.
وكانت المحكمة قد قررت في جلستها التي عقدت يوم 30 يونيو/حزيران 2018 مد أجل النطق بالحكم في القضية لجلسة السبت 28 يوليو/تموز الجاري، وذلك لأن وزارة الداخلية لم تحضر المتهمين من محبسهم، ولاستمرار المحكمة في التداول في القضية، مع استمرار حبس المتهمين على ذمة القضية.
وقالت المؤسسة في بيان لها، إنها "تخشى أن تتعامل هيئة المحكمة مع كافة المتهمين بالقضية المتهم بها شوكان دون تفرقة". قضية فض اعتصام رابعة العدوية، تضم 739 متهمًا شملهم قرار الإحالة الصادر من النيابة العامة، وهؤلاء المتهمون تختلف ملابسات القبض عليهم والتحقيق معهم من شخص إلى آخر. وقد حدثت عمليات واسعة من القبض العشوائي، التي استهدفت من خلالها أجهزة الأمن المتواجدين بمحيط التظاهرات والتجمعات التي جرت بعد أحداث 30 يونيو/حزيران 2013.
وقالت المؤسسة "على محكمة الجنايات بعد عامين من نظر القضية أن تفرق بين المتورطين في استخدام العنف وهؤلاء المقبوض عليهم بشكل عشوائي".
وأكدت المؤسسة "أن شوكان عوقب بالفعل بالحبس خمس سنوات قضاها، وهو بحكم القانون بريء لم تثبت إدانته بعد".
وسبق وأشارت المؤسسة غير مرة إلى استخدام الحبس الاحتياطي، باعتباره عقوبة في حد ذاته، وليس مجرد تدبير احترازي لحماية التحقيقات.
كما أكدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير، أن هيئة الدفاع عن المصوِّر الصحافي شوكان قدَّمت خلال مرحلة تداول القضية أمام محكمة جنايات القاهرة، وقبلها أثناء تحقيقات النيابة العامة التي استمرت لثلاث سنوات متواصلة، كل الأوراق التي تفيد بسبب وجود شوكان في مسرح الأحداث، أثناء قيام قوات من الشرطة والجيش بفض اعتصام أنصار الرئيس الأسبق محمد مرسي بميدان رابعة العدوية ومحيطه. وقدمت هيئة الدفاع التفويض الصادر من وكالة "ديموتكس" الصحافية للمصور الصحافي شوكان بتصوير عمليات فض الاعتصام لصالحها، وذلك بناء على الدعوة التي وجهتها وزارة الداخلية لوسائل الإعلام المحلية والأجنبية لتغطية عمليات الفض.
يشار إلى أن شوكان يُعاني من مرض مزمن، وهو مرض أنيميا البحر الأبيض المتوسط، والذي يتطلب عناية طبية متواصلة، لا تتوفر لشوكان في ظل تردي الرعاية الطبية في السجن، وكذلك تعنُّت إدارة السجن في نقله للمستشفى لتلقي العلاج المناسب. وأدى طول فترة حبس شوكان احتياطيًا، والتي تزيد عن خمس سنوات، إلى تدهور حالته الصحية بشكل ملحوظ.
ولهذا؛ تُحمِّل مؤسسة حرية الفكر والتعبير السلطات المصرية كامل المسؤولية عن أي مضاعفات صحية قد تصيب شوكان خاصةً في حالة الحكم بسجنه.
ولأن شوكان كان قد حصل على جائزة حرية الصحافة الدولية من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) عن العام 2018؛ تخشى مؤسسة حرية الفكر والتعبير من وجود موقف سياسي مُسبق تجاه شوكان، خاصة وأن المتحدث باسم وزارة الخارجية أصدر بيانا تعليقًا على اعتزام منظمة اليونسكو منح شوكان جائزتها العالمية لحرية الصحافة، معربا عن أسف وزارة الخارجية الشديد لاعتزام اليونسكو منح الجائزة لأحد المتهمين بممارسة أعمال عنف في مصر، بحسب بيان الوزارة.
لذا؛ دعت مؤسسة حرية الفكر والتعبير إلى تبرئة شوكان والإفراج عنه فورا، حتى يتمكن من تلقي الرعاية الصحية اللازمة.
و"شوكان" هو مصور صحافي لوكالة "ديموتكس"، وأُلقي القبض عليه في مذبحة رابعة العدوية في 14 أغسطس/آب 2013، ويواجه تهم "التظاهر بدون ترخيص، والقتل، والشروع في القتل، وحيازة سلاح ومفرقعات ومولوتوف، وتعطيل العمل بالدستور، وتكدير السلم العام".
تخرج من أكاديمية أخبار اليوم، وأعلن احترافه التصوير الصحافي منذ التحاقه بها. بدأ بالتدرب في جريدة الأهرام المسائي بالإسكندرية وهو ما زال طالًبا، مروًرا بمشروع التخرج، إذ كان الوحيد بين رفاقه الذي اختار فكرته عن التصوير، وقد حاول العمل في عدد من الجرائد لكن حظه كان عثرا.
وما يزيد الوضع القانوني لشوكان صعوبة هو طبيعة عمله الصحافي "الحر"، وعدم تقييده بنقابة الصحافيين التي لا تعترف لوائحها به كصحافي مرخص له بمزاولة المهنة، لأن الحصول على عضوية نقابة الصحافيين باتت الطريقة الرسمية والسليمة الوحيدة التي يستطيع من خلالها الصحافيون الحصول على مستوى محترم من الحماية القانونية.