للمرة الأولى في لبنان، ستقام انتخابات نيابية وسط سطوة كبيرة لمواقع التواصل الاجتماعي. فقبل تسع سنوات، تاريخ إجراء آخر انتخابات نيابيّة، لم تكن الشبكات الاجتماعيّة منصّاتٍ للآراء السياسيّة ورفع الصوت، بل كانت تقتصر على التواصل بين الأصدقاء والأهل المقرّبين،
ولا تتعدّى حدود استخدامها الدردشة ونشر الصور الشخصيّة.
يستخدم اللبنانيّون مواقع التواصل للتعبير عن آرائهم والسخرية بشكلٍ أساسي. وساهمت الشبكات الاجتماعيّة في الدعوة للتظاهرات الشعبيّة ونشر رسالة "المجتمع المدني" بشكلٍ بارز بعد التمديد للمجلس النيابي عام 2013، وبعد أزمة النفايات التي خرجت على إثرها تظاهرات "طلعت ريحتكم"، وأنشأت، بالتالي، "كوادر" أصبحوا مؤثّرين في الخطاب السياسي في البلاد. بعض هؤلاء مرشحون اليوم للانتخابات النيابية، وهو ما دفع البعض إلى القول ساخراً "كل من يحصل على مائتي إعجاب على فيسبوك يصبح مؤهلاً للترشح".
عام 2009، لم تكُن مواقع التواصل منصّات سياسيّة بالشكل الذي هي عليه اليوم. لكنّ المشهد بعد تسع سنوات، مختلفٌ تماماً: مواقع التواصل اليوم، (بكلّ ما يحمله التعبير من كليشيهيّة) باتت ساحة اللبنانيين جميعاً، بمختلف فئاتهم وتوجّهاتهم وآرائهم وميولهم. عليها، ينظّرون ويدعون للتغيير، رغم أنّ تصريحاتهم قد تولد وتُدفن هناك.
اقــرأ أيضاً
الإعلام والإعلان
يشهد لبنان تجييشاً واسعاً من الأحزاب للانتخابات البرلمانيّة المرتقبة في أيار/مايو المقبل، جعلت للظهور الإعلامي والمساحات الإعلانيّة أهميةً أكبر.
أطلقت الأحزاب التقليديّة شعاراتها، فاعتمد "حزب الله" شعار "نحمي ونبني"، بينما اختار "تيار المستقبل" شعار "نحنا الخرزة الزرقا"، واعتمدت حركة أمل شعار "صوتَك أمل"، بينما اختار حزب الكتائب شعار "عنا الحل" و"نبض"، واختار "حزب سبعة" شعار "ابتسامة وطن"، فيما "القوات اللبنانية" اعتمد في إعلاناته شعار "صار بدّا"، و"التيار الوطني الحر" اعتمد "التيار القوي للبنان القوي".
وتنتشر الإعلانات "المبشّرة" بتلك الأحزاب وبرامجها في الشوارع، وهي التي يُحدّدها قانون الانتخاب الجديد بكلّ مادة أو نشرة ترويجيّة لجهة مرشحة يتم بثها أو نشرها مقابل بدل مالي ضمن الوقفات والمساحات المخصصة للإعلانات التجارية لدى مؤسسات الإعلام والإعلان.
على الشاشات أيضاً، بدأ المرشحون ببثّ إعلاناتهم واختيار منصّاتهم وبرامجهم للظهور الإعلامي. ويقول مصدر مطّلع على أسعار الباقات الإعلاميّة التي تقدّمها التلفزيونات اللبنانيّة أنّ قناة "إم تي في" طلبت من المرشحين مبلغ 250 ألف دولار مقابل الظهور الإعلامي على شاشتها في برنامج صباحي وبرنامج بعد الظهر وفي البرامج المسائية الترفيهيّة والحواريّة بالإضافة إلى 3 تقارير في النشرة المسائيّة.
وطلبت قناة "إل بي سي آي" مبلغ 200 ألف دولار. هذا فيما تحدثت معلومات عن حصول قناة "الجديد" على مبلغ 45 ألف دولار مقابل مقابلة أجرتها مع أمين عام حزب "سبعة"، جاد داغر، في برنامج "الأسبوع في ساعة" الحواري المسائي الذي يقدمه جورج صليبي.
أما في ما يخصّ الإعلانات فطلبت قناة "إم تي في" وحدها مبلغ 55 ألف دولار مقابل إعلانٍ يبثّ 4 مراتٍ في الأسبوع، خارج أوقات الذروة، مع تقرير واحد في النشرة المسائيّة. كما طلبت 25 ألف دولار لبثّ مباشر مدّته ربع ساعة.
ويُحدّد قانون الانتخاب اللبناني الصادر في الجريدة الرسمية بتاريخ 17 يونيو/حزيران عام 2017، الإعلام الانتخابي بالمواد الإعلامية كالأخبار والتحاليل والتصاريح والمقابلات والمناظرات والحوارات والتحقيقات والمؤتمرات الصحافية واللقاءات التي تتعلق بالانتخابات بصورةٍ مباشرة أو غير مباشرة، ويجري بثها من دون مقابل ضمن البرامج العادية أو الاستثنائية لمؤسسة إعلاميّة.
أما الدعاية الانتخابية، فهي، قانوناً، كلّ مادة تتعلق ببرامج الجهات المرشحة حملاتها الانتخابيّة ومواقفها الانتخابية والسياسية، وتكون مسجّلة في استديوهات مؤسسة الإعلام أو خارجها وترغب الجهة المرشحة أن تتوجه بها إلى الناخبين عبر بثّها لحسابها الخاص ضمن برامج مؤسسات الإعلام المخصصة لتلك الغاية ومقابل بدلٍ مادي.
كلّ هذا موجود في القانون. لكنّ الأخير لا يلحظ مواقع التواصل الاجتماعي، الساحة الأكبر للمرشّحين والناخبين على حدّ سواء. فيحدد النصّ القانوني، وسائل الإعلام بـ"كل وسيلة إعلاميّة رسمية أو خاصة مرئية أو مطبوعة أو مقروءة أو إلكترونية مهما كانت تقنيتها".
لكنّه لا يتحدث عن مواقع التواصل الاجتماعي (وهو حال جميع قوانين الانتخاب في العالم). وتتيح الأخيرة نشر إعلاناتٍ لمجموعاتٍ محددة تكون محلّ تركيز المرشح/اللائحة بأسعار أقلّ بكثير مما تطلبه وسائل الإعلام وشركات الإعلانات. وفيما لا يمكن نكران أهمية دور الإعلام في الترويج لمرشحٍ ما، يبدو لـ"فيسبوك" بالتحديد دورًا كبيرًا في بثّ الدعايات، خاصة الموجّهة للشباب. وتبدأ أسعار الإعلانات على "فيسبوك" من دولارٍ واحد وهو مفتوح بحسب عدد مَن يريد المستخدم الوصول إليهم وعلى مدى كم يوم.
كما يستطيع المُعلن استهداف شريحةٍ معيّنة بحدّ ذاتها والوصول إلى مَن يريدهم بشكلٍ محدد، ويستطيع قياس نسبة مَن وصلهم الإعلان بوتيرة آنية وأسرع من شركات الإحصاء في الإعلانات.
وحتى إن أرادت هيئة الإشراف على الإنتخابات مراقبة الصرف على مواقع التواصل، لن تستطيع السيطرة على الإنفاق أصلاً. فيمكن لأي شخص أن ينشئ حساباً وهمياً باسم مرشحٍ ما، وأن يدفع مبالغ مالية مقابل إعلاناتٍ ترويجية له أو للائحته، من دون أن يكون هناك إثبات على دور المرشح في الإنفاق الإعلاني.
وفي هذا الإطار، تعدّ المبالغ الماليّة التي يتيح القانون للمرشح صرفها خياليّة. فيُحدّد القانون سقف الإنفاق الانتخابي الثابت بمئة ألف دولار للمرشح نفسه، ومبلغ مئة ألف دولار أخرى للائحة عن المرشح، بالإضافة إلى سقف متحرّك قيمته 5 آلاف ليرة لبنانية عن كلّ مرشح (الدولار يساوي 1500 ليرة لبنانية) لكلّ شخص في دائرة المرشّح، أي إنّ المبلغ يساوي عدد الناخبين (ضرب) 5 آلاف، مما يعني أنّ الحد الأدنى للصرف المتاح قانوناً لكلّ مرشح هو 600 ألف دولار ويصل في بعض الحالات إلى 900 ألف دولار.
وعلى الرغم أنّ تلك المبالغ صعبة التخطّي لجهة إنفاق المرشحين، إذ إنّها مرتفعة، إلا أنّ القانون نفسه لا يلحظ الإنفاق عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وبالتالي لن تتمكن هيئة الإشراف على الانتخابات من تحديد وجود مخالفات.
السخرية والتجييش
بينما تنتشر "لجان إلكترونية" من مؤيدي حزبٍ معيّن على الشبكات الاجتماعية وتحاول شدّ العصب له ونشر رسالته السياسية (القليلة أصلاً في هذه الانتخابات)، تبدو السخرية الرابح الأكبر هذا الموسم أيضاً.
فاللبنانيون المعروفون بـ"من يرقصون رغم الأحزان" يلجؤون للضحك لتوجيه رسائل ضدّ نوابهم ووزرائهم. لكنّ تلك السخرية قد تلعب دوراً معاكساً، فتتحول إلى ترويجٍ لصالح مرشح أو لائحة.
هكذا، على سبيل المثال، ساهمت السخرية من حزب "سبعة" وإنشاء صفحات ساخرة كـ"ستة" و"خمسة" وغيرها (إضافةً طبعاً إلى حملات الحزب الجديد وأمواله الطائلة) بنشر دعاياته وأفكاره.
كما ساهم "الساركازم" بنشر دعاية تيار المستقبل، عن غير قصد، في ما يخصّ "الخرزة الزرقا"، ليتسبب بالتالي بنجاح الـ"بازّ الإعلامي" والـ"تريند" الذي كان يهدف له معدّو الحملة الدعائيّة أصلاً.
كذلك تسبّبت السخرية (الضرورية) من منشورات صفحة "نحمي ونبني" التابعة لـ "حزب الله" (وتسميتها لحمة ولبنة)، بانتشار مقاطع الفيديو (الفكاهية) على صعيد أوسع.
مراقبة المحتوى
في ضوء ما تعرّضت له الانتخابات الرئاسيّة الأميركيّة عام 2016 من اختراق عبر متصيدين (ترولز) تابعين للكرملين الروسي، أنشأوا حساباتٍ وهميّة بأسماء أميركيين ونشروا أخباراً كاذبة وعملوا على تأجيج الانقسام والتوتّر بين الأميركيين، وهو ما يعتقد على نطاقٍ واسع أنّه أدّى إلى التأثير على نتائج الانتخابات وفوز الجمهوري دونالد ترامب بكرسي البيت الأبيض، تُطرح أسئلةٌ متعدّدة حول دور تلك الشبكات في لبنان هذه المرة.
وغالباً ما تكون الأخبار الكاذبة المنتشرة على مواقع التواصل في لبنان مرتبطةً بأحداث سياسيّة في الخارج، أو بمنشوراتٍ تستجدي العاطفة من أجل الانتشار.
وقد يكون صغر مساحة البلد سبباً في عدم انتشار الأنباء المضلّلة أو الزائفة على نحوٍ واسع، إلا أنّ هذا لا يعني عدم وجودها.
التضليل نفسه قد يكون عبر الإيحاء بأنّ حزباً ما يحصد الكثير من التفاعل على "تويتر" ويتصدّر حتى لائحة الأكثر تداولاً، في حين تكون تلك التفاعلات أو استخدام الوسم التابع للحزب أو المرشح أو اللائحة من قبل حساباتٍ وهمية (bots)، وبالتالي تشجيع مستخدمين حقيقيين على التفاعل مع حملةٍ ما.
هذا عدا عن التجاوزات التي قد تتمثّل بالوعود بالرشاوى مقابل الحشد للائحةٍ معيّنة، أو حتى تهديد مؤيدي مجموعةٍ ما بالإيذاء في حال خرجت لتقترع لها على سبيل المثال.
ولا يلحظ القانون الرشاوى الانتخابية إلا في حال وجود دليل بالصوت والصورة، أو ما يشبه الإيصال. وستقوم الجمعية اللبنانية لديمقراطية الانتخابات (LADE) بالعمل على مراقبة المحتوى وكيفية استخدام الشبكات، لتكون الوحيدة في لبنان التي تنظر إلى احتمال التلاعب بتلك المواقع وبالتالي التأثير على نتائج الانتخابات ونزاهتها.
ولا تتعدّى حدود استخدامها الدردشة ونشر الصور الشخصيّة.
يستخدم اللبنانيّون مواقع التواصل للتعبير عن آرائهم والسخرية بشكلٍ أساسي. وساهمت الشبكات الاجتماعيّة في الدعوة للتظاهرات الشعبيّة ونشر رسالة "المجتمع المدني" بشكلٍ بارز بعد التمديد للمجلس النيابي عام 2013، وبعد أزمة النفايات التي خرجت على إثرها تظاهرات "طلعت ريحتكم"، وأنشأت، بالتالي، "كوادر" أصبحوا مؤثّرين في الخطاب السياسي في البلاد. بعض هؤلاء مرشحون اليوم للانتخابات النيابية، وهو ما دفع البعض إلى القول ساخراً "كل من يحصل على مائتي إعجاب على فيسبوك يصبح مؤهلاً للترشح".
عام 2009، لم تكُن مواقع التواصل منصّات سياسيّة بالشكل الذي هي عليه اليوم. لكنّ المشهد بعد تسع سنوات، مختلفٌ تماماً: مواقع التواصل اليوم، (بكلّ ما يحمله التعبير من كليشيهيّة) باتت ساحة اللبنانيين جميعاً، بمختلف فئاتهم وتوجّهاتهم وآرائهم وميولهم. عليها، ينظّرون ويدعون للتغيير، رغم أنّ تصريحاتهم قد تولد وتُدفن هناك.
Twitter Post
|
الإعلام والإعلان
يشهد لبنان تجييشاً واسعاً من الأحزاب للانتخابات البرلمانيّة المرتقبة في أيار/مايو المقبل، جعلت للظهور الإعلامي والمساحات الإعلانيّة أهميةً أكبر.
أطلقت الأحزاب التقليديّة شعاراتها، فاعتمد "حزب الله" شعار "نحمي ونبني"، بينما اختار "تيار المستقبل" شعار "نحنا الخرزة الزرقا"، واعتمدت حركة أمل شعار "صوتَك أمل"، بينما اختار حزب الكتائب شعار "عنا الحل" و"نبض"، واختار "حزب سبعة" شعار "ابتسامة وطن"، فيما "القوات اللبنانية" اعتمد في إعلاناته شعار "صار بدّا"، و"التيار الوطني الحر" اعتمد "التيار القوي للبنان القوي".
وتنتشر الإعلانات "المبشّرة" بتلك الأحزاب وبرامجها في الشوارع، وهي التي يُحدّدها قانون الانتخاب الجديد بكلّ مادة أو نشرة ترويجيّة لجهة مرشحة يتم بثها أو نشرها مقابل بدل مالي ضمن الوقفات والمساحات المخصصة للإعلانات التجارية لدى مؤسسات الإعلام والإعلان.
على الشاشات أيضاً، بدأ المرشحون ببثّ إعلاناتهم واختيار منصّاتهم وبرامجهم للظهور الإعلامي. ويقول مصدر مطّلع على أسعار الباقات الإعلاميّة التي تقدّمها التلفزيونات اللبنانيّة أنّ قناة "إم تي في" طلبت من المرشحين مبلغ 250 ألف دولار مقابل الظهور الإعلامي على شاشتها في برنامج صباحي وبرنامج بعد الظهر وفي البرامج المسائية الترفيهيّة والحواريّة بالإضافة إلى 3 تقارير في النشرة المسائيّة.
وطلبت قناة "إل بي سي آي" مبلغ 200 ألف دولار. هذا فيما تحدثت معلومات عن حصول قناة "الجديد" على مبلغ 45 ألف دولار مقابل مقابلة أجرتها مع أمين عام حزب "سبعة"، جاد داغر، في برنامج "الأسبوع في ساعة" الحواري المسائي الذي يقدمه جورج صليبي.
أما في ما يخصّ الإعلانات فطلبت قناة "إم تي في" وحدها مبلغ 55 ألف دولار مقابل إعلانٍ يبثّ 4 مراتٍ في الأسبوع، خارج أوقات الذروة، مع تقرير واحد في النشرة المسائيّة. كما طلبت 25 ألف دولار لبثّ مباشر مدّته ربع ساعة.
ويُحدّد قانون الانتخاب اللبناني الصادر في الجريدة الرسمية بتاريخ 17 يونيو/حزيران عام 2017، الإعلام الانتخابي بالمواد الإعلامية كالأخبار والتحاليل والتصاريح والمقابلات والمناظرات والحوارات والتحقيقات والمؤتمرات الصحافية واللقاءات التي تتعلق بالانتخابات بصورةٍ مباشرة أو غير مباشرة، ويجري بثها من دون مقابل ضمن البرامج العادية أو الاستثنائية لمؤسسة إعلاميّة.
أما الدعاية الانتخابية، فهي، قانوناً، كلّ مادة تتعلق ببرامج الجهات المرشحة حملاتها الانتخابيّة ومواقفها الانتخابية والسياسية، وتكون مسجّلة في استديوهات مؤسسة الإعلام أو خارجها وترغب الجهة المرشحة أن تتوجه بها إلى الناخبين عبر بثّها لحسابها الخاص ضمن برامج مؤسسات الإعلام المخصصة لتلك الغاية ومقابل بدلٍ مادي.
كلّ هذا موجود في القانون. لكنّ الأخير لا يلحظ مواقع التواصل الاجتماعي، الساحة الأكبر للمرشّحين والناخبين على حدّ سواء. فيحدد النصّ القانوني، وسائل الإعلام بـ"كل وسيلة إعلاميّة رسمية أو خاصة مرئية أو مطبوعة أو مقروءة أو إلكترونية مهما كانت تقنيتها".
لكنّه لا يتحدث عن مواقع التواصل الاجتماعي (وهو حال جميع قوانين الانتخاب في العالم). وتتيح الأخيرة نشر إعلاناتٍ لمجموعاتٍ محددة تكون محلّ تركيز المرشح/اللائحة بأسعار أقلّ بكثير مما تطلبه وسائل الإعلام وشركات الإعلانات. وفيما لا يمكن نكران أهمية دور الإعلام في الترويج لمرشحٍ ما، يبدو لـ"فيسبوك" بالتحديد دورًا كبيرًا في بثّ الدعايات، خاصة الموجّهة للشباب. وتبدأ أسعار الإعلانات على "فيسبوك" من دولارٍ واحد وهو مفتوح بحسب عدد مَن يريد المستخدم الوصول إليهم وعلى مدى كم يوم.
كما يستطيع المُعلن استهداف شريحةٍ معيّنة بحدّ ذاتها والوصول إلى مَن يريدهم بشكلٍ محدد، ويستطيع قياس نسبة مَن وصلهم الإعلان بوتيرة آنية وأسرع من شركات الإحصاء في الإعلانات.
وحتى إن أرادت هيئة الإشراف على الإنتخابات مراقبة الصرف على مواقع التواصل، لن تستطيع السيطرة على الإنفاق أصلاً. فيمكن لأي شخص أن ينشئ حساباً وهمياً باسم مرشحٍ ما، وأن يدفع مبالغ مالية مقابل إعلاناتٍ ترويجية له أو للائحته، من دون أن يكون هناك إثبات على دور المرشح في الإنفاق الإعلاني.
وفي هذا الإطار، تعدّ المبالغ الماليّة التي يتيح القانون للمرشح صرفها خياليّة. فيُحدّد القانون سقف الإنفاق الانتخابي الثابت بمئة ألف دولار للمرشح نفسه، ومبلغ مئة ألف دولار أخرى للائحة عن المرشح، بالإضافة إلى سقف متحرّك قيمته 5 آلاف ليرة لبنانية عن كلّ مرشح (الدولار يساوي 1500 ليرة لبنانية) لكلّ شخص في دائرة المرشّح، أي إنّ المبلغ يساوي عدد الناخبين (ضرب) 5 آلاف، مما يعني أنّ الحد الأدنى للصرف المتاح قانوناً لكلّ مرشح هو 600 ألف دولار ويصل في بعض الحالات إلى 900 ألف دولار.
وعلى الرغم أنّ تلك المبالغ صعبة التخطّي لجهة إنفاق المرشحين، إذ إنّها مرتفعة، إلا أنّ القانون نفسه لا يلحظ الإنفاق عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وبالتالي لن تتمكن هيئة الإشراف على الانتخابات من تحديد وجود مخالفات.
السخرية والتجييش
بينما تنتشر "لجان إلكترونية" من مؤيدي حزبٍ معيّن على الشبكات الاجتماعية وتحاول شدّ العصب له ونشر رسالته السياسية (القليلة أصلاً في هذه الانتخابات)، تبدو السخرية الرابح الأكبر هذا الموسم أيضاً.
فاللبنانيون المعروفون بـ"من يرقصون رغم الأحزان" يلجؤون للضحك لتوجيه رسائل ضدّ نوابهم ووزرائهم. لكنّ تلك السخرية قد تلعب دوراً معاكساً، فتتحول إلى ترويجٍ لصالح مرشح أو لائحة.
هكذا، على سبيل المثال، ساهمت السخرية من حزب "سبعة" وإنشاء صفحات ساخرة كـ"ستة" و"خمسة" وغيرها (إضافةً طبعاً إلى حملات الحزب الجديد وأمواله الطائلة) بنشر دعاياته وأفكاره.
Twitter Post
|
كما ساهم "الساركازم" بنشر دعاية تيار المستقبل، عن غير قصد، في ما يخصّ "الخرزة الزرقا"، ليتسبب بالتالي بنجاح الـ"بازّ الإعلامي" والـ"تريند" الذي كان يهدف له معدّو الحملة الدعائيّة أصلاً.
Twitter Post
|
Twitter Post
|
Twitter Post
|
كذلك تسبّبت السخرية (الضرورية) من منشورات صفحة "نحمي ونبني" التابعة لـ "حزب الله" (وتسميتها لحمة ولبنة)، بانتشار مقاطع الفيديو (الفكاهية) على صعيد أوسع.
Facebook Post |
مراقبة المحتوى
في ضوء ما تعرّضت له الانتخابات الرئاسيّة الأميركيّة عام 2016 من اختراق عبر متصيدين (ترولز) تابعين للكرملين الروسي، أنشأوا حساباتٍ وهميّة بأسماء أميركيين ونشروا أخباراً كاذبة وعملوا على تأجيج الانقسام والتوتّر بين الأميركيين، وهو ما يعتقد على نطاقٍ واسع أنّه أدّى إلى التأثير على نتائج الانتخابات وفوز الجمهوري دونالد ترامب بكرسي البيت الأبيض، تُطرح أسئلةٌ متعدّدة حول دور تلك الشبكات في لبنان هذه المرة.
وغالباً ما تكون الأخبار الكاذبة المنتشرة على مواقع التواصل في لبنان مرتبطةً بأحداث سياسيّة في الخارج، أو بمنشوراتٍ تستجدي العاطفة من أجل الانتشار.
وقد يكون صغر مساحة البلد سبباً في عدم انتشار الأنباء المضلّلة أو الزائفة على نحوٍ واسع، إلا أنّ هذا لا يعني عدم وجودها.
التضليل نفسه قد يكون عبر الإيحاء بأنّ حزباً ما يحصد الكثير من التفاعل على "تويتر" ويتصدّر حتى لائحة الأكثر تداولاً، في حين تكون تلك التفاعلات أو استخدام الوسم التابع للحزب أو المرشح أو اللائحة من قبل حساباتٍ وهمية (bots)، وبالتالي تشجيع مستخدمين حقيقيين على التفاعل مع حملةٍ ما.
هذا عدا عن التجاوزات التي قد تتمثّل بالوعود بالرشاوى مقابل الحشد للائحةٍ معيّنة، أو حتى تهديد مؤيدي مجموعةٍ ما بالإيذاء في حال خرجت لتقترع لها على سبيل المثال.
ولا يلحظ القانون الرشاوى الانتخابية إلا في حال وجود دليل بالصوت والصورة، أو ما يشبه الإيصال. وستقوم الجمعية اللبنانية لديمقراطية الانتخابات (LADE) بالعمل على مراقبة المحتوى وكيفية استخدام الشبكات، لتكون الوحيدة في لبنان التي تنظر إلى احتمال التلاعب بتلك المواقع وبالتالي التأثير على نتائج الانتخابات ونزاهتها.
Twitter Post
|