دانت منظمة "مراسلون بلا حدود" (منظمة غير حكومية مقرها باريس)، استمرار حملة القمع الأكثر شراسة ضد الصحافيين في مصر حالياً، منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي زمام السلطة، مشيرة إلى توثيقها احتجاز ما لا يقل عن 22 صحافياً مصرياً (أخلي سبيل ثمانية منهم فقط)، منذ بدء الحراك الاحتجاجي ضد السلطة الحاكمة في 20 سبتمبر/أيلول الماضي.
وقالت المنظمة في بيان، اليوم الخميس، إن "حصيلة الصحافيين المحتجزين منذ بداية موجة الاحتجاجات الشعبية ارتفعت في البلاد، بعد سلسلة جديدة من الاعتقالات، طاولت كلاً من سلافة مجدي، وحسام الصياد، ومحمد صلاح، وأحمد شاكر، والذين انضموا إلى أكبر موجة من الاعتقالات للصحافيين في مصر، منذ اندلاع الاحتجاجات التي أعقبت وصول السيسي إلى السلطة في عام 2014".
وأفادت المنظمة بأنه في 26 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، اعتقلت الصحافية المستقلة سلافة مجدي، وزوجها المصور الصحافي حسام الصياد، والمدون محمد صلاح، بينما كانوا يجلسون في مقهى بالقاهرة، وبعدها بيومين، جاء الدور على الصحافي في جريدة "روز اليوسف" اليومية (حكومية)، أحمد شاكر، والذي اعتقل من منزله في مدينة طوخ بمحافظة القليوبية، شمالي العاصمة.
وتعد سلافة والصياد وصلاح من المقربين للناشطة والصحافية إسراء عبد الفتاح، والقابعة رهن الاحتجاز منذ 12 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حيث كانوا من الأصوات المنددة بالتعذيب الذي تعرضت له زميلتهم أثناء استجوابها، وعلى غرار إسراء، تعرضت سلافة للضرب والإهانة من قوات الأمن، لرفضها تقديم رموز الولوج إلى حسابها الخاص على موقع "فيسبوك".
وتابعت المنظمة أن نيابة أمن الدولة المصرية وضعت الصحافيين الأربعة رهن الحبس الاحتياطي، على ذمة التحقيق بتهمة الانتماء إلى جماعة "إرهابية"، وكذلك "نشر أخبار كاذبة" في قضية سلافة.
وفي هذا الصدد، قالت مسؤولة مكتب الشرق الأوسط في "مراسلون بلا حدود"، صابرين النوي، إن "الاعتقالات في صفوف الصحافيين تتوالى بوتيرة غير مسبوقة منذ وصول السيسي إلى السلطة"، مضيفة أن "هذه الموجة من القمع تُثير العديد من المخاوف، لا سيما وأنها تتواصل حتى بعد إخماد السلسلة الأخيرة من الاحتجاجات الشعبية ضد الرئيس الحالي".
يُذكر أن اعتقال سلافة والصياد وصلاح له دلالات رمزية، باعتبار أن الصحافيين الثلاثة كانوا حريصين أشد الحرص على تغطية الاحتجاجات الأخيرة، وشاركوا بشكل شخصي في فعاليات ثورة 2011 التي أدت إلى سقوط الرئيس المخلوع حسني مبارك، مع العلم أن العديد من الأشخاص حول العالم أطلقوا حملات تضامنية للمطالبة بالإفراج الفوري عنهم.
وجاءت موجة الاعتقالات الجديدة بعد أيام قليلة من الملاحقات التي طاولت مجموعة من الصحافيين العاملين في موقع "مدى مصر"، أحد المنابر الإعلامية المستقلة في البلاد، إذ اعتقلت قوات الشرطة أربعة من صحافيي الموقع الإخباري لعدة ساعات، على خلفية نشرهم تحقيقاً عن إبعاد نجل الرئيس، الضابط في جهاز المخابرات العامة، محمود السيسي، إلى روسيا.
وتقبع مصر في المرتبة 163 (من أصل 180 بلداً) على جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة، وفق التقرير الصادر عن منظمة "مراسلون بلا حدود" في وقت سابق من هذا العام. ويواجه الصحافيون الأربعة اتهامات "مزعومة" بـ"مشاركة جماعة إرهابية في تحقيق أهدافها مع العلم بأغراضها"، و"نشر أخبار كاذبة"، و"إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي".
تجدر الإشارة إلى إصدار نيابة أمن الدولة العليا مؤخراً، قراراً بحبس الصحافي حسن القباني، بعد تعرضه لخطر الإخفاء القسري من أجهزة الأمن لمدة 67 يوماً، على إثر احتجازه داخل محكمة جنايات القاهرة في 18 سبتمبر/أيلول الماضي، خلال حضوره جلسة تجديد التدابير الاحترازية، وانقطاع المعلومات كافة عن مكان احتجازه.
ويأتي اعتقال القباني بعد نحو ثلاثة أشهر من اعتقال زوجته الصحافية آية علاء، بذريعة اتهامها بـ"نشر أخبار كاذبة"، على وقع مداخلاتها الهاتفية في بعض القنوات الفضائية المحسوبة على المعارضة من الخارج، دفاعاً عن زوجها أثناء فترة اعتقاله.
وحسب آخر قائمة مُحدثة بالصحافيين في السجون المصرية، والصادرة عن "المرصد العربي لحرية الإعلام" في 3 يوليو/تموز الماضي، فإن قائمة المعتقلين السياسيين تشمل 85 صحافياً ومراسلاً ومصوراً ومتدرباً، فيما وثقت "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان" أسماء 54 منهم من المقيدين في كشوف نقابة الصحافيين الرسمية.