تواجه منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" تحديات تقوض مساعيها لخفض المعروض النفطي في السوق العالمية. أول هذه التحديات من المنتج الأكبر في المنظمة، أي السعودية، التي تعمل على زيادة ضخها النفطي خصوصاً في الأسواق الآسيوية، يضاف إليها نحو نصف الأعضاء في المنظمة، الذين رفعوا إمداداتهم الشهر الماضي، وعدد كبير منهم لم يلتزم بالحجم المحدد لخفض الإنتاج.
أما التحدي الثاني، الذي لا يقل خطورة عن الأول، فهو المرتبط بمؤشرات انفكاك الاتفاق النفطي. فقد أعلنت الإكوادور منذ أيام، أنها خرجت عن اتفاق "أوبك" ولن تكبح إنتاجها ولن تلتزم بخفضه. هكذا، انضمت هذه الدولة إلى كل من ليبيا ونيجيريا والدول النفطية غير العضو في أوبك وغير الملتزمة في خفض الإنتاج، لترفع المعروض النفطي في السوق الدولية. وطبعاً، يبرز النفط الصخري بقوة على الساحة الدولية، مع طموحات واسعة للمنتجين الأميركيين في ضخ المزيد من النفط ودفع الأسعار إلى المزيد من الهبوط... ومع خروج الإكوادور، بدأت المخاوف ترتفع في أروقة أوبك، مع سؤال يدور في ذهن الأعضاء والمتابعين لهذا الملف وهو: "من التالي؟".
يؤكد المحللون أن اتفاق "أوبك" له إيجابيات، إذ لو تركت الدول المنتجة للنفط من دون تقييد لإنتاجها، لشهد العالم انخفاضاً كبيراً في سعر برميل النفط، يقدره البعض بـ 25 دولاراً. إلا أن اتفاق "أوبك" محدد الهدف، وهو خفض الإمدادات سعياً لرفع الأسعار. وإن كانت "أوبك" لم تحدد حجم الارتفاع المطلوب، إلا أن ميزانيات الدول الأعضاء بغالبيتها مبنية على سعر يراوح ما بين 60 و70 دولاراً للبرميل، وهو الرقم الذي يعتبر حتى اللحظة صعب المنال.
وعود في الهواء
ارتفع إنتاج السعودية بمقدار 90 ألف برميل يومياً إلى 10.02 ملايين برميل يوميا في يونيو/ حزيران، وفقاً لمسح بلومبيرغ. وكانت أكبر زيادة في العام تقريباً، ليرتفع إنتاجها 150 ألف برميل يومياً أعلى مما كان عليه في يناير/ كانون الثاني، عندما قطعت المملكة وعداً بخفض أكثر من المطلوب كرمز للالتزام بالصفقة. في حين قفزت صادراتها 320 ألف برميل يومياً، وفقا لتتبع السفن من قبل بلومبيرغ.
واقع يتناقض مع ما يصرح به المسؤولون السعوديون في هذا الإطار. إذ أكد مصدر سعودي مطلع حسب وكالة "رويترز" الثلاثاء، أن السعودية تظل ملتزمة بالعمل مع جميع منتجي الخام سعياً لمواجهة التغييرات التي طرأت على المعروض العالمي بما في ذلك الزيادة في إنتاج نيجيريا وليبيا. وذكر المصدر السعودي أن المملكة، أكبر مصدر للنفط في العالم، لا تزال تستهدف إعادة الاستقرار لأسواق النفط من خلال تقليص تخمة المخزونات العالمية. وقال المصدر لرويترز "تؤكد السعودية التزامها باستقرار السوق وتريد ضمان تحقيق توازن جيد في سوق النفط".
إلا أن تقريراً لوكالة "بلومبيرغ" أكد أن السوق لا تزال تنتظر أن تبادر السعودية، في القيام بـ "كل ما يلزم" (وفق وعودها) للقضاء على الإفراط بالمعروض العالمي.
ولفت التقرير إلى أن وزير الطاقة السعودي خالد الفالح قد تعهد مراراً وتكراراً "بفعل ما هو ضروري" لإنهاء مسار تخمة المعروض النفطي، إلا أن المملكة زادت الإنتاج في يونيو/ حزيران إلى أعلى مستوى منذ بدء الاتفاق النفطي، وعززت الصادرات أكثر الأسبوع الماضي عبر خفض الأسعار للمشترين الآسيويين.
وقال أمريتا سين، كبير المحللين في شركة "آيرجي آسبكتس المحدودة": "لقد ارتفعت صادرات المملكة العربية السعودية في يونيو/ حزيران الماضي، وهذا ليس ما تريد السوق رؤيته على الإطلاق. الصادرات بحاجة إلى مزيد من الانخفاض".
وتابع سين أن السعودية خفضت أسعار معظم مبيعاتها الخام إلى آسيا في أغسطس/ آب، مما يدل على أنها لا تريد أن تترك حصتها في السوق في هذه المنطقة على الرغم من الالتزام بخفض الإنتاج.
ويشير تقرير آخر لبلومبيرغ إلى أن أوبك تعثرت في الالتزام بتعهدات الإمدادات الموعودة في يونيو/ حزيران، وهو الشهر السادس في المناورات الطويلة لتخفيف وفرة النفط العالمي وزيادة الأسعار. وانخفض إجمالي الامتثال في أوبك إلى 95% وهي أقل نسبة التزام منذ بدء الاتفاق النفطي، في حين كانت النسبة المحققة في مايو/ أيار 110% وهي أعلى نسبة التزام بالتعهدات، لا بل إن تراجع الالتزام هو الأول منذ مارس/ آذار الماضي. في المقابل، ارتفع التزام الدول غير الأعضاء في أوبك من 75% في مايو/ أيار إلى 85% في يونيو/ حزيران وهي النسبة الأعلى منذ إعلان اتفاق خفض الإنتاج. في حين تقول وكالة الطاقة الدولية في تقرير نشرته الأسبوع الماضي، إن الالتزام في أدنى مستوياته في ستة أشهر، حيث انخفض إلى 78% الشهر الماضي من 95% في مايو/أيار الذي سبقه.
وتحاول الدول الـ 21 المشاركة في الاتفاق خفض الإنتاج بحوالي 1.8 مليون برميل يومياً، إلا أن مستوى الخفض حقق أقل من 1.7 مليون برميل يومياً في يونيو/ حزيران الماضي، ولم يلتزم بالمستويات المحددة سوى 6 دول فقط. وتقود فنزويلا منظمة أوبك في الوفاء بوعدها. في حين لا تزال كازاخستان غير المنضمة لأوبك تضخ أكثر مما ينبغي، في حين أن أكثر الدول غير الملتزمة في أوبك هي العراق.
ورطة جديدة
وفوق كل هذه العثرات، أعلنت الإكوادور أنها ستبدأ في زيادة إنتاجها من النفط بداية من الشهر المقبل، لسد احتياجاتها المالية، مؤكدة انسحابها من الاتفاق النفطي الذي عقدته مع "أوبك". وقال وزير النفط في الإكوادور، كارلوس بيريز، الاثنين، في حوار تلفزيوني، إن بلاده لن تتمكن من الالتزام بتعهداتها بخفض الإنتاج بمقدار 26 ألف برميل يومياً إلى 552 ألف برميل يومياً، التي اتفقت عليها مع أوبك. وذكرت الإكوادور، أن لديها اتفاقاً مع أوبك يمنحها المرونة في الإنتاج على حسب احتياجاتها المالية، وهو ما لم تعلن عنه أوبك، وفق بلومبيرغ. يذكر أن الإكوادور تمثل 1% فقط من تخفيضات الإنتاج المتفق عليها.
ويشرح تقرير نشرته وكالة "بلومبيرغ" أن اتفاق خفض إنتاج النفط لدعم الأسعار، لم يحقق نجاحاً كبيراً حتى الآن. وقد بلغ خام برنت الآن تقريباً السعر الذي كان سائداً قبل الإعلان عن الاتفاق في نوفمبر/ تشرين الثاني و10% أقل من السعر الذي تحقق عندما تم تمديد التخفيضات حتى منتصف العام المقبل.
ويقول التقرير إن وزير النفط السعودي خالد الفالح يعتمد على قوة الخطاب، مع وعد بتحقيق "كل ما يلزم" لخفض الفائض النفطي الذي يضغط على الأسعار. ويذكر التقرير أنه بعد وقت قصير من إعلان الإكوادور أنها تتراجع عن الاتفاق، ظهر تقرير أن السعودية تدرس خفضاً من جانب واحد في صادرات مليون برميل أخرى يومياً، وهذا من شأنه أن يساعد على تعويض ارتفاع هذا العام في الإنتاج النيجيري والليبي، المعفيان من الاتفاق.
ويؤكد التقرير "هذا هو بالضبط الوضع الذي أرادت المملكة العربية السعودية تجنبه. إذ كان الهدف الكامل من انضمام دول أخرى إلى تخفيضات منظمة أوبك، روسيا على وجه الخصوص، هو التأثير على أسعار العقود الآجلة، وكذا التأكد من أن المملكة العربية السعودية لم يكن عليها أن تكون الملاذ الأخير في خفض الإنتاج، فهي تريد استخدام المال لتخفيف آثار برنامجها الإصلاحي".
وإلى جانب ليبيا ونيجيريا، يشكل العراق مصدر قلق آخر. مع إنتاج 4.4 ملايين برميل يومياً، انخفض امتثال البلاد للتخفيضات المتفق عليها من أكثر من 80% في أبريل / نيسان إلى أقل من 30% حالياً. وفي الوقت نفسه، ترتفع حدة التوترات داخل الدول الأعضاء في منظمة أوبك، مع الحصار المفروض على قطر. ويعتبر التقرير أن السعودية قد تتحمل المزيد من العبء مع رحيل الإكوادور، ما يشكل خطراً معنوياً في مجموعة تحتاج إلى تشجيع.
ويبقى التحدي وفق المتابعين، ما سيتم طرحه في نهاية تموز/يوليو في سان بطرسبورغ، وما إذا كانت الدول المنتجة ستسير في المزيد من خفض الإنتاج.
اقــرأ أيضاً
يؤكد المحللون أن اتفاق "أوبك" له إيجابيات، إذ لو تركت الدول المنتجة للنفط من دون تقييد لإنتاجها، لشهد العالم انخفاضاً كبيراً في سعر برميل النفط، يقدره البعض بـ 25 دولاراً. إلا أن اتفاق "أوبك" محدد الهدف، وهو خفض الإمدادات سعياً لرفع الأسعار. وإن كانت "أوبك" لم تحدد حجم الارتفاع المطلوب، إلا أن ميزانيات الدول الأعضاء بغالبيتها مبنية على سعر يراوح ما بين 60 و70 دولاراً للبرميل، وهو الرقم الذي يعتبر حتى اللحظة صعب المنال.
وعود في الهواء
ارتفع إنتاج السعودية بمقدار 90 ألف برميل يومياً إلى 10.02 ملايين برميل يوميا في يونيو/ حزيران، وفقاً لمسح بلومبيرغ. وكانت أكبر زيادة في العام تقريباً، ليرتفع إنتاجها 150 ألف برميل يومياً أعلى مما كان عليه في يناير/ كانون الثاني، عندما قطعت المملكة وعداً بخفض أكثر من المطلوب كرمز للالتزام بالصفقة. في حين قفزت صادراتها 320 ألف برميل يومياً، وفقا لتتبع السفن من قبل بلومبيرغ.
واقع يتناقض مع ما يصرح به المسؤولون السعوديون في هذا الإطار. إذ أكد مصدر سعودي مطلع حسب وكالة "رويترز" الثلاثاء، أن السعودية تظل ملتزمة بالعمل مع جميع منتجي الخام سعياً لمواجهة التغييرات التي طرأت على المعروض العالمي بما في ذلك الزيادة في إنتاج نيجيريا وليبيا. وذكر المصدر السعودي أن المملكة، أكبر مصدر للنفط في العالم، لا تزال تستهدف إعادة الاستقرار لأسواق النفط من خلال تقليص تخمة المخزونات العالمية. وقال المصدر لرويترز "تؤكد السعودية التزامها باستقرار السوق وتريد ضمان تحقيق توازن جيد في سوق النفط".
إلا أن تقريراً لوكالة "بلومبيرغ" أكد أن السوق لا تزال تنتظر أن تبادر السعودية، في القيام بـ "كل ما يلزم" (وفق وعودها) للقضاء على الإفراط بالمعروض العالمي.
ولفت التقرير إلى أن وزير الطاقة السعودي خالد الفالح قد تعهد مراراً وتكراراً "بفعل ما هو ضروري" لإنهاء مسار تخمة المعروض النفطي، إلا أن المملكة زادت الإنتاج في يونيو/ حزيران إلى أعلى مستوى منذ بدء الاتفاق النفطي، وعززت الصادرات أكثر الأسبوع الماضي عبر خفض الأسعار للمشترين الآسيويين.
وقال أمريتا سين، كبير المحللين في شركة "آيرجي آسبكتس المحدودة": "لقد ارتفعت صادرات المملكة العربية السعودية في يونيو/ حزيران الماضي، وهذا ليس ما تريد السوق رؤيته على الإطلاق. الصادرات بحاجة إلى مزيد من الانخفاض".
وتابع سين أن السعودية خفضت أسعار معظم مبيعاتها الخام إلى آسيا في أغسطس/ آب، مما يدل على أنها لا تريد أن تترك حصتها في السوق في هذه المنطقة على الرغم من الالتزام بخفض الإنتاج.
ويشير تقرير آخر لبلومبيرغ إلى أن أوبك تعثرت في الالتزام بتعهدات الإمدادات الموعودة في يونيو/ حزيران، وهو الشهر السادس في المناورات الطويلة لتخفيف وفرة النفط العالمي وزيادة الأسعار. وانخفض إجمالي الامتثال في أوبك إلى 95% وهي أقل نسبة التزام منذ بدء الاتفاق النفطي، في حين كانت النسبة المحققة في مايو/ أيار 110% وهي أعلى نسبة التزام بالتعهدات، لا بل إن تراجع الالتزام هو الأول منذ مارس/ آذار الماضي. في المقابل، ارتفع التزام الدول غير الأعضاء في أوبك من 75% في مايو/ أيار إلى 85% في يونيو/ حزيران وهي النسبة الأعلى منذ إعلان اتفاق خفض الإنتاج. في حين تقول وكالة الطاقة الدولية في تقرير نشرته الأسبوع الماضي، إن الالتزام في أدنى مستوياته في ستة أشهر، حيث انخفض إلى 78% الشهر الماضي من 95% في مايو/أيار الذي سبقه.
وتحاول الدول الـ 21 المشاركة في الاتفاق خفض الإنتاج بحوالي 1.8 مليون برميل يومياً، إلا أن مستوى الخفض حقق أقل من 1.7 مليون برميل يومياً في يونيو/ حزيران الماضي، ولم يلتزم بالمستويات المحددة سوى 6 دول فقط. وتقود فنزويلا منظمة أوبك في الوفاء بوعدها. في حين لا تزال كازاخستان غير المنضمة لأوبك تضخ أكثر مما ينبغي، في حين أن أكثر الدول غير الملتزمة في أوبك هي العراق.
ورطة جديدة
وفوق كل هذه العثرات، أعلنت الإكوادور أنها ستبدأ في زيادة إنتاجها من النفط بداية من الشهر المقبل، لسد احتياجاتها المالية، مؤكدة انسحابها من الاتفاق النفطي الذي عقدته مع "أوبك". وقال وزير النفط في الإكوادور، كارلوس بيريز، الاثنين، في حوار تلفزيوني، إن بلاده لن تتمكن من الالتزام بتعهداتها بخفض الإنتاج بمقدار 26 ألف برميل يومياً إلى 552 ألف برميل يومياً، التي اتفقت عليها مع أوبك. وذكرت الإكوادور، أن لديها اتفاقاً مع أوبك يمنحها المرونة في الإنتاج على حسب احتياجاتها المالية، وهو ما لم تعلن عنه أوبك، وفق بلومبيرغ. يذكر أن الإكوادور تمثل 1% فقط من تخفيضات الإنتاج المتفق عليها.
ويشرح تقرير نشرته وكالة "بلومبيرغ" أن اتفاق خفض إنتاج النفط لدعم الأسعار، لم يحقق نجاحاً كبيراً حتى الآن. وقد بلغ خام برنت الآن تقريباً السعر الذي كان سائداً قبل الإعلان عن الاتفاق في نوفمبر/ تشرين الثاني و10% أقل من السعر الذي تحقق عندما تم تمديد التخفيضات حتى منتصف العام المقبل.
ويقول التقرير إن وزير النفط السعودي خالد الفالح يعتمد على قوة الخطاب، مع وعد بتحقيق "كل ما يلزم" لخفض الفائض النفطي الذي يضغط على الأسعار. ويذكر التقرير أنه بعد وقت قصير من إعلان الإكوادور أنها تتراجع عن الاتفاق، ظهر تقرير أن السعودية تدرس خفضاً من جانب واحد في صادرات مليون برميل أخرى يومياً، وهذا من شأنه أن يساعد على تعويض ارتفاع هذا العام في الإنتاج النيجيري والليبي، المعفيان من الاتفاق.
ويؤكد التقرير "هذا هو بالضبط الوضع الذي أرادت المملكة العربية السعودية تجنبه. إذ كان الهدف الكامل من انضمام دول أخرى إلى تخفيضات منظمة أوبك، روسيا على وجه الخصوص، هو التأثير على أسعار العقود الآجلة، وكذا التأكد من أن المملكة العربية السعودية لم يكن عليها أن تكون الملاذ الأخير في خفض الإنتاج، فهي تريد استخدام المال لتخفيف آثار برنامجها الإصلاحي".
وإلى جانب ليبيا ونيجيريا، يشكل العراق مصدر قلق آخر. مع إنتاج 4.4 ملايين برميل يومياً، انخفض امتثال البلاد للتخفيضات المتفق عليها من أكثر من 80% في أبريل / نيسان إلى أقل من 30% حالياً. وفي الوقت نفسه، ترتفع حدة التوترات داخل الدول الأعضاء في منظمة أوبك، مع الحصار المفروض على قطر. ويعتبر التقرير أن السعودية قد تتحمل المزيد من العبء مع رحيل الإكوادور، ما يشكل خطراً معنوياً في مجموعة تحتاج إلى تشجيع.
ويبقى التحدي وفق المتابعين، ما سيتم طرحه في نهاية تموز/يوليو في سان بطرسبورغ، وما إذا كانت الدول المنتجة ستسير في المزيد من خفض الإنتاج.