رغم أن الجزائر دولة غنية بالموارد المائية والأراضي الصالحة للزراعة، ما يجعلها من الدولة العربية التي لا تعتمد كثيراً على الطاقة، إلا أن السياسات الفاشلة المتتالية في قطاع الزراعة، أدت إلى إفساد استصلاح الأراضي وانتهت الجزائر إلى دولة تعتمد على النفط والغاز الطبيعي في تحصيل الدخل الحكومي.
وحتى صناعة الطاقة في الجزائر واجهت في الفترة الأخيرة جملة من التحديات، على رأسها التحديات الأمنية وتحديات الفساد في عقود الطاقة، إضافة إلى قانون الاستثمار الذي تعتبره بعض الشركات العالمية غير مجز لها، مقارنة بالمخاطر التي تتعرض لها في الجزائر.
وتعد الجزائر من الدول المهمة في سوق الطاقة العالمي لعدة أسباب، أولها: تملك الجزائر ثامن أكبر احتياطي من الغاز الطبيعي في العالم، حيث يقدر حجم احتياطي الغاز الجزائري بنحو 159 ترليون قدم مكعبة، كما أنها تنتج نحو 6.8 ترليون قدم مكعبة سنوياً. وذلك حسب إحصاءات إدارة معلومات الطاقة الأميركية.
وثانياً: فإن الجزائر بين أكبر عشر دول منتجة للغاز الطبيعي في العالم. وتبلغ صادرات الغاز المسال الجزائرية نحو 13% من إجمالي صادرات الغاز المسال العالمية. ويذكر أن الجزائر كانت أول دولة صدرت الغاز المسال عالمياً، وتعد رابع أكبر دولة مصدرة للغاز الطبيعي المسال بعد قطر وماليزيا وإندونيسيا. وتملك الجزائر نحو 38 حاوية لتصدير النفط والغاز الطبيعي المسال.
تحديات صناعة الغاز في الجزائر
تواجه الجزائر مجموعة من التحديات في صناعة الغاز الطبيعي، أهمها انخفاض الاحتياطي بسبب نضوب الآبار المنتجة والبطء في عمليات الكشوفات وتطوير آبار جديدة تعوض المفقود من الغاز الطبيعي الذي تم إنتاجه.
أما التحدي الثاني: فهو القدرة على المنافسة عالمياً في سوق الغاز التي باتت مكتظة بالمنتجين، خاصة السوق الأوروبية التي تعيش مرحلة من التباطؤ تقترب من الركود. ورغم أن النزاع الروسي الأوكراني يرفع الطلب على الغاز غير الروسي، إلا أن هنالك بدائل أخرى بدأت تدخل سوق الغاز الأوروبي.
ثالثاً: يتواصل ارتفاع حجم الاستهلاك الداخلي للغاز الطبيعي في الجزائر، حيث بلغ حجم الاستهلاك نسبة كبيرة من إجمالي الإنتاج ويتزايد سنوياً بمعدل 6.0% سنوياً.
رابعاً: فشلت الجزائر حتى الآن في استخراج الغاز الصخري، ومن المحتمل أن يتأخر
استخراج الغاز الصخري ربما إلى العقد المقبل. خاصة وأن معروض الغاز العالمي يتزايد وأن أسعاره بدأت تنخفض. ولا تمتلك الجزائر التقنية وبالتالي ستضطر إلى التعاقد مع شركات أميركية في المستقبل، وهذه الشركات النفطية ستطالب بحوافز غير متوفرة في العقود الحالية.
ولكن رغم التحديات، فإن الجزائر ظلت أحد أهم اللاعبين في سوق الغاز العالمي، حيث تعد ثالث أهم الممدين لأوروبا بالغاز الطبيعي بعد روسيا والنرويج. وتصدر الجزائر إلى أوروبا نحو 20% من احتياجاتها من الغاز الطبيعي، حيث تصدر لها سنوياً نحو 2.1 ترليون قدم مكعبة سنوياً في المتوسط.
وتعد إسبانيا وإيطاليا من بين أهم زبائن الغاز الجزائري. وتصدر الجزائر معظم إمداداتها إلى أوروبا عبر أنبوب يمر تحت المتوسط إلى إسبانيا، ولكن هنالك شحنات من الغاز المسال تصدر بالحاويات إلى فرنسا وإيطاليا وإسبانيا.
وحسب إحصاءات وكالة الطاقة الدولية، فإن الجزائر تصدر نحو 868 مليار قدم مكعبة سنوياً إلى إيطاليا ونحو 454 مليار قدم مكعبة سنوياً إلى إسبانيا و264 قدم مكعبة إلى فرنسا. وهنالك كميات من الغاز الطبيعي المسال تصدر بالشاحنات إلى بعض دول أوروبا الغربية، أهمها فرنسا وإيطاليا.
الغاز الصخري:
حسب تقديرات إدارة الطاقة الأميركية فإن الجزائر غنية بالغاز الصخري القابل للاستخراج، حيث يقدر احتياطيها من الغاز الصخري بنحو 707 ترليونات قدم مكعبة.
وتسعى الحكومة الجزائرية إلى زيادة احتياطاتها من النفط والغاز عبر الكشوفات الجديدة، لكن الشركات العالمية غير متحمسة للاستثمار في الجزائر. وفي العام الماضي أجرت الحكومة الجزائرية تعديلات على قانون الاستثمار الأجنبي في قطاع الطاقة بهدف جذب المستثمرين الأجانب، لكن هذه التعديلات لم تجذب مستثمرين بعد في قطاع الطاقة.
وقدرت الإدارة الأميركية للطاقة دخل الجزائر من النفط والغاز الطبيعي، خلال العام الماضي 2013 بنحو 63.8 مليار دولار. وهو دخل أقل من الدخل الذي حققته الجزائر خلال العام 2012 والبالغ 69.8 مليار دولار.
وتقول نشرة "ميس" المتخصصة في النفط والغاز، إن السبب وراء انخفاض الدخل يعود إلى انخفاض حجم صادرات الطاقة. واستفادت الجزائر من مداخيل الطاقة في زيادة رصيدها الأجنبي الذي بلغ 194 مليار دولار بنهاية العام الماضي.
تهم فساد تحجب الغاز الصخري:
نسبت إدارة معلومات الطاقة الأميركية إلى محللين قولهم إن تهم الفساد التي وجهت إلى شركة سوناطراك الجزائرية، تعد أحد أسباب عزوف المستثمرين الأجانب والشركات العالمية عن الاستثمار في المشاريع الجديدة بقطاع الطاقة الجزائري.
ويذكر أن العديد من شركات الطاقة العالمية لم تدخل في مناقصات التنقيب عن النفط والغاز التي طرحتها الجزائر في أعوام 2008 و2009 و2011.
مذكرة توقيف
أصدر النائب العام لدى محكمة الجزائر بلقاسم زغماتي، مذكرة توقيف دولية بحق وزير الطاقة الجزائري السابق شكيب خليل والعديد من القريبين منه، في إطار فضيحة فساد في مجموعة سوناطراك.
وأوضح زغماتي في مؤتمر صحافي أن هذه المذكرات صدرت بحق تسعة أشخاص، بينهم زوجة خليل وابناه إضافة إلى أحد القريبين منه فريد بجاوي.
وكانت نيابة ميلانو الإيطالية قد أصدرت مذكرة توقيف دولية بحق بجاوي الذي يعتبر وسيطاً في دفع رشى لمسؤولين جزائريين، وخصوصاً في مجموعة سوناطراك العامة، بهدف تأمين أسواق لشركة سايبم الإيطالية للتنقيب التابعة لمجموعة إيني النفطية.
وأوردت الصحافة الإيطالية أن القضاء الإيطالي يسعى إلى وضع يده على 123 مليون دولار، حولت على حسابات تعود إلى بجاوي الذي يقيم في دبي.