عبر وزير السياحة المصري يحيى راشد، عن ثقته في قدرة القطاع على اجتذاب ملايين السياح الأجانب إلى بلاده من جديد، رغم هبوط عدد السياح 40% في الربع الأول من العام الجاري 2016، والانتكاسات المتتالية التي تلت تفجير طائرة الركاب الروسية في شرم الشيخ، والأزمة الناتجة عن مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني.
وقال راشد الذي تولى منصبه الشهر الماضي خلفا لهشام زعزوع، في مقابلة مع وكالة رويترز "يحدوني أمل وتفاؤل كبير حيال مستقبل السياحة في مصر. أريد أن أنقل الابتسامة إلى وجوه الجميع. علينا أن نبقى إيجابيين".
وأضاف "القدرة على استعادة حركة السياحة لدينا هي أولوية بالنسبة لنا. هدفنا هو اجتذاب 12 مليون سائح بنهاية عام 2017.. وهذا الأمر سيتطلب الكثير من العمل".
لكن خبراء سياحة يشككون في تقديرات وزير السياحة المصري في ظل استمرار الأزمات التي تعصف بقطاع السياحة المصري والناجمة عن استمرار الاضطرابات الأمنية في سيناء، وتكبّد قطاع السياحة خسائر هائلة في الإيرادات منذ تحطم طائرة الركاب الروسية في سيناء في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ما أسفر عن مقتل 224 شخصا كانوا على متنها.
كما نشبت أزمة سياسية ودبلوماسية حادة بين إيطاليا ومصر، في أعقاب مقتل الطالب الايطالي جوليو ريجيني الذي اختفى لأيام إبان الاحتفال بالذكرى الخامسة للثورة المصرية يوم 25 يناير، ثم عثر على جثته على قارعة طريق في فبراير/شباط الماضي، وعليها آثار تعذيب شديد.
وقال الوزير "آليتنا تهدف إلى اجتذاب عدد أكبر من العدد الذي ذكرته بكثير.. السياحة المصرية كانت أساسية للسياحة العالمية، ولا يوجد أي سبب يجعلنا نفكر بأننا لن نعود إلى الساحة، وبقوة أيضا، وبسرعة وبطريقة منظمة".
وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن تحطم الطائرة الروسية نتج عن عمل إرهابي. وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عن تفجير الطائرة.
وأكد راشد أن مستوى الأمن في المطارات المصرية تحسن منذ حادث تحطم الطائرة الروسية، مشيرا إلى وجود تعاون مع شركة "كونترول ريسكس" الاستشارية في مجال الأمن والمخاطر.
وقال "نعمل على تحسين الأمن والجهات المسؤولة عن هذا الموضوع تعمل ليل نهار لتعزيزه في كل مكان. مصر آمنة".
وأضاف "الإرهاب في كل مكان.. ويجب ألا توصم مصر بأنها غير آمنة في حين أن الإرهاب بات قادرا على الوصول إلى أي مكان".
وقالت جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان إن التعذيب بهذه الطريقة يشير إلى مقتل الشاب الإيطالي بأيدي قوات الأمن المصرية، لكن القاهرة نفت بشدة هذه الاتهامات التي امتدت آثارها إلى القطاع السياحي، وأساءت إلى صورة مصر الخارجية.
*خسائر فادحة
ويسعى قطاع السياحة المصرية، أحد ركائز الاقتصاد والمصادر الرئيسية للعملة الصعبة إلى استعادة عافيته بعد الأزمة السياسية والاقتصادية التي عصفت بالبلاد عقب ثورة 25 يناير عام 2011 التي أنهت حكم الرئيس السابق حسني مبارك عام 2011.
وبلغ عدد السائحين الذين زاروا مصر في 2014 نحو 9.9 ملايين سائح مقابل 9.5 ملايين سائح في 2013 وبلغت الإيرادات 7.5 مليارات دولار ارتفاعا من 5.9 مليارات في 2013.
وكانت مصر قد استقبلت في عام 2010 أكثر من 14.8 مليون سائح قبل أن يتراجع العدد إلى 9.8 ملايين في 2011، الا أنه تحسن خلال حكم د. محمد مرسي حيث زاد عدد السياح في عام 2012 إلى 11.5 مليون سائح قبل أن يتراجع مجددا في 2013.
وسبق أن تعرضت السياحة لانتكاسات كبيرة في السابق بعد أن أقدم مسلحون إسلاميون متشددون عام 1997 على قتل 58 سائحا وأربعة مصريين في الأقصر جنوب مصر.
وأوضح راشد أن نسبة السياحة هوت 40% في الربع الأول من هذا العام مقارنة بالفترة المقابلة من العام الماضي.
لكن الوزير قال إن عدد السياح الخليجيين زاد في الوقت نفسه 45% في الربع الأول، مقارنة مع مستواه قبل عام، من جراء الأوضاع والحروب في المنطقة.
* تفاؤل وأمل
وعلى الرغم من تراجع الحركة السياحية باضطراد، إلا أن وزير السياحة عبر عن تفاؤله وهو يشرح خطة وضعها من ست نقاط، ترتكز بشكل أساسي على العمل بشكل وثيق مع الشركات السياحية المصرية والشركات السياحية في جميع أنحاء العالم، وعلى تعزيز أجندة النشاطات والمؤتمرات الخارجية في مصر.
كما تشمل الخطة توسيع قطاع الطيران المحلي وتعزيز عمل شركة "مصر للطيران" في عدد أكبر من البلدان والمدن وربط الخارج بمزيد من الرحلات المباشرة من المدن الأوروبية إلى المناطق السياحية المصرية، فضلا عن تعزيز التعاون مع شركات الطيران الاقتصادي.
وتتضمن الخطة تنظيم برنامج للأنشطة الترفيهية في كل المناطق السياحية وتطوير البنى التحتية وتسهيل التنقل بين المناطق السياحية وتسهيل وسائل الاتصالات وتوفير جميع التسهيلات بغية توفير متطلبات البنية التحتية السياحية.
وشدد راشد على العمل في إطار الخطة على تجديد وتحسين الفنادق وتطوير القدرات البشرية عبر دورات تدريبية بالتعاون مع كبار الشركات والمعاهد التدريبية.
كما سلط الضوء على أهمية "دعم المستثمرين الحاليين في قطاع السياحة وتقديم نموذج من خلالهم لقطاع المستثمرين بأكمله وهذا سيشجع المزيد على توظيف أموالهم في القطاع".
أما النقطة السادسة التي يأمل راشد أن يحقق فيها الكثير هي "السياحة الصديقة للبيئة" ونشر وسائل توليد الطاقة على سبيل المثال من مصادر لا تضر بالبيئة مثل الاعتماد على الطاقة الشمسية وغيرها.
وعن تمويل تطبيق هذه الخطة الطموحة قال راشد "لدينا تمويلات تمكننا من تنفيذ برامجنا نسبيا على المدى القصير. المال الذي بحوزتنا حاليا يمكنه أن يدعم جميع المشاريع التي نريد البدء فيها".
وأضاف "كما يجب أن نحدد أولا تكاليف الخطة السداسية التي أنهينا للتو العمل عليها وما زال أمامنا تحويلها إلى خطة عمل وأهداف محددة. سنستمر في تطوير هذه الخطة وتعديلها باستمرار. لدينا غرفة عمل ستتولى التنفيذ خطوة خطوة . لدينا التمويل. وبرامجنا هي في مجملها برامج تحفيزية".
وختم راشد بالقول "ما أريد أن أبعثه هو رسالة سلام ورخاء، وأن يفهم الجميع أننا نرحب بعودتهم إلى مصر. هذا مصدر فخر لنا".