أكد تحليل اقتصادي صادر، اليوم السبت، أن لجنة السوق المفتوحة لبنك الاحتياطي الفدرالي الأميركي (البنك المركزي) فاجأت الأسواق، منذ أسبوعين، بالمحافظة على توقعاتها بشأن رفع سعر الفائدة، خلال العام الجاري، وعلاوة على ثلاث زيادات إضافية في العام المقبل 2018، وفي مقابل ذلك، كانت الأسواق تتوقع إقرار زيادة واحدة فقط خلال الفترة المتبقية من 2017 وطوال عام 2018.
ولفت التحليل الأسبوعي لـ"بنك قطر الوطني" إلى أن التباين بين توقعات بنك الاحتياطي الفدرالي والسوق يرجع إلى اختلاف في وجهات النظر حول التضخم الذي شهد نسقاً تراجعياً خلال معظم العام الجاري، ويعتقد بنك الاحتياطي الفدرالي من جانبه أن ضعف التضخم حالة مؤقتة وأنه سينتعش إلى المعدل المستهدف 2% في عام 2018.
وفي الجانب الآخر، يرى المتشككون في السوق أن ضعف التضخم ناتج أساساً عن عوامل هيكلية طويلة الأجل ومن غير المرجح أن يتم التغلب عليه بسرعة، وذلك وسط توقعات بأن يرفع المركزي الأميركي سعر الفائدة ثلاث مرات، خلال الفترة من الآن وحتى نهاية عام 2018، حيث ستستمر العوامل الهيكلية في الإبقاء على التضخم دون المستوى المستهدف في حين ستتلاشى العوامل المؤقتة التي تعمل على إضعاف التضخم حالياً.
وأفاد التحليل أن هناك ثلاثة تفسيرات للعوامل الهيكلية الرئيسية التي تقف وراء انخفاض التضخم، أولها أن انتشار العولمة أدى إلى ارتفاع حدة المنافسة وزيادة التكامل في عملية إنتاج السلع والخدمات بين المصانع والشركات عبر العالم، مما أدى إلى خفض تكاليف وأسعار التجزئة للمستهلكين العالميين.
وأشار التفسير الثاني إلى أن ظهور التجارة الإلكترونية أدى إلى زيادة المنافسة في سوق التجزئة من خلال زيادة الشفافية وانخفاض التكاليف، حيث يتم حالياً إجراء ما يقدر بنسبة 8% من مبيعات التجزئة في الولايات المتحدة عبر الإنترنت.
فيما لفت التفسير الثالث إلى تقلص نمو الأجور بسبب تراجع قدرة العمال على المساومة مما أدى إلى انخفاض التضخم، ويعكس ذلك حقيقة أن الشركات تنمو دوماً فتصبح شركات أكبر حجماً، وتراجع قوة النقابات العمالية، وضعف نمو الإنتاجية.
وأفاد التحليل، أن بنك الاحتياطي الفدرالي رفض بصورة عامة جميع هذه التفسيرات للنوبة الحالية من ضعف التضخم، وعوضاً عن ذلك، يرى البنك أن معظم الضعف في التضخم يعزى إلى أحداث تقع لمرة واحدة، كما أن السياق العام لوجهة نظر بنك الاحتياطي الفدرالي يرتكز بشكل كبير على فرضية أن قوة سوق العمل ستؤدي في نهاية المطاف إلى ضغوط تضخمية.
وذكر التحليل أن توقعات بنك الاحتياطي الفدرالي بارتفاع معدل التضخم إلى المعدل المستهدف 2% بسرعة في عام 2018 تبدو متفائلة، لا سيما وأن معدل التضخم لم يبلغ المستهدف له خلال السنوات الخمس الماضية، ومن المرجح أن يكون وجود العوامل الهيكلية المذكورة سابقاً سبباً رئيسياً لذلك، ومن غير المتوقع أن تتلاشى تلك التأثيرات الهيكلية فجأة.
واختتم بنك قطر الوطني تحليله الأسبوعي بالتأكيد على أن "العوامل المؤقتة التي تؤثر على التضخم في عام 2018 ستتلاشى، وهو ما يتوقع له أن يضيف نحو 0.2% إلى معدل التضخم الأساسي، ليصل إلى 1.7 أو 1.8 بالمائة في عام 2018".
وأضاف التحليل أنه عند استخدام هذا المعدل التضخمي مع قاعدة تايلور (المعادلة القياسية لبنك الاحتياطي الفدرالي لتقدير سعر الفائدة المناسب) بدلاً من معدل 2.0% الذي يتوقعه بنك الاحتياطي الفدرالي، فسنجد أن رفع سعر الفائدة ثلاث مرات خلال الفترة من الآن وحتى نهاية عام 2018 سيكون مناسباً.