ما إن سمح تنظيم الدولة "داعش" مؤخراً بمرور صهاريج المازوت، بعد منعها لنحو شهر، لريفي حلب وإدلب شمالي غرب سورية، حتى تلقف تجار الأزمات الصهاريج، وفرضوا أسعاراً وصلت إلى نحو 350 ليرة لسعر ليتر المازوت (أكثر من دولار).
ويقول الناشط منار يحيى من ريف حلب، لـ"العربي الجديد": "سمح تنظيم الدولة "داعش" بإدخال شاحنات وصهاريج محملة بالنفط الخام والمازوت إلى مناطق سيطرة الجيش الحر والمعارضة في ريفي حلب وإدلب، مقابل السماح بمرور الغذاء لمناطق سيطرة التنظيم، بعد منع عبور النفط للمناطق المحررة لنحو شهر؛ ما رفع الأسعار من 70 إلى نحو 500 ليرة.
وأضاف: "قصف نظام الأسد أرتال الصهاريج بعد عبورها من مناطق "داعش" وتفتيشها على حواجز الجيش الحر، أدى لإشعال أربع سيارات محملة بالوقود قرب مدينة الباب شرقي مدينة حلب"، مشيراً إلى أنها "خطوة بالتنسيق بين داعش وطيران الأسد".
ووصلت سيارات محملة بالمازوت لريف إدلب بعد شح السلعة وارتفاع سعرها؛ ما أثر على عمل المراكز الصحية وضخ المياه وأسعار السلع و"كهرباء الأمبيرات"، في واقع انقطاع تام للتيار الكهربائي في معظم ريف إدلب.
ويؤكد عضو المجلس المحلي في سرمين بريف إدلب الشرقي، محروس فؤاد، أن بعض التجار اشتروا المازوت ورفعوا سعره ثلاثة أضعاف خلال يوم واحد، إذ بدأ بيع سعر ليتر المازوت بنحو 100 ليرة في أول يوم من دخول الشاحنات، ليصل سعره بعد ذلك إلى 300 ليرة في اليوم الثاني، ولا يزال السعر يواصل الارتفاع تبعاً للعرض والطلب.
وأضاف: "أثر ارتفاع سعر المشتقات النفطية على العمل الزراعي وأسعار المنتجات، ورفع سعر الخبز وأجور النقل، وزاد فقر السوريين المحاصرين بلقمة عيشهم إثر قطع الرواتب والأجور من النظام، بعد تحرير مدينة إدلب وتراجع المساعدات الإغاثية الدولية".
ووجه عضو المجلس المحلي اللوم إلى من وصفهم بـ"الجشعين المحسوبين على الثوار الذين يحتكرون السلع والمازوت، للمتاجرة بجوع وحاجة السوريين لكسب الأموال".
ويسيطر تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" على معظم مواقع وآبار النفط السورية، بعد سيطرته على حقول العمر والتنك والجفرة في شمال شرق سورية، ويبيع النفط للنظام وللسكان بالعملة السورية وبأسعار متباينة.
وتساءل المحلل الاقتصادي محمود الحسين، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، عن سر توقيت السماح بعبور النفط لحلب وإدلب، تزامناً مع ضخ نظام الأسد 10 مليارات ليرة سورية بورق نقدي جديد من فئة الألف ليرة بالسوق السورية؟
وأضاف: "لم يعد من المؤامرة القول إن تنظيم "داعش" يدعم نظام الأسد، ويمنع الليرة السورية من الانهيار.. وإلا لماذا تبيع النفط بسورية بالليرة السورية لتمتص فائض السيولة من السوق، في حين تبيع النفط بالعراق بالدولار؟
وكانت دراسة للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الأسكوا)، قد ذكرت أن 18 مليون سوري يعيشون تحت خط الفقر الأعلى، لافتة إلى أن سورية تواجه احتمالات المجاعة لأول مرة في التاريخ الحديث.
اقرأ أيضاً: الغلاء يغير العادات الاستهلاكية للسوريين