في توسّع جديد لسياسة العسكرة، التي تدرّ مليارات الجنيهات في منظومة القوات المسلحة المصرية المالية البعيدة عن الرقابة الحكومية أو الشعبية، استقبل، يوم الخميس، الفريق عبد العزيز سيف، رئيس الهيئة العربية للتصنيع، إحدى الهيئات الاقتصادية للقوات المسلحة، وزير الزراعة عصام فايد؛ لبحث آخر المستجدات في مجال نقل تكنولوجيا بناء البيوت الزراعية، استجابة لتوجيهات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، بزراعة 100 ألف فدان في سيناء، باستخدام تكنولوجيا الزراعة المحمية داخل البيوت الزجاجية الزراعية الموفرة لمياه الري.
يأتي اللقاء بعد يوم واحد من إسناد مهمة المتابعة والإشراف الفني من قبل وزارة الإنتاج الحربي على منظومتي التموين والخبز، في إطار سياسة ضبط وتخفيف الدعم الحكومي.
كما يأتي عقب يومين من إعلان مشاركة الجيش المصري في مبادرة "حلوة يا بلدي" لتنظيف الشوارع وجمع القمامة، التي أطلقتها مؤسسة "أخبار اليوم" الصحافية، قبل أيام.
إضافة إلى أنه يأتي وسط دعوات لإسناد عملية جمع وإدارة القمامة والمخلفات على مستوى الجمهورية، لشركة "كوين سرفيس"، إحدى شركات جهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة.
وكان الإعلامي المقرب من السيسي، ياسر رزق، تزعّم حملة قادتها مؤسسة "أخبار اليوم"، لنظافة وتجميل القاهرة والمحافظات، تحت عنوان: "حلوة يا بلدي"، مؤكدا اهتمام السيسي بها، وثناءه على النتائج التي حققتها.
من جهته، أصدر وزير الدفاع والإنتاج الحربي، الفريق أول صدقي صبحي، توجيهاته لأجهزة القوات المسلحة، للمشاركة في المبادرة.
كما عقد كبار القيادات العسكرية اجتماعا رفيع المستوى، لبحث مشكلة جمع القمامة، ضم كلا من اللواءات: محمد أمين، رئيس هيئة الشؤون المالية للقوات المسلحة، ويحيى الحميلي قائد المنطقة الجنوبية العسكرية، ومحمد عبداللاه قائد الجيش الثالث، ومحمد الزملوط قائد المنطقة الشمالية، وأيمن عامر قائد المنطقة المركزية، ووحيد خفاجي قائد المنطقة الغربية، وناصر عاصي قائد الجيش الثاني، وعاطف طاهر نائب رئيس هيئة الشؤون المالية، وهشام حمدان رئيس شركة كوين سرفيس، المملوكة للقوات المسلحة.
كما ضم الاجتماع كلا من د. أحمد زكي بدر وزير التنمية المحلية، وخالد فهمي وزير البيئة، ورجب عبدالعظيم وكيل وزارة الري.
واستمر الاجتماع العسكري رفيع المستوى، بحسب "أخبار اليوم"، أربع ساعات كاملة، ناقش إسهام القوات المسلحة على المدى القصير والمتوسط في جمع القمامة.
وتقرر أن تبدأ القوات المسلحة من خلال الجيشين الثاني والثالث والمناطق العسكرية إسهامها في الحملة، اعتبارا من منتصف أغسطس/آب الجاري، حتى 10 سبتمبر/أيلول المقبل، على أن يعقد اجتماع في ختام هذه الفترة؛ لتقويم النتائج.
وقال اللواء محمد أمين، خلال الاجتماع، الذي تناقلته وسائل الإعلام المصرية، إن القمامة أصبحت مشكلة أمن قومي يجب إيجاد حلول حقيقية لها، مطالبا باستمرار الحملة، ومؤكدا استعداد القوات المسلحة لدعم القرى والمراكز والمدن التي تشكل فيها القمامة أزمة كبرى، بحسب قوله.
ومن جهته، تحدث اللواء محمد عبد اللاه، قائد الجيش الثالث الميداني، فأشار إلى أنه قام بالفعل بإطلاق حملات للنظافة في شوارع السويس، بمعاونة الجهاز التنفيذي، كمساهمة مجتمعية من الجيش الثالث، بعد أن وجد أن القمامة بدأت في احتلالها.
وطالب اللواء ناصر العاصي، قائد الجيش الثاني الميداني، بتحديد مسؤول عن كل طريق لمحاسبته عن أعمال النظافة والإشغالات.
وتقدم اللواء أيمن عامر، قائد المنطقة المركزية العسكرية، باقتراحات لمواجهة أزمة النظافة في معظم المحافظات، مشيرا إلى أهمية الاستفادة من شباب التجنيد خلال فترات محددة، وإعادة إحياء قانون الخدمة العامة.
وقال اللواء يحيى الحميلي، قائد المنطقة الجنوبية العسكرية، إن القوات المسلحة ستتدخل وستسهم، ولكن في البداية لا بد من إعادة عمال النظافة إلى أعمالهم.
بينما أوضح مدير شركة "كوين سيرفس" لخدمات النظافة التابعة للقوات المسلحة، اللواء هشام حمدان: لدينا 30 ألف عامل، ويزداد عددهم 10 آلاف عامل كل عام، وتعمل الشركة على جمع القمامة، ولديها فروع في جميع المحافظات.
واقترح الصحافي ياسر رزق تحويل شركة "كوين سرفيس" التابعة للقوات المسلحة إلى شركة قابضة كبيرة وتطبق طرق ومنظومة العمل فيها، وبدلا من التعاقد مع شركات خاصة تكون هي المسؤولة عن التعاون مع الشباب لمنح فرص عمل في إدارة القمامة.
إمبراطورية تتعاظم يوميا
وخلال عامين من حكم السيسي، حصل الجيش رسمياً على حق استغلال الطرق في عموم البلاد مدة 99 عاماً، كما بدأت سياراته تنتشر في الشوارع لبيع المواد الغذائية، ومؤخراً دخل الجيش على خط المنافسة في بيع مكيفات الهواء وتوريد الدواء للجامعات.
وكان تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية قد كشف، أن الجيش المصري يسيطر على 60% من اقتصاد البلاد، وأن مشروع تطوير قناة السويس ربما كان وراء قيام العسكر بالإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي في الثالث من يوليو/تموز 2013.
وتنسب الصحيفة إلى خبراء اقتصاديين قولهم إن الجيش المصري يسيطر حاليا على نحو 60% من اقتصاد مصر، وإن إبعاد القوات المسلحة عن مشروع تطوير قناة السويس في عهد مرسي ربما يكون أحد أهم الأسباب التي أدت إلى الإطاحة بأول رئيس مدني منتخب.
ووفق تقرير الصحيفة، فإن الجيش المصري يتمتع بميزانية سرية، وأعماله معفاة من الضرائب.
وتحدثت الصحيفة الأميركية عن مشاريع في البنى التحتية بقيمة تتجاوز 1.5 مليار دولار ذهبت إلى القوات المسلحة بين سبتمبر/أيلول وديسمبر/كانون الأول الماضيين.
وفي أواخر مارس/آذار الماضي، حذر تقرير لموقع "ميدل إيست آي" البريطاني من "مخاطر توسع الإمبراطورية الاقتصادية العسكرية في مصر".
وقال التقرير: إن "الاقتصاد العسكري المصري تطور إلى ما هو أبعد من الاحتياجات العسكرية ليشمل جميع أنواع المنتجات والخدمات".
وأكد أن العسكر "يهيمنون على نسبة تتراوح بين 50 و60% من الاقتصاد المصري، ويستحوذون على 90% من أراضي مصر، ويسخّرون الجنود للعمل مجاناً في مشاريعهم، فينافسون بذلك أصحاب المشاريع الأخرى الخاصة المدنية".