وهذا الإنجاز الإسرائيلي، الذي نزل بردا وسلاما على الطبقة السياسية الحاكمة في إسرائيل، وفقاً لتقرير أوردته صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، دفع الوزير الإسرائيلي، يوفال ستينيتز، إلى إبداء سعادته من هذا الاتفاق "الذي سيتيح تعزيز مكانة إسرائيل كفاعل مركزي في المنطقة في سوق الطاقة".
كما أن رئيس الحكومة، نتنياهو، الذي كان موضع اتهام، منذ سنتين، ببيع مصالح بلده لفائدة كبريات المجموعات الطاقوية، رأى أن هذا الاتفاق مع مصر "سيدرّ مليارات الدولارات على خزانة الدولة".
وترى الصحيفة الفرنسية أن القادة الإسرائيليين، الذين تعايشوا، خلال فترات طويلة، مع النقص الحادّ في المواد الأولية، يحلمون بتحويل إسرائيل إلى عملاق طاقوي، منذ أن اكتشفت، في سنوات الألفية الثانية، ثروات غازية في البحر المتوسط.
وتقول الصحيفة إن حقل تامار، المقابل لشاطئ حيفا، والذي بدأ استثماره عام 2013، أتاح ضمان تزويد البلد، لكنه لم يكن في نظر القادة الإسرائيليين سوى البداية. إذ إن حقل لوثيان، الذي تشير التقديرات إلى أنه يحتوي على نحو 500 مليار متر مكعب، سيحوّل إسرائيلَ، في نهاية الأمر، إلى أن تكون بلداً مُصدِّراً للغاز، ولا غنى عنه.
وتشير الصحيفة الفرنسية إلى أن التوقيع العام الماضي، على أول صفقة غازية مع الأردن، بمبلغ 10 مليارات دولار، عزز هذا الأمل الإسرائيلي. ويتوجب على إسرائيل وشركائها من القطاع الخاص، قبل إعداد الاستثمارات الضرورية لاستغلال حقل لوثيان، العثور على أسواق أخرى لتسويق هذا الغاز.
انقلاب الوضع
ووفقاً لتقرير الصحيفة الفرنسية إيّاها، يعتبر مشروع بيع الغاز الإسرائيلي لمصر انقلابا مثيرا للأوضاع. إذ إنه في بدايات سنوات الألفية الثانية، وقبل أن تكتشف إسرائيل مصادر غازية ضخمة، كان الكونسورتيوم المصري (شركة غاز شرق المتوسط)، هو الذي يخطط لتزويد إسرائيل عن طريق خط أنابيب تحت البحر يتمّ إنشاؤه، خصوصا، لربط العريش، شمالي سيناء، مع مدينة أشكلون.
وبعد 10 سنوات، وبسبب الإدارة الرديئة للموارد الغازية المصرية وانعدام الاستقرار المتزايد في الأراضي الصحراوية، تقول الصحيفة إن هذا المشروع المصري أصبح لاغياً. إذ تعرّضت أنابيب الغاز لنحو عشرين هجوما من قبل بدو متعاطفين مع الجهاديين، واضطرت إمدادات الغاز للتوقف. ومنذ تلك الفترة لا تزال تجري إجراءات تحكيم، بمبادرة من شركة غاز شرق المتوسط، التي تطالب بتعويضات جرّاء إلغاء هذه الصفقة.
وتبعاً لما أوردت الصحيفة، ينوي الإسرائيليون ودولفينوس استخدام أنابيب الغاز، التي أصبحت في حكم المهجورة، لنقل الغاز المستخرج من حقل لوثيان إلى مصر، في انتظار أن تكون مصر قادرةً على استخراج ثرواتها الغازية البحرية.
لكن هذا الأمر يستلزم، برأي كاتب التقرير الفرنسي، أن تمنح شركة غاز شرق المتوسط الضوء الأخضر لاستخدام بنى تحتية استثمر فيها شركاؤها 500 مليون دولار.
من جانبه، أعلن وزير النفط المصري، طارق الملا، أن حكومته لم تمنح، لحد الآن، سوى موافقة تمهيدية، وهو ما دفع مصدرا صناعيا إسرائيليا للتصريح بأن "الفرح العارم الذي استبد برئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، هو، على الأقل، سابقٌ لأوانه"، وهو ما يمكن أن يدفع "جهاديي سيناء إلى معاودة هجماتهم على أنابيب الغاز".
ولا تريد الحكومة الإسرائيلية، بحسب لوفيغارو، أن ترتبط بمصر والأردن، لوحدهما، فهي بصدد البحث عن طرق أخرى، على أمل استغلال سريع لحقل لوثيان. وقد بدأت، في هذا الشأن، مفاوضات من أجل إنشاء خط أنابيب غاز يحمل اسم EastMed يمكنه الربط ما بين إسرائيل واليونان وقبرص، بهدفٍ إسرائيلي مُعلن، وهو الحدّ من تبعية أوروبا للغاز الروسي.
وتخلص الصحيفة الفرنسية إلى القول: "لكن هذه النعمة تحمل في داخلها نقمة، فهذه الحقول الغازية هي أيضا مصدرٌ لتوترات إقليمية، كما كشفت عن ذلك، في الأيام الأخيرة، إعادة تنشيط الخلاف بين لبنان وإسرائيل حول الحدود البحرية لثروتيهما".