ضرب الغلاء موعداً جديداً مع المصريين إذ قفزت أسعار السلع ولا سيما الخضروات والفاكهة خلال الفترة الأخيرة، كما تزايدت الشكاوى من غلاء فواتير الكهرباء والمياه، وما يفاقم من معيشة المواطنين ما كشفته مصادر حكومية ونيابية متطابقة لـ"العربي الجديد" أن هناك اتجاهاً لرفع سعر تذكرة مترو أنفاق القاهرة، علاوة على أسعار المواد البترولية، بنهاية العام الجاري.
وقالت المصادر إنه من المرجح تطبيق زيادة أسعار المترو في الأسبوع الأخير من شهر ديسمبر/ كانون الأول، فور تشغيل المرحلة الجديدة من مترو أنفاق مصر الجديدة (يخدم مناطق شرق القاهرة)، بحيث يرتفع سعر التذكرة من 3 جنيهات (الدولار = 17.85 جنيهاً) إلى 5 جنيهات لعدد 9 محطات، ومن 5 جنيهات إلى 7 جنيهات لعدد 16 محطة، ومن 7 جنيهات إلى 10 جنيهات لأكثر من 16 محطة.
وأوضحت المصادر، التي رفضت ذكر اسمها، أن مجلس الوزراء رفض اقتراحاً مقدماً من وزير النقل، هشام عرفات، بالإبقاء على سعر تذكرة مترو الأنفاق دون زيادة، مع إلزام المواطنين على دفع قيمة تذكرة جديدة للمحطات التي سيجري افتتاحها، وتمتد لمسافة 4 كيلومترات من محطة الأهرام حتى نادي الشمس بمصر الجديدة، نظراً لأن الاقتراح سيدفع المواطنين إلى تجنب استخدام تلك المحطات، وبالتالي عدم تحقيقها الإيرادات المرجوة منها.
وفي 19 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، صرح وزير النقل بأن "تذكرة مترو الأنفاق التي تُباع للمواطنين بسبعة جنيهات تدعمها الدولة بتسعة جنيهات أخرى"، على حد قوله، مشيراً إلى أن أسعار المترو لن تظل ثابتة لفترات طويلة كما جرى في السابق، وأن قرار الزيادة لا يزال "محل دراسة" وفقاً للمتغيرات الحالية، ومدى احتياجات المرفق من إصلاح وتجديد أو صيانة، ضماناً لاستدامة الخدمة المقدمة.
واتخذت حكومة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، في 11 مايو/أيار 2017، قراراً برفع أسعار تذاكر مترو الأنفاق بنسبة 350%، بعد نحو 10 أشهر فقط من مضاعفة سعر التذكرة الموحدة من جنيه واحد إلى جنيهين، وهو ما تزامن مع زيادات أخرى كبيرة في أسعار المحروقات والكهرباء والغاز والمياه، علماً بأن المترو يعد وسيلة الانتقال الرئيسية لقرابة 10 ملايين من ذوي الدخل المحدود والمتوسط في محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية.
وقفزت أسعار بعض الخضروات في مصر إلى أكثر من 100% من أثمانها، عقب التسريبات المتداولة بشأن اعتزام الحكومة رفع أسعار الوقود بنسبة تصل إلى 25% مطلع العام المقبل، نتيجة ارتفاع أسعار النفط عالمياً، وما تسببه من ضغط على الموازنة الجارية، باعتبار أن كل دولار زيادة في سعر برميل النفط يزيد من فاتورة الدعم بنحو 3-4 مليارات جنيه، ووصول فاتورة دعم المواد البترولية إلى 125 مليار جنيه.
وحسب المصادر، فإن تعليمات صدرت للصحف الحكومية والخاصة من دائرة السيسي المقربة، والتي يديرها رئيس جهاز الاستخبارات العامة، اللواء عباس كامل، بنشر تقارير دورية عن ارتفاع تكلفة دعم المحروقات، وتحمل الدولة نحو 111 جنيهاً لدعم أسطوانة غاز الطهو المنزلي، و1.65 جنيه عن كل لتر بنزين (أوكتان 95)، و2.05 جنيه عن لتر بنزين (أوكتان 92)، و2.10 جنيه عن لتر بنزين (أوكتان 80)، و3.8 جنيهات عن لتر السولار.
ومن أجل الحصول على باقي شرائح القرض البالغ 12 مليار دولار، تعهدت مصر لصندوق النقد الدولي بوصول أسعار الوقود إلى سعر التكلفة بحلول 15 يونيو/حزيران 2019، والتي ارتفعت أسعارها بنسب تصل إلى نحو 67% في يونيو/حزيران الماضي، وبنسب تصل إلى 55% في يونيو/حزيران 2017، وبنسب تراوحت ما بين 30 و47% في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، وبنسب اقتربت من الضعف في يوليو/تموز 2014، لتتراوح الزيادة الإجمالية بعهد السيسي ما بين 400% و500%.
ويرى مراقبون أن الممارسات الاحتكارية، وقلة المعروض من المحاصيل الزراعية، وارتفاع أسعار مستلزمات إنتاجها، وراء ارتفاع سعر كيلو البطاطس في الأسواق المحلية إلى نحو 14 جنيهاً، والطماطم إلى 15 جنيهاً، والبطاطا إلى 14 جنيهاً والبسلة إلى 17 جنيهاً، والباذنجان إلى 8 جنيهات، متوقعة أن بعض المحاصيل الأخرى ستشهد ارتفاعات مماثلة خلال الشهرين المقبلين، الأمر الذي يُنذر بمزيد من المعاناة للمصريين البسطاء.
كذلك شهدت أسعار الفول ارتفاعاً كبيراً في الأسواق المحلية، بسبب انكماش مساحات زراعته، وارتفاع أسعار الفول المستورد، الأمر الذي أثار حالة من الغضب والاستياء بين المواطنين، خاصة الفقراء ومحدودي الدخل منهم، ودفع بعض أعضاء مجلس النواب إلى التقدم بطلبات إحاطة وبيانات عاجلة إلى الحكومة بشأن الارتفاع الجنوني في أسعاره، كونه يعد ضيفاً دائماً على موائد أغلب المصريين.
ووفق شعبة الغلال والحاصلات الزراعية في غرفة القاهرة التجارية، قفز سعر الفول البلدي إلى نحو 18 ألف جنيه للطن (ألف دولار) مقابل 11 ألفاً في نفس الفترة من العام الماضي، بينما بلغ سعر الفول المستورد 15 ألف جنيه للطن، مقابل 7 آلاف العام الماضي، ما أدى الى ارتفاع سعر البيع للمستهلك إلى 20 جنيهاً للكيلو مقابل 17 جنيهاً العام الماضي، علماً بأن مصر تستورد نحو 90% من احتياجاتها من الفول من الخارج، حسب تقارير رسمية.