تبنّى البرلمان المصري، اليوم الأحد، قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الموافقة على الاتفاقية مع حكومة روسيا الاتحادية، حول إنشاء وتشغيل المنطقة الصناعية الروسية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، ورفض تخفيض مدتها من 50 عاماً إلى 25 عاماً.
وافق مجلس النواب المصري، على قرار السيسي رقم 420 لسنة 2018، بشأن الموافقة على الاتفاقية بين حكومتي مصر وروسيا الاتحادية، حول إنشاء وتشغيل المنطقة الصناعية الروسية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والموقعة في موسكو بتاريخ 23 مايو/أيار 2018، بعد عرضها على مكتبي لجنتي الصناعة والخطة والموازنة في البرلمان.
ونصت الاتفاقية على إنشاء منطقة صناعية روسية في محور قناة السويس شرق مدينة بورسعيد، على مساحة 5.25 ملايين متر مربع، بنظام حق الانتفاع لمدة 50 عاماً قابلة للتمديد، بهدف جذب استثمارات قيمتها 7 مليارات دولار، وتعزيز فرص الاستثمار بين البلدين، على أن تجدد الاتفاقية تلقائياً لمدة 5 أعوام متتالية في حال موافقة الجانبين.
وثارت حالة واسعة من الجدال تحت قبة البرلمان، بعد رفض الأغلبية اقتراح العديد من النواب خفض مدة الاتفاقية من 50 عاماً إلى 25 عاماً، وقول رئيس المجلس، علي عبد العال، إن "الاتفاقية سبقتها مفاوضات كثيرة، وشرط استمرارها لمدة 50 عاماً جاء للتغلب على آفة التغيرات التشريعية، وعدم الدخول في نزاعات التحكيم الدولي".
وأضاف عبد العال أن "أي اتفاق يسمح بانسحاب أي طرف من الاتفاقية، في حال عدم تحقيق الاستفادة المطلوبة للبلد المستضيف"، متابعاً "القاعدة الحاكمة تنصرف إلى حجم الاستثمارات، وحساب الجدوى الاقتصادية من المشروع... والاتفاقية متوازنة تماماً، ولمصر تاريخ طويل في مفاوضات الاتفاقيات، ولا تبرم اتفاقية مع أي دولة للتفريط في حقوق سيادتها"، على حد زعمه.
وزاد بالقول: "إن الاتفاقية لا تخل بأي من حقوق الجانب المصري، والقاعدة في المنازعات أن يتم حلها بالطرق الودية، والاستثناء هو اللجوء إلى الوسائل الأخرى مثل القضاء أو التحكيم... والاتفاقية وقعت بين دولتين تجمعهما صداقة معينة، وبعض الدول تمنح الاتفاقيات الدولية درجة أعلى من التشريعات ذاتها، وتعديل الاتفاقيات في هذه الدول يحتاج إلى تعديل الدستور!".
في المقابل، أعلنت النائبة نادية هنري رفضها التام للاتفاقية، قائلة: "من المعروف أن وتيرة عمل الجانب الروسي بطيئة للغاية، حيث تحتل موسكو المرتبة الثامنة والثلاثين في الاستثمار المباشر في مصر"، مستطردة "أول شركة روسية في مصر أنشئت عام 1984، ونحن نطالب بمزيد من الالتزامات للجانب الروسي، خاصة أنهم سيحصلون على 1200 فدان مع كافة المرافق والتراخيص من دون مقابل".
بدوره، قال النائب عبدالحميد كمال إنه "من غير الممكن توقيع اتفاقية بهذا الشكل مع دولة مثل روسيا الاتحادية، متضمنة مادتين (العاشرة والحادية عشرة) بشأن سرية المعلومات، وهو ما يتناقض بشكل صريح مع المادة السابعة والعشرين من الدستور المصري، ونصت على التزام النظام الاقتصادي بمعايير الشفافية والحوكمة"، مضيفاً "هناك مشكلات في التربة بمدينة بورسعيد، وهو ما سيكلف الجانب المصري الكثير من الأموال".
وعقّب رئيس البرلمان بالقول: "الدستور نص على موافقة البرلمان على الاتفاقيات الدولية أو رفضها من دون تعديل، ونحن لا نملك تعديل أي بند في الاتفاقية، وهي قاعدة معروفة في كل دول العالم"، مضيفاً "الاتفاقية تقضي بتخصيص منطقة صناعية روسية، وهناك بعض الصناعات التي تحتاج إلى سرية المعلومات المتبادلة حولها، لأنها تتعلق بسر صناعتها، ولا يجوز الإفصاح عنها".
بدوره، قال النائب هيثم الحريري: "كلنا نشجع الاستثمارات في مصر، ومع محور تنمية قناة السويس، لأن مصر لن تكون دولة قوية إلا بالصناعة"، مستدركاً "روسيا حلف قوي للدولة المصرية، إلا أن هناك إجماعاً داخل اللجنة الاقتصادية في البرلمان على خفض مدة الاتفاقية إلى 25 عاماً، ولدى عدد كبير من النواب تحفظات على الاتفاقية التي توجد حولها علامات تعجب كبيرة".
وأضاف الحريري أن "مدة الخمسين عاماً تحتوي على إجحاف كبير لحقوق الشعب المصري، ونحن لا نعلم ما توجهات الحكومات القادمة لتتفاوض باسم الأجيال القادمة بشأن أي خلاف ينشأ بين الطرفين... والاتفاقية تُقر بعدم إنهائها إلا بموجب إخطار كتابي للطرف الآخر قبل انتهاء كل مدة بعام على الأقل، وتحصن نفسها ضد أي تشريعات قد تصدر في تاريخ لاحق لها".
من جهته، قال وزير الشؤون النيابية، عمر مروان، إنه "لا يخفى على أحد الأهمية السياسية والاقتصادية للمنطقة الصناعية الروسية، وأهمية المشروعات وحجم الأموال المستثمرة فيها... والمادة الحادية عشرة من الاتفاقية تسمح بإدخال تعديلات عليها بموجب الاتفاق بين الطرفين، كما أن هناك مادة أخرى تسمح بإنهاء الاتفاقية في أي وقت بمجرد إعلان أي طرف عن رغبته في إنهائها".
وتبلغ تكاليف إنشاء المرحلة الأولى من المنطقة الصناعية الروسية 190 مليون دولار، ويلتزم الطرفان بالتعاون في إنشاء وضمان توافر الظروف اللازمة للتشغيل الفعال للمنطقة، وتطوير الأنشطة الخاصة بالمشروعات القائمة في المنطقة، وتصنيع منتجات تنافسية تلبي طلب السوق المصري، والأسواق الخارجية، على المنتجات التكنولوجية عالية الجودة، حسب التصريحات الرسمية.