انطلقت أعمال قمة مجموعة العشرين في مدينة هانغتشو شرق الصين، اليوم، في ظل مساعٍ مشتركة لتحفيز النمو العالمي واستمرار الجدل حول تفادي الحماية التجارية ومواجهة مخاطر ارتفاع مستويات الاستدانة، وهي تقريباً نفس القضايا التي طرحت في قمة السابقة التي عقدت في تركيا العام الماضي، مع وجود تحديات إضافية أبرزها زلزال الخروج البريطاني من "البريكست" الذي زلزل العالم الفترة الماضية.
وكان من أبرز ما طرح في القمة استمرار الجدل الأميركي الصيني حول ملف الحماية التجارية، وفي هذا السياق، قال الرئيس الصيني شي جين بينغ، خلال افتتاح قمة مجموعة العشرين، إن المخاطر تتراكم في الاقتصاد العالمي بفعل ارتفاع مستويات الاستدانة، مشيراً إلى أن الدول عليها أن تأخذ خطوات لتعزيز التجارة والاستثمار وتفادي الحماية التجارية.
وأكد شي، أن الاقتصاد العالمي مهدد بتنامي الحماية التجارية ومخاطر الأسواق المالية. جاءت تحذيرات شي بعد محادثات ثنائية مع نظيره الأميركي باراك أوباما وصفها الأخير بأنها "بناءة للغاية" وقال إنها "ما زالت تشير إلى مجالات كبرى للتعاون".
وامتد الجدل حول الحماية التجارية، ليصل إلى أستراليا التي اتهمتها الصين بالرضوخ لسياسات الحماية التجارية برفضها بيع شبكة أسغريد ومنعها كذلك صفقة لبيع شركة كيدمان اند كو للمواشي إلى كونسورتيوم تقوده الصين.
وأجرى شي محادثات مع رئيس الوزراء الأسترالي مالكوم ترنبول، وأخبره بأنه يأمل أن تواصل أستراليا توفير بيئة شفافة ونزيهة للمستثمرين الأجانب.
واستاءت الصين عندما أوقفت أستراليا صفقة بعشرة مليارات دولار أسترالي (7.7 مليارات دولار) لبيع أكبر شبكة كهرباء في البلاد إلى مستثمرين صينيين الشهر الماضي.
وفي نفس السياق، قالت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، إن قادة مجموعة العشرين قد اتفقوا على ضرورة العمل معا لزيادة النمو الاقتصادي العالمي. ورحبت بتركيز الصين على الإصلاح الهيكلي خلال فترة رئاستها للمجموعة التي قالت إنها تنوي تشكيل فريق عمل بشأن الابتكار.
ومن المرجح أن يجدد الزعماء تعهداتهم باستخدام سياسات الضرائب والإنفاق في تنشيط الاقتصاد العالمي لكن من غير المرجح وجود مبادرة جديدة لدعم النمو، حسب محللين.
وتمثل دول مجموعة العشرين نحو 85% من اقتصاد العالم، وأكثر من 75% من التجارة العالمية وثلثي سكان العالم، حسب تقارير دولية، ما يعكس أهمية مخرجات القمة وتأثيراتها على الاقتصاد العالمي.
وتنعقد القمة بعد تصويت بريطانيا لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي وقبل انتخابات الرئاسة الأميركية وظهر في اليوم الأول للقمة مدى حرص زعماء مجموعة العشرين على الدفاع عن التجارة الحرة والعولمة.
وعقد آخر اجتماع في تركيا في شهر نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، وتمسك قادة أكبر اقتصادات العالم بهدف زيادة النمو 2% بحلول 2018 على الرغم من استمرار تفاوت النمو وضعفه عن المتوقع عالمياً.
وأكد البيان الختامي لقمة تركيا على التعهدات السابقة ومنها الالتزام بإجراءات الحماية التجارية.
وكان من بين المشاركين في قمة مجموعة العشرين الحالية في الصين، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي.
ويرى محللون أنه من غير المرجح أن تثمر قمة هذا العام بشكل خاص عن أية نتائج جدية. وحذرت رئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد هذا الأسبوع من أن العالم يواجه خليطاً ساماً من النمو البطيء طويل المدى وتزايد انعدام المساواة وزيادة العوائق التجارية.
وتعد "البريكست" إحدى أهم القضايا التي ثار حولها جدل كبير خلال القمة، إذ تابعت بريطانيا جهودها من أجل عقد صفقات تجارية ثنائية في الوقت الذي يرفض فيه الاتحاد إجراء أية مفاوضات مع لندن قبل خروجها من الاتحاد.
وقال رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، إنه يعارض إجراء أية مفاوضات تجارية بين بريطانيا وغيرها من الدول قبل خروجها من الاتحاد الأوروبي، فيما تستعد أستراليا إلى إجراء محادثات تجارية مع لندن.
وعقب التصويت بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، يتعين على لندن إعادة التفاوض على دخولها إلى أسواق باقي دول العالم بما فيها أسواق الاتحاد الأوروبي.
وتعتبر هذه خطوة صعبة جداً للبلد الذي يعتبر خامس أكبر اقتصاد في العالم، وفي هذا السياق، قال يونكر للصحافيين في قمة العشرين في الصين "لا أحب فكرة تفاوض دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي على اتفاقيات تجارة حرة".
وجاءت تصريحات يونكر بعد أن صرح رئيس وزراء أستراليا مالكولم تيرنبول، أنه يستعد لإطلاق محادثات مع نظيرته البريطانية تيريزا ماي حول التجارة الحرة في أول محادثات من نوعها منذ التصويت على البريكست.
وأضاف تيرنبول، في هانغتشو "لقد بدأنا في تحريك الأمور باتجاه التوصل إلى اتفاق تجارة حرة مع بريطانيا".
وأضاف "رئيسة الوزراء ماي وأنا ملتزمان بالتوصل إلى اتفاق تجارة حرة مبكراً بحيث إنه عندما تغادر بريطانيا الاتحاد الأوروبي تكون لدينا أسواق مفتوحة بين أستراليا وبريطانيا".
وأضاف أن بلاده تقدم لبريطانيا "أكبر قدر من المساعدة على المستوى الفني" للتفاوض، مشيراً إلى أن لندن "لم تفاوض على اتفاق تجارة منذ فترة طويلة"؛ لأنها كانت عضواً في الاتحاد الأوروبي.
كما شهدت القمة مناقشات حول قضايا أخرى منها أزمة فائض الطاقة في صناعة الصلب العالمية وقضايا الفساد والإنفاق على البنية التحتية لتحفيز الاقتصاد العالمي.