في سباقها للفوز بقطعة من كعكة تصنيع معدات اتصالات الجيل الخامس 5G، أعلنت شركة نوكيا، التي طورت أول نظام هاتف خلوي أوتوماتيكي بالكامل في عام 1979، تعيين بيكا لوندمارك رئيساً تنفيذياً لها، خلفاً لـ"راجيف سوري"، اعتباراً من أول سبتمبر/ أيلول المقبل.
واعتبر متابعون أن لوندمارك، الذي شغل العديد من المناصب التنفيذية في نوكيا خلال الفترة بين 1990 – 2000، هو الاختيار الأمثل للشركة الفنلندية في الوقت الحالي، بسبب خبراته المتنوعة، حيث عمل في العديد من الوظائف القيادية في شركات طاقة، وشركات تصنيع الرافعات، بخلاف خبرته السابقة مع نوكيا.
وعقب إعلان خبر تعيينه في الشركة، قال عنه ريستو سيلاسما، رئيس مجلس إدارة نوكيا، إنه "صنع تاريخاً في قيادة الشركات وخَلْق قيمة للمساهمين، ولديه خبرة كبيرة في شبكات الاتصالات والرقمنة الصناعية، كما أن له خبرة التعامل في الأسواق الرئيسية مثل الولايات المتحدة والصين؛ ويتميز بالتركيز على وضوح الاستراتيجية وإتقان تنفيذ العمليات، مع تحقيق نتائج مالية قوية".
واضطرت الشركة إلى تغيير رئيسها الحالي، الذي أمضى معها 25 عاماً، ربعها تقريباً في منصب الرئيس التنفيذي، بعد تراجع معدلات الربحية لديها بسبب المنافسة الشرسة التي تعرضت لها من هواوي الصينية، كما منافستها المحلية إريكسون، على مدار السنوات الأخيرة.
واشتعلت المنافسة بصورة كبيرة مع ظهور تعاقدات معدات اتصالات الجيل الخامس، والتي نجحت إريكسون في حسمها مع العديد من الشركات مثل ايه تي آند تي AT&T وسبرينت وفيريزون وفودافون، ونتج عنها خسارة أسهم شركة نوكيا أكثر من ثلث قيمتها، خلال الشهور الاثني عشر الأخيرة، واضطرارها لتعليق توزيع أرباح عن الربعين الأخيرين من عام 2018.
ورغم تضييق الولايات المتحدة على هواوي، وضغطها على العديد من الدول الأوروبية واستراليا من أجل حظر التعامل معها، لم تنجح نوكيا في استغلال الفرصة بالشكل الكافي، حيث لم تتمكن، وفقاً لآخر الأرقام المعلنة بنهاية فبراير/ شباط من العام الحالي، من إتمام التعاقد التجاري على شبكات الجيل الخامس مع أكثر من 68 عميلا، بينما حصلت إريكسون على 81 عقداً، وهواوي "المحظورة" على أكثر من 90 عقداً.
وترأس لوندمارك الرئيس الجديد لنوكيا، البالغ من العمر 56 عاماً، ثماني شركات تعمل في مجالات مختلفة، ويشغل حالياً، بالإضافة إلى رئاسته لشركة فورطوم (Fortum) الفنلندية للطاقة، منصب رئيس مجلس إدارة مؤسسة هلسنكي متروبوليتان الذكية والنظيفة المتخصصة في مشروعات الطاقة والمواصلات والإنشاء الصديقة للبيئة والمناخ، كما يشغل عضوية مجلس إدارة أكاديمية التكنولوجيا بفنلنده، والمكتب الشرقي للصناعات الفنلندية ومجلس القيادة المناخية.
وتظهر المناصب التي تقلدها لوندمارك، بخلاف كونه رجل صناعة من الطراز الأول، اهتمامه بقضايا الحفاظ على البيئة والتغيرات المناخية، رغم تعارضها في كثير من الأحيان مع سعي الشركات الصناعية نحو تعظيم الربحية.
ودرس لوندمارك في كلية الفيزياء الفنية بجامعة هلسنكي للتكنولوجيا، التي حصل منها على ماجستير العلوم في الهندسة، متخصصاً في تكنولوجيا المعلومات والتسويق الدولي.
وبعد تفوقه في الرياضة والفيزياء، بدأ اهتمام لوندمارك بالحاسب الآلي، وهو ما دفعه للانضمام إلى "نادي الكمبيوتر" في مراحل مبكرة من حياته، ليخط فيه أول برامجه، ويظهر فيه تفوقاً واضحاً، قبل أن يبدأ في جني ثماره خلال مراحل حياته العملية التالية.
ويقول لوندمارك إن التحدي الأكبر للعمل في المؤسسات الكبيرة هو إقناع من يعملون معك بالحاجة للتغيير السريع، مؤكداً أن السر في ذلك يكمن في مفهوم "التواصل".
ويعكس أسلوب إدارة لوندمارك للشركات التي ترأسها الحياة الهادئة التي تتمتع بها الدول الاسكندنافية، ومنها فنلندة، حيث أدخل إلى شركة فورطوم مبادرة جديدة أسماها "نشط يومك"، شجع فيها من يعملون معه على الاعتناء بأنفسهم.
ويقول لوندمارك إن الراحة أكثر أهمية من التمرينات الرياضية، "فإذا كنت متعباً ولم تتعاف، فإن التمارين لن تساعدك، فالتمارين الرياضية تساعد فقط عندما يستريح جسم الإنسان".