وأوضح التقرير أن استراتيجية ترامب تقوم على خمسة أعمدة رئيسة، من أجل استعادة التجارة الحرة والعادلة للولايات المتحدة مع شركائها التجاريين، ووضع "أميركا أولاً".
وذكر التقرير أن هذه الأعمدة هي "دعم الأمن القومي للولايات المتحدة عن طريق ضمان أمنها الاقتصادي"، و"تقوية اقتصادها ليفيد جميع الأميركيين"، و"التفاوض على الصفقات التجارية التي تؤدي إلى رخاء مزيد من الأميركيين"، و"إنفاذ القوانين التجارية والدفاع عنها حتى لا تتمكن البلدان الأخرى من استغلال الولايات المتحدة"، وكذلك "إصلاح منظمة التجارة العالمية (WTO) لتعزيز كفاءة الأسواق، وتوسيع التجارة، وزيادة الثروة لجميع الدول".
وبدأ التقرير، الذي صدر عن مكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة، بعبارة تقول "في عام 2016، قال الرئيس ترامب للأميركيين، أيها السيدات والسادة، لقد حان الوقت لإعلان استقلالنا الاقتصادي مرة أخرى. وبعد أقل من عامين، بدأت إدارة ترامب تحقيق هذا الوعد".
وأكد أن جدول أعمال ترامب يستند إلى مبادئ قديمة قِدَم الولايات المتحدة نفسها، إذ حذّر الرئيس جورج واشنطن، في خطابه الوداعي، المواطنين الأميركيين من أنه عندما يتعلق الأمر بالمفاوضات التجارية "لا يمكن أن يكون هناك خطأ أكبر من توقع أن أي دولة ستقدم جَميلاً حقيقياً لدولة أخرى". كذلك نصحهم بأن تكون اتفاقات التجارة مؤقتة ومتنوعة". وذكر التقرير أن هذه الكلمات شكلت الأساس لسياسة تجارية أميركية تتسم بالثبات على مصلحتنا الوطنية.
وأشار إلى أن الأميركيين اتبعوا تلك النصائح في أغلب فترات تاريخهم، حتى بعد الانضمام إلى الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة (الغات)، واحتفظت الولايات المتحدة بسلطتها السيادية للدفاع عن مصالحها القومية.
لكن في الآونة الأخيرة، يبيّن التقرير، تراجع الولايات المتحدة عن هذه المبادئ الناجحة، واستمرت في الالتزام بشكل سلبي بالصفقات التي عفا عليها الزمن، والتي سمحت بتقويض مصالح الولايات المتحدة. وأكد التقرير أن الولايات المتحدة، تحت قيادة ترامب، شرعت أخيراً في تغيير كل ذلك.
ووقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مساء أمس الخميس، قانوناً يفرض تعريفاتٍ جمركية جديدة، بمقدار 25% على واردات الصلب، و10% على واردات الألمنيوم، وسط قلق في كافة أنحاء المعمورة من نشوب حرب تجارية بين الولايات المتحدة الأميركية وشركائها التجاريين. وأرجع ترامب القرار لما لاحظه من "مصانع معطلة" و"عمالة مسرحة" و"تدمير مجتمعات بأكملها".
واستثنى ترامب الواردات من كندا والمكسيك من التعريفة الجديدة، وقال إن الولايات المتحدة منخرطة الآن في مباحثات حول "اتفاقية التجارة الحرة لدول أميركا الشمالية" (نافتا) مع هاتين الدولتين، وسيتم تحديد موقفهما من التعريفة الجديدة، وفقاً لما تسفر عنه المفاوضات.
وخفف استثناء كندا والمكسيك من حدة القرار، إذ تمثل واردات الولايات المتحدة من كندا نحو 15.6% مما تستورده من الصلب، وهي في الوقت ذاته تمثل 90% من إنتاج الصلب الكندي. كذلك تمثل واردات الولايات المتحدة من كندا نحو 40% مما تستورده من الألمنيوم، وتأتي كندا بهاتين النسبتين على رأس قائمة الدول مصدرة الصلب والألمنيوم إلى الولايات المتحدة الأميركية.
وتعد المكسيك خامس دولة في ترتيب الدول المصدرة للصلب إلى الولايات المتحدة الأميركية. ولم يستثن ترامب دولاً أخرى، إلا أنه قال إن من حق أي دولة أن تتقدّم بطلب لإعفاء صادراتها إلى الولايات المتحدة من تلك التعريفات، وستنظر فيه الإدارة الأميركية.
وتستورد الولايات المتحدة الأميركية ثلث الكمية التي تحتاج إليها من الصلب، ونحو 90% من استخداماتها الأولية من الألمنيوم. ووصلت واردات الولايات المتحدة الأميركية من الألمنيوم إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق خلال عام 2017، بعد تكرار تهديدات ترامب بفرض تعريفات جمركية عليها، ومسارعة الشركات إلى إدخال كميات كبيرة منها قبل فرض التعريفات.
كذلك ارتفعت صادرات الاتحاد الأوروبي من الألمنيوم المتجهة إلى الولايات المتحدة بنحو 24% في الشهرين الأولين من السنة الجارية. وفي عام 1993 كان لدى الولايات المتحدة 23 مصهراً عاملاً للألمنيوم، انخفضت إلى خمسة فقط الآن، بسبب ما تقول الولايات المتحدة إنه "منافسة سعرية غير عادلة من بعض الدول".
وتعتبر الإمارات العربية المتحدة أكثر الدول العربية تأثراً بالتعريفات الجديدة، إذ تعدّ رابع أكبر مصدر في العالم للألمنيوم للولايات المتحدة، تليها البحرين، ثم قطر التي تصدر إليها كميات أقل. كذلك تصدّر مصر صلباً للولايات المتحدة الأميركية.
وعقب التوقيع، قال ترامب "اليوم أدافع عن أمن أميركا القومي بفرض تعريفات على واردات الصلب والألمنيوم". لكن جون ماكين، عضو مجلس الشيوخ عن الحزب الجمهوري، لم يعجبه القانون الجديد، وغرّد على موقع "تويتر" قائلاً إن "قرار الرئيس ترامب بفرض تعريفات صارمة على واردات الصلب والألمنيوم لن يحمي أميركا. سيضر الاقتصاد، والعمال، ويدمر العلاقات مع حلفاء وشركاء أميركا".
Twitter Post
|
وقال مسؤول في اتحاد الألمنيوم الأميركي إن وظائف صهر الألمنيوم التي يريد ترامب توفيرها تمثل 3% من إجمالي وظائف صناعة الألمنيوم في الولايات المتحدة، أما بقية الوظائف (97%، أو نحو 156 ألف وظيفة) فتكون في الصناعات التحويلية التي تستخدم المعدن الخام في صناعاتٍ شتى.
كذلك أعلن متحدث باسم جيف فلاك، عضو مجلس الشيوخ الجمهوري عن ولاية أريزونا، أنه سيتقدّم بمشروع قانون يهدف إلى إلغاء التعريفات الجديدة على واردات الصلب والألمنيوم. ويبرز ردّ فعل ماكين وفلاك وغيرهما غضب الجمهوريين في الكونغرس من ترامب بسبب التعريفات الجمركية، التي يحذرون من أنها قد تؤدي إلى حرب تجارية لا يمكن لأحد الانتصار فيها.
وأدى إعلان ترامب قبل أسبوع نيته فرض تلك التعريفات إلى تعرضه لانتقادات عنيفة من أطراف عدة، شملت أعضاء من الحزب الجمهوري، كما الديمقراطي، ودول حليفة للولايات المتحدة، كذلك استقال على إثرها كبير مستشاريه الاقتصاديين جاري كون. ويوم الأربعاء وقع أكثر من مائة عضو جمهوري بمجلس النواب خطاباً، أعلنوا فيه معارضتهم خطة فرض التعريفات الجمركية.