صعوبات عديدة تواجه المفاوضات بين دولتي السودان وجنوب السودان حول كيفية سداد الديون المستحقة عليهما قبل الانفصال عام 2011 والبالغة قيمتها 46 مليار دولار، وستنتهي المهلة المحدّدة لإنهاء الاتفاق في شهر سبتمبر/أيلول المقبل، ما يضع الجانبين في مأزق جديد.
وحسب مراقبين لـ"العربى الجديد"، تعثر اتفاق "الخيار الصفري" للديون الذي يسعى الطرفان لإنهائه، بسبب عدم استجابة المؤسسات الدولية لرؤية السودان حيث طالب وزير المالية السوداني بدر الدين محمود، بالنظر في إعفاء ديون السودان وفقاً لهذا الخيار خلال اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين التي عقدت بواشنطن في أبريل/نيسان الماضي.
وكانت حكومتا السودان والجنوب قد وقّعتا في عام 2012، على اتفاقٍ نص على خيارين لإعفاء الديون، الأول عرف بالخيار الصفري بأن تقبل الدولة الأم "السودان" تحمل الديون لعامين يتم خلالهما الاتصال بالدائنين مع جهود المجتمع الدولي للإعفاء النهائي من باقي الديون، والثاني يقوم على فشل الأول بأن يتم تقاسم الديون بين البلدين وفق معايير من بينها نسبة السكان.
وانتهت المهلة الأولى للاتفاق في عام 2014، وتم تمديدها لعامين آخرين تنتهي بعد نحو 3 شهور لإيجاد فرصة للوصول إلى حل قضية الدين.
وقلل وزير المالية الأسبق بحكومة السودان، عز الدين إبراهيم، في تصريحات لـ"العربى الجديد" من إمكانية لعب البنك الدولي دورا في إعفاء البلاد من الديون، مشيراً إلى وجود شقين في المفاوضات مع البنك أحدهما فني والثاني إداري ولم يتم الاتفاق عليهما بين الطرفين حتى الآن، ولكنّه يرى أن مطالبات وزير المالية المستمرة يمكنها أن تلعب دورا على المدى الطويل لجهة الضغط المستمر للحصول على الإعفاء من الديون بهدف تخفيف الضغوط الاقتصادية على السودان.
ويشير أستاذ الاقتصاد بالجامعات السودانية عصام بوب، لـ"العربى الجديد"، إلى أن الخيار الصفري يخضع لشروط الهيبك (مبادرة خاصة بإعفاء الدول المثقلة بالديون أطلقتها جهات الإقراض الدولية)، موضحاً أن السودان بعيد عن تلك الشروط وما زالت الحروب تعصف بجوانبه إضافة الى عدم تطبيق الحكم الراشد والشفافية.
وأضاف أن "الخيار الصفري مجرد حبر على ورق".
وفي المقابل يرى خبراء اقتصاد أن السودان له الحق في مطالبة البنك الدولي بإعفائه من الديون المثقل بها، حيث إنه استوفى معظم المتطلبات، وطالبوا بمراعاة الأوضاع الاقتصادية المتأزمة التي تمر بها البلاد.
وفي هذا السياق، أكد الخبير الاقتصادي بابكر محمد توم، لـ"العربي الجديد"، أن مطالبة وزارة المالية حق من حقوق السودان على البنك الدولي والمؤسسات الدولية الأخرى باعتبار أن السودان مستوف للمعاير العالمية للإعفاء من الديون، حيث اتبعت حكومة السودان سياسة التحرير الاقتصادي وإعادة هيكلته ووضع خطط وبرامج لمحاربة الفقر وادارة الاقتصاد بشفافية وعدالة وتوازن، إضافة إلى تحسن النمو الاقتصادي الذي سجل 5.3 % بجانب اجتياز السودان لما سماه بالصدمات العالمية مثل الأزمة الاقتصادية، حسب محمد توم.
وتبلغ ديون السودان وفقاً لآخر إحصائية غير رسمية 46 مليار دولار أصل الدين فيها 15 مليار دولار وباقي المبلغ فوائد تتراكم بطريقة مركبة، وأبرز الدائنين للسودان البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ونادي باريس والبنك الإسلامي للتنمية بجانب ديون لدول وصناديق إقليمية عربية وأفريقية.
وحسب تقارير دولية، السودان مصنف من أكثر الدول ديونا حيث تجاوزت سقف "الهيبك" بنحو أكثر من 200%، ولكنه استوفى الشروط الفنية الخاصة بالمعالجة وما تبقى يرتبط بقضايا سياسية وفقا لإفادة وزير المالية السوداني عقب مشاركته في اجتماعات صندوق النقد الدولي التي عقدت ببكين مؤخراً.
ويرى الوزير السوداني الأسبق، حسن أحمد طه، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن أفضل سيناريو لإنهاء قضية الديون العالقة، هو تحمل جنوب السودان نسبة 30 % والباقي لحكومة السودان.
اقــرأ أيضاً
وقال الخبير الدولي التجاني الطيب، خلال تصريحات صحافية في وقت سابق، إن إعفاء الديون عالميا له آلياته، إذ إن معالجتها تتم بطرق مختلفة، فهنالك ديون غير قابلة للخصم أو الإعفاء، وعلى الدولة أن تطلب من صندوق النقد الدعوة إلى اجتماع لنادي باريس تناقش فيه الديون الثنائية الرسمية، مؤكداً أن الأمر يتطلب دعماً سياسياً.
ودول نادي باريس مجموعة غير رسمية مكونة من مسؤولين ماليين ممولين من 20 دولة تعد من أكبر الاقتصادات في العالم تقدم خدمات مالية مثل إعادة جدولة الديون للدول المديونة بدلا من إعلان إفلاسها أو تخفيف عبء الديون بتخفيض الفائدة عليها، وإلغاء الديون والتوسط بين الدول المثقلة بالديون ودائنيها، وغالبا ما يتم تسجيلها في النادي عن طريق صندوق النقد الدولي بعد أن تكون الحلول البديلة لتسديد ديون تلك الدول قد فشلت.
ويرى الطيب أن نادي باريس لديه الحق في الإعفاء جزئيا أو كليا بشروط، ويضع آلية للتعاون في تسديد بقية الديون، كما حدث في العراق بدعم من أميركا التي ليس لها ديون على العراق، واستطاعت إقناع باقي الدائنين في نادي باريس بإعفاء نحو 80% من ديون العراق، وتم تخفيض المديونية من 120 مليار دولار لحوالي 23 مليار دولار.
وحسب خبراء، يتمثل أحد الأسباب الرئيسية، لعدم إعفاء السودان من الديون، في قرار أميركا عام 1993 ضد السودان المتمثل في إدراجها ضمن الدول الراعية للإرهاب، ما جعل مندوبي الولايات المتحدة في المؤسسات والمنظمات الدولية يضغطون لعدم استفادة السودان من الميزات والتسهيلات في المجال الاقتصادي.
وتراكمت ديون السودان منذ السبعينيات بنسب فوائد كبيرة، في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية، وتفاقم الأزمة المالية، وأكدت وزارة المالية السودانية، في بيان صحافي بداية الشهر الجاري، أن موازنة الدولة حققت عجزا كليا في الربع الأول من العام المالي الحالي بلغ 2.4 مليار جنيه، وأوضحت الوزارة أن 57% من العجز تم تمويله عبر مصادر التمويل الداخلية والخارجية من دون الحاجة إلى الاستدانة من النظام المصرفي. وعزت المالية العجز إلى انخفاض قيمة الصادرات، لاسيما النفط والذهب، وأكدت أن الزيادة في العجز أثرت على عدم استقرار سعر الصرف في السوق الموازي.
وخسر الجنيه السوداني نحو 120% من قيمته أمام العملات الأجنبية، خاصة الدولار، منذ انفصال جنوب السودان وتكوين دولته المستقلة في 2011. وقفز سعر الدولار في السوق السوداء، إلى نحو 13 جنيها الفترة الأخيرة، في حين استقر في التعاملات الرسمية عند 6.4 جنيهات.
وحسب مراقبين لـ"العربى الجديد"، تعثر اتفاق "الخيار الصفري" للديون الذي يسعى الطرفان لإنهائه، بسبب عدم استجابة المؤسسات الدولية لرؤية السودان حيث طالب وزير المالية السوداني بدر الدين محمود، بالنظر في إعفاء ديون السودان وفقاً لهذا الخيار خلال اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين التي عقدت بواشنطن في أبريل/نيسان الماضي.
وكانت حكومتا السودان والجنوب قد وقّعتا في عام 2012، على اتفاقٍ نص على خيارين لإعفاء الديون، الأول عرف بالخيار الصفري بأن تقبل الدولة الأم "السودان" تحمل الديون لعامين يتم خلالهما الاتصال بالدائنين مع جهود المجتمع الدولي للإعفاء النهائي من باقي الديون، والثاني يقوم على فشل الأول بأن يتم تقاسم الديون بين البلدين وفق معايير من بينها نسبة السكان.
وانتهت المهلة الأولى للاتفاق في عام 2014، وتم تمديدها لعامين آخرين تنتهي بعد نحو 3 شهور لإيجاد فرصة للوصول إلى حل قضية الدين.
وقلل وزير المالية الأسبق بحكومة السودان، عز الدين إبراهيم، في تصريحات لـ"العربى الجديد" من إمكانية لعب البنك الدولي دورا في إعفاء البلاد من الديون، مشيراً إلى وجود شقين في المفاوضات مع البنك أحدهما فني والثاني إداري ولم يتم الاتفاق عليهما بين الطرفين حتى الآن، ولكنّه يرى أن مطالبات وزير المالية المستمرة يمكنها أن تلعب دورا على المدى الطويل لجهة الضغط المستمر للحصول على الإعفاء من الديون بهدف تخفيف الضغوط الاقتصادية على السودان.
ويشير أستاذ الاقتصاد بالجامعات السودانية عصام بوب، لـ"العربى الجديد"، إلى أن الخيار الصفري يخضع لشروط الهيبك (مبادرة خاصة بإعفاء الدول المثقلة بالديون أطلقتها جهات الإقراض الدولية)، موضحاً أن السودان بعيد عن تلك الشروط وما زالت الحروب تعصف بجوانبه إضافة الى عدم تطبيق الحكم الراشد والشفافية.
وأضاف أن "الخيار الصفري مجرد حبر على ورق".
وفي المقابل يرى خبراء اقتصاد أن السودان له الحق في مطالبة البنك الدولي بإعفائه من الديون المثقل بها، حيث إنه استوفى معظم المتطلبات، وطالبوا بمراعاة الأوضاع الاقتصادية المتأزمة التي تمر بها البلاد.
وفي هذا السياق، أكد الخبير الاقتصادي بابكر محمد توم، لـ"العربي الجديد"، أن مطالبة وزارة المالية حق من حقوق السودان على البنك الدولي والمؤسسات الدولية الأخرى باعتبار أن السودان مستوف للمعاير العالمية للإعفاء من الديون، حيث اتبعت حكومة السودان سياسة التحرير الاقتصادي وإعادة هيكلته ووضع خطط وبرامج لمحاربة الفقر وادارة الاقتصاد بشفافية وعدالة وتوازن، إضافة إلى تحسن النمو الاقتصادي الذي سجل 5.3 % بجانب اجتياز السودان لما سماه بالصدمات العالمية مثل الأزمة الاقتصادية، حسب محمد توم.
وتبلغ ديون السودان وفقاً لآخر إحصائية غير رسمية 46 مليار دولار أصل الدين فيها 15 مليار دولار وباقي المبلغ فوائد تتراكم بطريقة مركبة، وأبرز الدائنين للسودان البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ونادي باريس والبنك الإسلامي للتنمية بجانب ديون لدول وصناديق إقليمية عربية وأفريقية.
وحسب تقارير دولية، السودان مصنف من أكثر الدول ديونا حيث تجاوزت سقف "الهيبك" بنحو أكثر من 200%، ولكنه استوفى الشروط الفنية الخاصة بالمعالجة وما تبقى يرتبط بقضايا سياسية وفقا لإفادة وزير المالية السوداني عقب مشاركته في اجتماعات صندوق النقد الدولي التي عقدت ببكين مؤخراً.
ويرى الوزير السوداني الأسبق، حسن أحمد طه، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن أفضل سيناريو لإنهاء قضية الديون العالقة، هو تحمل جنوب السودان نسبة 30 % والباقي لحكومة السودان.
وقال الخبير الدولي التجاني الطيب، خلال تصريحات صحافية في وقت سابق، إن إعفاء الديون عالميا له آلياته، إذ إن معالجتها تتم بطرق مختلفة، فهنالك ديون غير قابلة للخصم أو الإعفاء، وعلى الدولة أن تطلب من صندوق النقد الدعوة إلى اجتماع لنادي باريس تناقش فيه الديون الثنائية الرسمية، مؤكداً أن الأمر يتطلب دعماً سياسياً.
ودول نادي باريس مجموعة غير رسمية مكونة من مسؤولين ماليين ممولين من 20 دولة تعد من أكبر الاقتصادات في العالم تقدم خدمات مالية مثل إعادة جدولة الديون للدول المديونة بدلا من إعلان إفلاسها أو تخفيف عبء الديون بتخفيض الفائدة عليها، وإلغاء الديون والتوسط بين الدول المثقلة بالديون ودائنيها، وغالبا ما يتم تسجيلها في النادي عن طريق صندوق النقد الدولي بعد أن تكون الحلول البديلة لتسديد ديون تلك الدول قد فشلت.
ويرى الطيب أن نادي باريس لديه الحق في الإعفاء جزئيا أو كليا بشروط، ويضع آلية للتعاون في تسديد بقية الديون، كما حدث في العراق بدعم من أميركا التي ليس لها ديون على العراق، واستطاعت إقناع باقي الدائنين في نادي باريس بإعفاء نحو 80% من ديون العراق، وتم تخفيض المديونية من 120 مليار دولار لحوالي 23 مليار دولار.
وحسب خبراء، يتمثل أحد الأسباب الرئيسية، لعدم إعفاء السودان من الديون، في قرار أميركا عام 1993 ضد السودان المتمثل في إدراجها ضمن الدول الراعية للإرهاب، ما جعل مندوبي الولايات المتحدة في المؤسسات والمنظمات الدولية يضغطون لعدم استفادة السودان من الميزات والتسهيلات في المجال الاقتصادي.
وتراكمت ديون السودان منذ السبعينيات بنسب فوائد كبيرة، في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية، وتفاقم الأزمة المالية، وأكدت وزارة المالية السودانية، في بيان صحافي بداية الشهر الجاري، أن موازنة الدولة حققت عجزا كليا في الربع الأول من العام المالي الحالي بلغ 2.4 مليار جنيه، وأوضحت الوزارة أن 57% من العجز تم تمويله عبر مصادر التمويل الداخلية والخارجية من دون الحاجة إلى الاستدانة من النظام المصرفي. وعزت المالية العجز إلى انخفاض قيمة الصادرات، لاسيما النفط والذهب، وأكدت أن الزيادة في العجز أثرت على عدم استقرار سعر الصرف في السوق الموازي.
وخسر الجنيه السوداني نحو 120% من قيمته أمام العملات الأجنبية، خاصة الدولار، منذ انفصال جنوب السودان وتكوين دولته المستقلة في 2011. وقفز سعر الدولار في السوق السوداء، إلى نحو 13 جنيها الفترة الأخيرة، في حين استقر في التعاملات الرسمية عند 6.4 جنيهات.