بعد سماحها بتمليك الليبيين في العقارات، عادت الحكومة التونسية لتضع شروطاً جديدة، تتعلق بوضع حد أدنى لأسعار الشقق المقتناة لا يقل عن 200 ألف دينار (90 ألف دولار) مع حظر تملك الأراضي البيضاء سواء المخصصة للبناء أو الزراعة، في الوقت الذي شهدت فيه السوق العقارية مضاربات دفعت الأسعار لصعود بنحو كبير وفق خبراء عقاريون.
وأعلن جمال العياري، حافظ الملكية العقارية (المسؤول عن تسجيل الملكية العقارية)، أنه "لن يتم تسجيل عقود العقارات التي يكون فيها المشتري ليبي الجنسية، ويقل ثمن البيع عن 200 ألف دينار، أو أن يكون العقد متعلقا بأرض بيضاء وإن شملها تقسيم مصادق عليه".
وأشار العياري في مذكرة صادرة الأسبوع الماضي، حصلت "العربي الجديد" على نسخة منها، أنه يقتضي على الليبيين غير المقيمين في تونس تقديم ما يفيد بتحويل الأموال بشراء العقار بالعملة الصعبة من جانب البنك المركزي.
أما بالنسبة للمواطنين، الذين يحملون بطاقة إقامة سارية المفعول، فإنه يتحتم عليهم تقديم ما يفيد بأن الشراء تم من خلال حساباتهم المصرفية متى كانت عملة العقد غير الدينار التونسي.
وعلى أثر تدفق الليبيين إلى تونس عقب ثورتهم في 2011، شهدت قضية اقتناء الليبيين للعقارات السكنية، إشكاليات عدة، لا سيما أن المستثمرين العقاريين كانوا يعمدون إلى بيع الشقق دون تسجيل العقود، وهو ما فوّت على الحكومة مئات الملايين من الدينارات، كان يمكن أن تجنيها خزينة الدولة مقابل تسجيل عقود الشراء.
كما أثار الموضوع ذاته إشكالات عديدة بسبب منافسة الليبيين للسكان المحليين على العقارات، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعارها في السنوات الخمس الأخيرة، فيما يؤكد خبراء عقاريون أن السوق شهدت مضاربات كبيرة خلال هذه السنوات.
ولا تكشف الجمعيات المهنية وغرفة الباعثين (المستثمرين) العقاريين، عن عدد المساكن التي تم بيعها للأجانب في السنوات الأخيرة، غير أن رئيس الغرفة فهمي شعبان، يؤكد في تصريح لـ"العربي الجديد" أنه لا يمكن الحديث عن منافسة أجنبية لأبناء السوق المحلية، لافتا إلى أن فئة المباني التي يقبل عليها الليبيون من النوع الرفيع ويفوق بكثير السقف الذي حددته الدولة من حيث السعر.
ويعرض المستثمرون العقاريون في تونس في السنوات الأخيرة أصنافا من الشقق، لم تكن موجودة بشكل كبير في السوق المحلية تتراوح أسعارها بين 400 ألف دينار ومليون دينار (بين 182 و455 ألف دولار)، رغم أن قيمتها الحقيقية وفق خبراء العقارات أقل بكثير.
لكن الإقبال على بناء العقارات ذات القيمة العالية، أدى وفق الخبراء إلى تراجع كبير في مشاريع السكن الاقتصادي والاجتماعي، التي بات إنشاؤها تقريبا محتكراً من جانب شركات الاستثمار العقاري الحكومية، التي لا يمكنها الاستجابة لكل احتياجات السوق، في ظل انخراط القطاع الخاص في توجه جديد أكثر ربحية.
ويقول باجي الدهماني، الوسيط العقاري، إن القرار الحكومي الأخير بوضع حد أدنى لقيمة العقارات المقتناة من قبل الليبيين هو رفع للحرج، لا سيما أن رئيس الحكومة يوسف الشاهد، سبق أن وعد بإيجاد صيغ جديدة لمساعدة الطبقات الوسطى على اقتناء شقق.
وتجيز اتفاقية الاستيطان المبرمة بين تونس وليبيا في 14 يونيو/حزيران 1961، للمواطنين الليبيين الحق في امتلاك عقارات داخل البلاد التونسية، وبالتالي تمنحهم نفس حقوق وواجبات المواطنين التونسيين، خاصة وأن المحاكم التونسية تولت بعد 2011 الحكم بضرورة تطبيق اتفاقية الاستيطان، بالإضافة إلى قرار صادر عن وزير المالية في حكومة الحبيب الصيد السابقة يسمح بالتسجيل للمواطن الليبي دون اشتراط رخصة المحافظة (السلطة المحلية).
ويرى ليبيون ان الإجراءات التي أقرتها الحكومة التونسية مؤخرا إيجابية، لاسيما أنها تضمن حقوق الطرفين، لكنها تأخرت وفق ما قاله المواطن الليبي جيلاني العكروتي لـ"العربي الجديد".
وتقدر نسبة تسجيل العقارات في تونس بنسبة 6%، ويعتبر التونسيون أن الحكومة ذهبت مدفوعة إلى هذا القرار بعد موجة الانتقادات الشديدة التي وجهت لها بسبب السماح للأجانب بالتملك في تونس دون قيود، وهو ما ولد مخاوف كبيرة من ازدياد عجز التونسيين على اقتناء مساكن، لاسيما أن الأسعار الحالية جعلت من الحق في السكن للطبقات الوسطى حلما صعب المنال.
واستطاعت تونس لعقود التحكم في سوق الإنشاءات الذي تنفذ مشاريعه شركات حكومية للتطوير العقاري، والتي كانت تلعب دوراً كبيراً في توفير العرض والتحكم في الأسعار.
ويقدر خبراء عقاريون ارتفاع أسعار المباني في السنوات الخمس الماضية بنسب تراوح بين 20 و30%، ما جعل الحصول على مسكن بالنسبة للطبقات الوسطى أمراً شبه مستحيل.
وأدى الارتفاع الكبير لأسعار المساكن إلى ركود سوق العقارات السكنية والتجارية، وهو ما دفع المطورين العقاريين إلى قرع أجراس الخطر، ولا سيما أن شقة من بين ثلاث شقق جديدة لا تجد مشترياً.
ويقدر عدد الشقق الشاغرة في العاصمة والمحافظات المحيطة بها (إقليم تونس الكبرى) بنحو 400 ألف شقة، وفق بيانات غير رسمية، غير أن الجمعية المهنية للمطورين العقاريين تنفي صحة هذه الأرقام.
اقــرأ أيضاً
وأعلن جمال العياري، حافظ الملكية العقارية (المسؤول عن تسجيل الملكية العقارية)، أنه "لن يتم تسجيل عقود العقارات التي يكون فيها المشتري ليبي الجنسية، ويقل ثمن البيع عن 200 ألف دينار، أو أن يكون العقد متعلقا بأرض بيضاء وإن شملها تقسيم مصادق عليه".
وأشار العياري في مذكرة صادرة الأسبوع الماضي، حصلت "العربي الجديد" على نسخة منها، أنه يقتضي على الليبيين غير المقيمين في تونس تقديم ما يفيد بتحويل الأموال بشراء العقار بالعملة الصعبة من جانب البنك المركزي.
أما بالنسبة للمواطنين، الذين يحملون بطاقة إقامة سارية المفعول، فإنه يتحتم عليهم تقديم ما يفيد بأن الشراء تم من خلال حساباتهم المصرفية متى كانت عملة العقد غير الدينار التونسي.
وعلى أثر تدفق الليبيين إلى تونس عقب ثورتهم في 2011، شهدت قضية اقتناء الليبيين للعقارات السكنية، إشكاليات عدة، لا سيما أن المستثمرين العقاريين كانوا يعمدون إلى بيع الشقق دون تسجيل العقود، وهو ما فوّت على الحكومة مئات الملايين من الدينارات، كان يمكن أن تجنيها خزينة الدولة مقابل تسجيل عقود الشراء.
كما أثار الموضوع ذاته إشكالات عديدة بسبب منافسة الليبيين للسكان المحليين على العقارات، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعارها في السنوات الخمس الأخيرة، فيما يؤكد خبراء عقاريون أن السوق شهدت مضاربات كبيرة خلال هذه السنوات.
ولا تكشف الجمعيات المهنية وغرفة الباعثين (المستثمرين) العقاريين، عن عدد المساكن التي تم بيعها للأجانب في السنوات الأخيرة، غير أن رئيس الغرفة فهمي شعبان، يؤكد في تصريح لـ"العربي الجديد" أنه لا يمكن الحديث عن منافسة أجنبية لأبناء السوق المحلية، لافتا إلى أن فئة المباني التي يقبل عليها الليبيون من النوع الرفيع ويفوق بكثير السقف الذي حددته الدولة من حيث السعر.
ويعرض المستثمرون العقاريون في تونس في السنوات الأخيرة أصنافا من الشقق، لم تكن موجودة بشكل كبير في السوق المحلية تتراوح أسعارها بين 400 ألف دينار ومليون دينار (بين 182 و455 ألف دولار)، رغم أن قيمتها الحقيقية وفق خبراء العقارات أقل بكثير.
لكن الإقبال على بناء العقارات ذات القيمة العالية، أدى وفق الخبراء إلى تراجع كبير في مشاريع السكن الاقتصادي والاجتماعي، التي بات إنشاؤها تقريبا محتكراً من جانب شركات الاستثمار العقاري الحكومية، التي لا يمكنها الاستجابة لكل احتياجات السوق، في ظل انخراط القطاع الخاص في توجه جديد أكثر ربحية.
ويقول باجي الدهماني، الوسيط العقاري، إن القرار الحكومي الأخير بوضع حد أدنى لقيمة العقارات المقتناة من قبل الليبيين هو رفع للحرج، لا سيما أن رئيس الحكومة يوسف الشاهد، سبق أن وعد بإيجاد صيغ جديدة لمساعدة الطبقات الوسطى على اقتناء شقق.
وتجيز اتفاقية الاستيطان المبرمة بين تونس وليبيا في 14 يونيو/حزيران 1961، للمواطنين الليبيين الحق في امتلاك عقارات داخل البلاد التونسية، وبالتالي تمنحهم نفس حقوق وواجبات المواطنين التونسيين، خاصة وأن المحاكم التونسية تولت بعد 2011 الحكم بضرورة تطبيق اتفاقية الاستيطان، بالإضافة إلى قرار صادر عن وزير المالية في حكومة الحبيب الصيد السابقة يسمح بالتسجيل للمواطن الليبي دون اشتراط رخصة المحافظة (السلطة المحلية).
ويرى ليبيون ان الإجراءات التي أقرتها الحكومة التونسية مؤخرا إيجابية، لاسيما أنها تضمن حقوق الطرفين، لكنها تأخرت وفق ما قاله المواطن الليبي جيلاني العكروتي لـ"العربي الجديد".
وتقدر نسبة تسجيل العقارات في تونس بنسبة 6%، ويعتبر التونسيون أن الحكومة ذهبت مدفوعة إلى هذا القرار بعد موجة الانتقادات الشديدة التي وجهت لها بسبب السماح للأجانب بالتملك في تونس دون قيود، وهو ما ولد مخاوف كبيرة من ازدياد عجز التونسيين على اقتناء مساكن، لاسيما أن الأسعار الحالية جعلت من الحق في السكن للطبقات الوسطى حلما صعب المنال.
واستطاعت تونس لعقود التحكم في سوق الإنشاءات الذي تنفذ مشاريعه شركات حكومية للتطوير العقاري، والتي كانت تلعب دوراً كبيراً في توفير العرض والتحكم في الأسعار.
ويقدر خبراء عقاريون ارتفاع أسعار المباني في السنوات الخمس الماضية بنسب تراوح بين 20 و30%، ما جعل الحصول على مسكن بالنسبة للطبقات الوسطى أمراً شبه مستحيل.
وأدى الارتفاع الكبير لأسعار المساكن إلى ركود سوق العقارات السكنية والتجارية، وهو ما دفع المطورين العقاريين إلى قرع أجراس الخطر، ولا سيما أن شقة من بين ثلاث شقق جديدة لا تجد مشترياً.
ويقدر عدد الشقق الشاغرة في العاصمة والمحافظات المحيطة بها (إقليم تونس الكبرى) بنحو 400 ألف شقة، وفق بيانات غير رسمية، غير أن الجمعية المهنية للمطورين العقاريين تنفي صحة هذه الأرقام.