قال وزير المعادن السوداني هاشم علي محمد سالم، في لقاء مع "العربي الجديد"، إن السودان فتح باب استثمار اليورانيوم، وإن البلد يأتي في المركز الثاني أفريقياً في إنتاج الذهب بعد جنوب أفريقيا، فيما يُعد الذهب القاطرة التنموية الأولى ويساهم بـ6% من الناتج.
حدثنا عن مستقبل التعدين في السودان؟
الاقتصاد السوداني تديره 5 قاطرات، وهي الزراعة والصناعة والمعادن والثروة الحيوانية، والنفط جزء منها، ولكنه معطل الآن. وبعض هذه القطاعات يعمل بنصف كفاءة، ولكن الذي يعمل بكفاءة كاملة، حتى الآن، هو قطاع المعادن، وبالتالي تعتبر المعادن جزءا استراتيجيا ومهما في الناتج القومي بالسودان، كما يعتبر التعدين مشروعا استراتيجيا مستقبليا.
هل يعني ذلك أن السودان تقدم مراحل في إنتاج الذهب في التصنيف العالمي؟
السودان حالياً يصنف الثاني أفريقياً بعد دولة جنوب أفريقيا في إنتاج الذهب، وعالمياً يحتل المرتبة التاسعة. وهذا التصنيف يأتي في خضم فترة الحصار الاقتصادي من قبل الولايات المتحدة، التي لم يستطع المواطن في حينها الحصول على أجهزة متقدمة. وبالتالي كل الكميات التي استخرجت والمقدرة بحوالى 100 طن من الذهب، كانت بآليات بسيطة، وهذا دليل قوي على أن السودان منتج مهم في هذا القطاع.
هل استفاد السودان من قطاع الذهب؟
كان قطاع النفط يساهم بـ4% من الناتج القومي الكلي، برغم ضعف قطاع الذهب وقتها. ولكن مع انفصال دولة جنوب السودان وانخفاض أسعار النفط عالمياً، كثفت الحكومة جهدها في المعادن، وأصبح يسهم في الناتج الكلي بحوالى 6%. وهذا أكثر من مساهمة النفط حتى قبل انفصال دولة الجنوب في عام 2011، والآن أصبح الذهب جزءاً أساسياً في الناتج القومي.
كم يساوي دخل التعدين في خزينة الدولة العامة؟
سنوياً تتلقى الخزينة العامة للدولة ثلاثة تريليونات جنيه سوداني، وهذا باعتبار أن التعدين حديث في السودان، ولكننا كل عام نزيد من التحصيل وزيادة الكميات المنتجة. وحسب الخطة العامة، فإن هنالك زيادة أيضاً في كل المعادن الأخرى.
ماذا عن الإنتاج؟ وما الذي تخططون له في نهاية العام الجاري؟
حققنا في نهاية عام 2017 إنتاج 107 أطنان من الذهب، برغم أننا خططنا لإنتاج 100 طن فقط، ولكن نسعى في نهاية عام 2018 إلى إنتاج 117 طناً من الذهب، إلا أن الشواهد التي أمامنا تشير إلى أننا قد نتجاوز هذا الرقم كثيراً.
ألا تعتقد أن للتعدين فوائد مالية وأيضاً مخاطر صحية؟
نعم هنالك فوائد مالية واضحة للجميع، حتى إن هناك مدناً ازدهرت اقتصادياً، مثل الدامر، عطبرة، بربر، أبوحمد، دنقلا، وهي التي يكثف فيها البحث عن المعدن الأصفر. كما تطورت دخول الكثير من المواطنين، وبات الأثر الاقتصادي والمادي واضحا. أما المخاطر فتتركز في استخدام الزئبق باعتباره مادة خطرة، ولكن هناك اشتراطات بيئية نعمل بها.
أنتم موقعون على اتفاقية مياماتا التي تحذر من مخاطر استخدام الزئبق؟
تدرّجنا في تنفيذ الاشتراطات المفروضة للحفاظ على البيئة وصحة المواطن، وقللنا من نسبة استخدام الزئبق في مناطق التعدين، وسوف نوقف العمل به، خلال عام 2020، مع استخدام 4 بدائل لتحل محل الزئبق.
ما هي تلك البدائل؟
البدائل الأربعة "تركية وألمانية وصينية وسودانية"، فالبديل التركي يتم من خلاله استخدام المياه فقط. أما الألماني فيمتزج فيه الماء والفصل الفيزيائي. والثالث بإدخال مادة صديقة للبيئة. كل هذه البدائل تمت تجربتها ونجحت. أما البديل الرابع فهو إدخال التعدين التقليدي في الشركات الكبرى، بأن يتم توفير الأحجار للشركات من قبل المعدّنين التقليديين، سميناه العقد الثلاثي على أساس زيادة دخل المعدن التقليدي، لضمان توفير الحجر للشركة وزيادة دخل الدولة.
كم عدد الذين يعملون في القطاع التقليدي؟
نحن الآن لدينا، وفقاً لآخر إحصائية، مليونا معدّن تقليدي في السودان، يعملون بالإمكانات التقليدية، وهؤلاء يعولون حوالى 10 ملايين شخص من التعدين. وهذا العدد الكبير لن نفرّط فيه أو نهمله، ولذا نسعى إلى الحفاظ عليه وعلى صحته والبيئة المحيطة به.
أين توجد مناطق انتشار التعدين في السودان؟
من ضمن 18 ولاية، هناك 12 ولاية يوجد فيها تعدين. وهذه الولايات تم فيها فعلاً "تخريط جيولوجي" من قبل شركات بريطانية وروسية وصينية، ولا يزال التخريط مستمراً في الولايات الأخرى.
ما هي الميزة النسبية التي يمكن أن تتحقق من منع تصدير المواد الخام؟
سياسة الدولة تتجه إلى منع تصدير المواد الخام، وهذا ينطبق على المعادن حالياً، نحن نصدر خام الذهب ونسعى إلى استخدامه كضمان للتمويل، ولكننا أوقفنا تصدير 13 معدناً أخرى.
حدثنا عن الشركات العاملة في التعدين؟
شركات كندية وأسترالية وسويسرية وبريطانية وسعودية وقطرية وإماراتية ومغربية. ونتوقع أن يزداد دخول الشركات، حيث تلقينا طلبات من شركات عدة شاركت في معرض التعدين الأخير الذي حظي بمشاركة 95 شركة أجنبية.
كيف ترى الاستثمار في مجال التعدين؟
التعدين يحتاج إلى رأس مال ضخم، وأقل استثمار فيه لا يقل عن 50 مليون دولار، ولكن لدينا شركات استثمرت حوالى 400 مليون دولار. وكلما تقدمت الشركة في الإنتاج زادت الاستثمارات وتطورت العملية الإنتاجية.
فتحتم الباب للاستثمار في اليورانيوم، ما هي المحاذير والفوائد؟
كل العالم يعلم أن السودان به يورانيوم، وهو موجود في خمس ولايات سودانية بكميات ضخمة، ففي مرحلة الخام أسعاره متواضعة جداً، ولكنا فتحنا باب الاستثمار، لأنه يحتاج إلى تقنية خاصة.
ولماذا الاستثمار في اليورانيوم في هذا التوقيت؟
الاستثمار فيه يحتاج إلى تقنية خاصة وإلى دول وشركات مقتدرة، وبعد رفع الحصار طلبنا فتح الباب لتأتي دول مقتدرة بتقنية تستخرج اليورانيوم، لأنه بحاجة إلى تصنيع، وتلقينا عروضاً كثيرة من شركات للدخول في الاستثمار فيه. وحسب استراتيجية الدولة، نحتاج إلى الاعتماد على الخام في التوليد النووي للطاقة الكهربائية.
ما هي العقوبات إذا لم تستغل بعض الشركات المربعات الممنوحة لها؟
حينما نعطي التصديق نظل نراقب الشركة ونطالبها بتقارير فنية متواصلة، وتراجع تلك التقارير من قبل الجهات المختصة، وإذا وجدنا خللا نساهم في الحل، وإذا شعرنا بعدم جدية من الشركة نعطيها مهلة ثلاثة أشهر وإنذاراً مدته 60 يوماً ثم ننزع التعاقد معها.
حدثنا عن الاستثمار في المعادن الأخرى؟
المعادن الموجودة في السودان عددها 13 معدناً، وهذه غير الأحجار الكريمة التي اكتشفت أخيراً، ولدينا كميات كبيرة من المعادن النفيسة حوالى 21 معدناً، إضافة إلى الألماس، وقد فتحنا الباب باشتراطات، ونحن الآن في مرحلة إبرام عقود للاستثمار في مجال الأحجار الكريمة.
الحديث عن الحديد بدأ يطفو على السطح؟
لدينا ثلاثة معادن أساسية، وهي الحديد والنحاس والمعادن الزراعية. هذه الثلاثة أوقفنا صادراتها إلى الخارج نهائياً، ووقعنا مع شركات لتصنيع الحديد والنحاس محلياً ومع شركة أخرى لعمل مصنع للأسمدة الزراعية.
ماذا عن الشركات التي تعمل في مخلفات التعدين؟
السودان فيه 38 شركة أنتجت الذهب، وهي تعمل في مجال المخلفات، وهنالك 13 شركة أخرى مقبلة على الإنتاج، بجانب 26 شركة في طور التأسيس، ومجموع هذه الشركات 77 شركة، ولكن المنتجة منها 38 شركة.
ما هو السبب وراء إنهاء تعاقد شركة سبيرين الروسية؟
لأنها لم تلتزم بما وعدت به، ونحن في سياساتنا العامة، أي شركة سودانية أو أجنبية نتعامل معها بنفس الشروط، وما حدث لسبيرين هو أننا أمهلناها ثلاثة أشهر، ومن ثم أعطيناها إنذاراً مدته 60 يوماً وبعدها نزعنا منها العقد، كما حدث مع شركات أخرى.
كم الاحتياطي الموجود في السودان من الذهب؟
حتى الآن، الاحتياطي المكتشف من قبل الأبحاث الجيولوجية 1500 طن من الذهب، وما زال البحث الجيولوجي مستمراً. وإلى أن نصل إلى نتيجة جديدة، نحن نعتمد هذا الاحتياطي.
ولكن ألا تشكل مشكلة الأرض عقبة أمام الاستثمار؟
الأرض تملكها الدولة، وفقاً للدستور السوداني، وما في باطن الأرض للدولة، ونحن في السودان لدينا بعض التقاطعات، ولكن إذا ساد الدستور، فإن الأرض تملكها الدولة وليس المواطن.
هل يمكن أن يكون السودان قبلة للأبحاث الجيولوجية؟
الأبحاث هي ثورة جديدة في السودان، وإلى الآن أنشأنا في كل ولاية منشآت ومقار للأبحاث الجيولوجية، وهي تعمل ليلاً ونهاراً في الاكتشاف، وأعتقد أنها ثورة سوف تؤتي أكلها قريباً.