وصف وزير الخارجية الفرنسي، جان إيفيس لودريان، المفاوضات التجارية المقبلة بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بأنها ستكون "حامية الوطيس"، آملاً في الوقت ذاته استمرار التعاون الدفاعي بين الجانبين.
وتوقع الوزير الفرنسي، مساء أمس، أن تحتدّ المفاوضات بشدة، وخاصة حول حقوق الصيد في المياه البريطانية. بينما يلقي كبير مفاوضي الحكومة البريطانية، ديفيد فروست، كلمة مساء اليوم يحدد فيها رؤية بريطانيا لطبيعة العلاقة المرتقبة مع الاتحاد الأوروبي.
وجاءت تصريحات لودريان في مؤتمر ميونخ الأمني، التي أكد فيها أيضاً صعوبة تحقيق بريطانيا لنياتها بالحصول على اتفاق تجارة حرة مع نهاية العام الجاري، بسبب الاختلاف في المواقف بين الجانبين.
وقال لودريان إنه "في ما يتعلق بقضايا التجارة وآلية العلاقات المستقبلية، التي نعمل على إطلاقها، فإني أعتقد أن الجانبين سيمزقان بعضهما إرباً"، مضيفاً أن القضايا العالقة بين الجانبين ستكون ضخمة، وخاصة في ما يتعلق بحقوق الصيد بين فرنسا وبريطانيا، ومؤكداً في الوقت ذاته حق الأطراف في الدفاع عن مصالحها.
وكانت بريطانيا قد خرجت من الاتحاد الأوروبي رسمياً نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي، بينما لا تزال في مرحلة انتقالية تلتزم فيها قوانين الاتحاد الأوروبي حتى نهاية العام الجاري.
وتعمل دول الاتحاد حالياً على تطوير موقفها التجاري المشترك، الذي ترغب فرنسا في دفعه باتجاه موقف متشدد مع بريطانيا حيال حقوق الصيد البحري والخدمات المالية، حيث تسعى إلى منافسة بريطانيا في هذه القطاعات.
وترغب باريس وعدد من الدول الأخرى في الصيد بالمياه البريطانية، بينما ترغب لندن في السيطرة على مياهها والحد من الوصول الأوروبي إليها.
ودعا لودريان إلى "أن تجري (المفاوضات) بأسرع وقت ممكن، حتى وإن كانت هناك العديد من المواضيع، وإن كانت هناك العديد من النقاط المهمة التي توجب عليها التعامل معها. هناك نقطة خاصة... تتعلق بمسألة الأسماك".
وأضاف: "إنهم (بريطانيا) يصدّرون أكثر من 70 في المائة من إنتاج الصيد البحري إلى القارة الأوروبية"، وأكد أن (الرئيس الفرنسي) إيمانويل ماكرون، لن يتساهل مع المسألة، إذ "لا يمكن الصيد البحري أن يكون محل تفاوض أبداً".
ولكنه استدرك بالدعوة إلى تعزيز العلاقات الثنائية بين باريس ولندن حول الأمن والدفاع، قائلاً إنه "يجب أن ندرك أن لدينا مصالح مشتركة".
وتأتي تصريحات وزير الخارجية الفرنسي في مسعى لتجنب القطيعة التامة مع بريطانيا، وتراجعاً عن تصريحات ماكرون التي وصف فيها الناتو بأنه "ميت سريرياً".
وبدوره، أكد مارك سيدويل، مستشار الأمن القومي البريطاني، أن الرغبة متبادلة في أثناء حديثه في المؤتمر ليلة أمس. وشدد على أهمية التعاون المشترك على البنية الرسمية التي سيأخذها على التعاون في تعليقه على إمكانية تشكيل مجلس أمن أوروبي، قد تشارك فيه بريطانيا.
وينتظر لندن وبروكسل عاماً من المفاوضات التجارية الشاقة، كانت ملامحها قد بدأت في الظهور في الأسبوع الأول بعد بريكست.
وكان كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي، ميشيل بارنييه، قد قال في وقت سابق إن على بريطانيا عدم "خداع نفسها" بشأن إمكانية الوصول إلى قطاع الخدمات المالية الأوروبي بعد انتهاء الترتيبات الحالية.
وأصرّ رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، على إمكانية "التعاون البناء"، إذ قال متحدث باسم رئاسة الوزراء إن بريطانيا "لا تطلب أي شيء خاص أو جديد أو فريد"، وإن مطالبها ستكون بناءً على "الصفقات التي منحها الاتحاد الأوروبي سابقاً لعدد من الدول الصديقة مثل كندا".
ويتجه المفاوضون البريطانيون إلى التخلي عن إمكانية التزامهم القواعد الأوروبية حول الضرائب وحقوق العمال والبيئة، حيث يصرون على أن تحصل بريطانيا على ذات الشروط التي حصلت عليها دول أخرى مثل كندا.
ويثير حجم الاقتصاد البريطاني وقربه من الاتحاد الأوروبي وطبيعة علاقاته الوثيقة به، قلق دول الاتحاد، وبالأخص فرنسا.
ويعود مصدر القلق إلى أن تخلي بريطانيا عن القواعد الأوروبية سيمنحها أفضلية على دول الاتحاد في السوق المشتركة، ما يقوّض من طبيعة "المنافسة العادلة" فيها.
وفي حال نجاح فرنسا في التحكم بالموقف الأوروبي، فإن فرص التوصل إلى اتفاق تجاري نهاية 2020 ستكون بعيدة الاحتمال، حيث تسعى باريس إلى الاستفادة من الفرص التي يوفرها خروج بريطانيا من الاتحاد.