تعاني عدد من المحافظات الفلسطينية، في الضفة الغربية، من انقطاع المياه لفترات متفاوتة عن المنازل، والمصالح التجارية والصناعية، ما يزيد من معاناة الأهالي في شهر رمضان المبارك، وينذر بصيف جاف خلال الأسابيع المقبلة.
وتعود أزمة المياه في فلسطين، بالأساس، لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي على معظم المصادر الجوفية في الضفة الغربية، وإتاحة القليل منها للفلسطينيين، فيما تتعرض الجهات الفلسطينية المنظمة لقطاع المياه لاتهامات بسوء توزيع الكميات المتاحة.
وتتدبر العائلات نفسها، عند انقطاع المياه عن منازلها، بتقاسم الكميات القليلة المتوفرة بين الجيران، فيما يلجأ آخرون من المقتدرين على شراء المياه بواسطة صهاريج مخصصة لنقلها، وتصل إلى منازلهم بأسعار مرتفعة.
وتشير الإحصائيات المتوفرة لدى سلطة المياه الفلسطينية، إلى أن حاجة الفلسطينيين لمياه الشرب خلال 10 سنوات ستصل إلى 260 مليون متر مكعب، في حين لن تغطي الموارد المتاحة نصف هذه الكمية، ما ينذر بمستقبل مائي غامض.
ويرى خبراء أن إسرائيل تواصل الضغط على الفلسطينيين، بطرق غير مباشرة، من أجل دفعهم لشراء مياه محلاة من المحطات التي تقيمها على سواحل البحر الأبيض، لـ "تأبيد سيطرتها على المصادر الجوفية في الضفة الغربية".
تفاوت الأزمة
ويبدو واقع المياه في محافظات جنوب الضفة الغربية (الخليل وبيت لحم) أكثر سوءاً من محافظات الوسط، فيما أدى قيام الاحتلال بتقليل كميات المياه المزودة لمحافظات شمال الضفة الغربية، لواقع مرير في أيام رمضان الحارة.
ولفت الأطرش إلى أن الأهالي "يعيشون واقعاً صعباً، بشراء المياه، من خلال الصهاريج، بتكاليف مرتفعة، ويلجأ آخرون ممن لا يقدرون على ذلك لاقتسام الكميات القليلة المتاحة مع جيرانهم".
ودعا الأطرش، في حديث مع "العربي الجديد"، الجهات الرسمية الفلسطينية لإبداء مزيد من الشفافية حول واقع المياه في ظل ادعاءات بسوء توزيع الكميات المتاحة.
وخلال جولة قام بها في بيت لحم، بداية الأسبوع، طمأن رئيس الحكومة الفلسطينية، رامي الحمد الله، بأن المياه متوفرة.
وقال إن "إجراءات جديدة سيتخذها محافظ بيت لحم من أجل ضبط الكميات المتاحة، وتوزيعها بشكل أفضل، على أن يلمس المواطن تحسنا خلال أيام".
إلى ذلك، قالت سلطة المياه الفلسطينية إن "محافظات شمال الضفة تعاني من نقص حاد في المياه منذ بداية شهر رمضان، بسبب قيام شركة (ميكروت) الإسرائيلية بقطع المياه عن مناطق وتخفيض الكميات عن مناطق أخرى، بحجة موجة الحر وعدم توفر مياه لدى الشركة بكميات كبيرة لضخها للضفة الغربية".
وأوضحت في بيان، وصل إلى "العربي الجديد"، أن الشركة الإسرائيلية لم تبلغ الجانب الفلسطيني، مسبقا، بقطع المياه عن محافظة سلفيت وعدد من التجمعات السكانية التابعة لمحافظة نابلس.
واعتبرت سلطة المياه أن "الحجج الإسرائيلية غير مقبولة، لكون إسرائيل تسرق بقوة الاحتلال المياه، وتعيد بيعها للجانب الفلسطيني بأسعار مرتفعة ثم تعود وتتذرع بأنه لا توجد مياه لتبيعها للجانب الفلسطيني".
ومنذ سنوات تحول العقبات، التي يضعها الاحتلال الإسرائيلي، دون الشروع بتنفيذ 97 مشروعا للبنية التحتية في قطاع المياه في كل من الضفة وغزة، رغم توفر التمويل من الجهات الدولية المانحة مما يعقد واقع المياه.
وتفيد بيانات جهاز الإحصاء الفلسطيني (حكومي) بأن معدل استهلاك الفرد الفلسطيني من المياه يبلغ 135 لترا يومياً، بما يشمل الشرب وكافة القطاعات الأخرى، مقابل معدل استهلاك الفرد الإسرائيلي، الذي يبلغ 353 لترا كل يوم.
وأوضح الإحصاء أن المواطن الفلسطيني يدفع ثمن المياه 5 أضعاف مقارنة مع الإسرائيلي، وبحسب البيانات ذاتها ترتفع نسبة استهلاك المستوطن الإسرائيلي في الضفة إلى 900 لتر يومياً، أي 7 أضعاف ما يستهلكه الفلسطيني.
ابتزاز
ويرى مدير جمعية "الهيدرولوجيين الفلسطينيين" (مجتمع مدني)، عبد الرحمن التميمي، أن إسرائيل تحاول خلق أزمة بعد قطع أو تقليل كميات المياه المزودة للضفة الغربية، "بهدف ابتزاز الفلسطينيين، ودفعهم لشراء كميات من المياه من محطة التحلية الإسرائيلية، بأسعار مرتفعة".
ويوضح التميمي أن لدى إسرائيل فائضاً في المياه، وليست لديها أزمة كما تدعي، إذ إن توفير البديل من خلال محطات التحلية هدفه استمرار السيطرة الإسرائيلية على الأحواض الجوفية في الضفة.