تلك المنطقة كانت تعجّ بعشرات المحلات لصناعة القباقيب، منذ عشرات السنوات، لتصبح ورشة عبد العظيم الوحيدة، ويتجه أصحاب تلك المهنة إلى مهن أخرى أكثر ربحاً، ولا سيما بعد تراجع الطلب على القبقاب.
ورغم هذا الاندثار، إلا أنه عند الاقتراب من معظم مساجد القاهرة القديمة، تسمع صوت القبقاب الخشبي صادرة من أماكن الوضوء للصلاة، لأن كثيراً من المصريين يفضلونها وقت الوضوء على المصنوعة من البلاستك.
يعود استخدام القبقاب إلى قرون طويلة، بخاصة في عهد الفاطميين والعثمانيين، وفقاً لعبد العظيم، مشيراً إلى أن استعماله كان منتشراً في الحمامات العمومية والمنازل أيضاً فى المنطقة حتى القرن العشرين، ولافتاً إلى أن الطلب على القبقاب خلال العقود الأخيرة اختلف كثيراً، ولم يعد كسابق عهده، ولم يقتصر على هذا الحد، بل كان القبقاب من الأشياء الأساسية في جهاز أي عروس، خصوصاً في المناطق الريفية.
واعتبر عبد العظيم أيضاً أن صناعة القبقاب من المهن التي تعكس تاريخ مصر وتراثها، الأمر الذي يجب على المسؤولين أن يعملوا للحفاظ عليها من الاندثار، وخاصة أن الدخل من صناعة القباقيب لا يكفي الأسرة في الوقت الراهن.
وحول مراحل تكوين القبقاب وتصنيعه، يقول عبد العظيم: "تبدأ بإحضار الخشب، ثم تقطيعه إلى نصفين متساويين بالمنشار، وذلك بحسب مقاس القدم، على آلة تقطيع حديدية، وصولاً إلى إزالة الزوائد الخارجية من جميع الاتجاهات، لتأتي مرحلة تركيب قطعة من الجلد، هي دائماً تكون من كاوتش "إطار السيارات" في أعلى القطعة الخشبية، وتُثبَّت بالمسامير".
وبخصوص الأخشاب المستخدمة، يوضح: "هناك الصفصاف والزان والكافور والجوز والمشمش والفيكس، ويُستخدَم أيضاً خشب التوت والسيبيناس، لانخفاض سعرهما، وهو ما يجعل هناك ربحاً أكثر من الأنواع الأخرى، فسعره يراوح بين 15 إلى 30 جنيهاً، لكن الأعلى سعراً يُصنَّع حسب الطلب.
ويشير عبد العظيم إلى أن أهم مواسم بيع القبقاب في مصر هي المواسم الدينية، وهي أشهُر رجب وشعبان ورمضان، حيث يشتري مواطنون كمية يتبرعون بها للمساجد، وأصبح اقتصاره فقط على الوضوء، مؤكداً أن لاستخدامه فوائد طبية، فهو معالج لمرض الروماتيزم. كذلك فإن الأطباء ينصحون بانتعاله، ولا سيما للمصابين بحساسية في القدمين.