اقترح وفد السودان شطب ديونه أثناء مناقشة جدول أعمال "القمة التنموية: الاقتصادية والاجتماعية" العربية في بيروت، اليوم الخميس، ليبرز بذلك كأول بند خلافي علني قد تكون الكلمة الفصل بشأنه في الاجتماع الوزاري المقرر غداً الجمعة، فيما تشهد بيروت تظاهرات نقابية يوم الأحد تزامناً مع انعقاد القمة.
وعُقد قبل ظهر اليوم الخميس، اجتماع اللجنة المعنية بالمتابعة والإعداد للقمة العربية على مستوى كبار المسؤولين، ناقشت بنود مشروع جدول الأعمال.
اللجنة تضم "ترويكا" "القمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية"، أي لبنان ومصر والسعودية، و"ترويكا" "المجلس الاقتصادي والاجتماعي"، أي العراق والسودان وسلطنة عُمان، إضافة إلى تونس والمغرب والأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط.
وبعد الظهر عُقد اجتماع تحضيري مشترك للمندوبين الدائمين وكبار المسؤولين، وتحدث فيه رئيس الوفد السعودي باعتباره رئيس الدورة الثالثة للقمة، ورئيس الوفد اللبناني باعتباره يترأس القمة الرابعة، فضلاً عن كلمة ألقتها ممثلة الأمانة العامة للجامعة.
ثم عُقدت بعد ذلك جلسة مغلقة، تم خلالها اعتماد مشروع جدول الأعمال، ومناقشة بنود جدول الأعمال، ومشاريع القرارات.
وإثر انتهاء الجلسة الأولى لاجتماع اللجنة التحضيرية للقمة، صرّحت المديرة العامة لوزارة الاقتصاد والتجارة اللبنانية عليا عباس، أن أعمال القمة افتُتحت اليوم عند التاسعة صباحاً باجتماع اللجنة التحضيرية للقمة، المؤلفة من ترويكا القمة التنموية وترويكا المجلس الاقتصادي والاجتماعي، إضافة إلى المغرب وتونس والأمانة العامة، التي تمثلت بالأمينة العامة المساعدة للشؤون الاجتماعية، السفيرة هيفاء أبو غزالة والأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية السفير كمال حسن علي.
عباس قالت إن اللجنة أقرّت جدول الأعمال ورفعته إلى اللجنة التي اجتمعت بعد ظهر اليوم، والتي تضم كبار المسؤولين والمندوبين الدائمين.
وأوضحت أنه "تمت مناقشة جدول الأعمال، وبعض الأمور كان عليها تحفظات أو توصيات تم رفعها إلى جلسة ما بعد الظهر، لأن هذه اللجنة لا تضم ممثلين عن كل الدول العربية"، مشيرة إلى أن البند الذي تحفظ عليه أعضاء اللجنة هو مبادرة السودان لإعفائه من ديونه الخارجية، وسيُرفع إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي لدرسه بعمق أكثر حتى لا يُشكل سابقة".
وأشارت إلى أن "انعقاد القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في هذا الوقت في لبنان، سيكون له من الطبيعي انعكاس إيجابي على اقتصاد لبنان، مع علمنا بالأزمات التي تمر بها المنطقة والركود الاقتصادي الذي تشهده معظم اقتصادات الدول العربية".
أضافت: "ومن المؤكد أن القمة ستخرج بتوصيات نأمل أن تكون قابلة للتنفيذ. ونأمل أن يكون ما يخرج من قمة بيروت قابلاً للتنفيذ، ومن الطبيعي ستكون مبادرة لرئيس الجمهورية (اللبنانية) ميشال عون في القمة سيتكلم عنها، وسيكون لها انعكاس على وضعنا".
وأعلنت عباس مشاريع عديدة، وقالت: "نحن وضعنا جدول أعمال كاملاً يتضمن وضع رؤية عربية موحدة في مجال الاقتصاد الرقمي. ونحن في عام 2019 وكل الدول العربية، ومنها لبنان، تخوض سباق التكنولوجيا والكفاءات العالية، ويجب علينا مواكبة العالم في مجال الاقتصاد الرقمي".
ولفتت إلى أنه "تمت مناقشة ملف النازحين، في إطار الورقة السياسية التي تتكلم عن النازحين وعن اللجوء السوري"، وأعلنت أن "المطروح ليس السوق العربية المشتركة، بل الاتحاد الجمركي العربي، وأكثر من بند"، لافتة إلى أن "الأهمية ليست في الطرح بل في القدرة على التنفيذ".
لقاء المندوبين الدائمين
وبعد ظهر اليوم، عُقد الاجتماع المشترك للمندوبين الدائمين وكبار المسؤولين، ألقى خلاله كلمة رئيس الدورة الثالثة رئيس الوفد السعودي المندوب الدائم لدى جامعة الدول العربية، السفير أسامة نقلي، ثم سلم بعدها رئاسة القمة إلى مندوب لبنان الدائم السفير علي الحلبي، الذي أعلن استضافة لبنان القمة في دورتها الرابعة.
نقلي قال إن قمة الرياض عام 2013 نتج عنها العديد من القرارات، وعلى رأسها إقرار مبادرة السعودية زيادة رؤوس أموال المؤسسات العربية والشركات العربية المشتركة، بنسبة لا تقل عن 50%. كما أقرت القمة الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية، التي تخضع حالياً للمراجعة والتطوير.
وأضاف عن قمة بيروت: "يحفل جدول أعمالنا بالعديد من الموضوعات التي... تتطلب منا دراستها بشكل مستفيض وتحديد ما يمكن اقتراحه ليكون على جدول أعمال القمة، ومنها ما يتعلق بالأمن الغذائي العربي أو المنشآت الصغيرة أو المتوسطة أو السوق العربية للكهرباء، أو مجال الطاقة المستدامة أو مجال الأسرة والطفل وغيرها من المجالات".
أما السفير علي الحلبي، فقد أوضح أن "جدول أعمال القمة يتضمن مواضيع مهمة جداً لدولنا وشعوبنا التي تتطلع إلى اجتماعات القمة هذه، ولها أمل كبير أن تخرج هذه القمة بقرارات تساهم في تحقيق الرفاه العام وتخفف من معاناتها".
بدورها، ممثلة الأمين العام لجامعة الدول العربية، الأمينة العامة المساعدة السفيرة هيفاء أبو غزالة، قالت إن "القمة التنموية الرابعة تُعقد في ظروف استثنائية مصحوبة بتحديات غير مسبوقة من جانب، وتطورات إقليمية ودولية من جانب آخر، إضافة إلى ثورة علمية وتكنولوجية هائلة. كما تنعقد الدورة الرابعة في الجمهورية اللبنانية، بعد مرور 5 سنوات على انعقاد القمة التنموية في دورتها الثالثة في الرياض عام 2013، فضلاً عن انعقاد هذه القمة قبل أشهر محدودة من قمة العالم حول التنمية المستدامة".
وتابعت: "حرصنا على أن تشكل الموضوعات الاقتصادية والاجتماعية المعروضة على القمة، نموذجاً عربياً يعزز من الجهود العربية الرامية إلى تنفيذ هذه الخطة الطموحة لما فيها من مصلحة عليا للمواطن العربي، التي سوف نعرض لها تفصيلاً خلال أعمال اجتماعنا المهم هذا، الذي يُعد انطلاقة أعمال القمة في دورتها الرابعة، بعد انعقاد المنتديات التحضيرية للقمة للمجتمع المدني والشباب والقطاع الخاص، التي نأمل أن تشكل نتائجها وما سوف تتوصل إليه من توصيات تُرفع إلى الوزراء والقمة العربية، نقلة حقيقية للعمل التنموي العربي المشترك يشعر بها بشكل مباشر المواطن العربي وتنعكس إيجاباً على حياته".
اجتماع وزراء الخارجية الجمعة
وعلى نسق برنامج عمل اجتماع المندوبين الدائمين الذي تم اليوم الخميس، من المقرر أن يُعقد صباح غد الجمعة، اجتماع اللجنة الوزارية المعنية بالمتابعة والإعداد للقمة، من أجل مناقشة بنود مشروع جدول الأعمال، على أن يُعقد بعد الظهر اجتماع وزراء الخارجية والوزراء المعنيين بالمجلس الاقتصادي الاجتماعي التحضيري للقمة، وينقسم إلى جلستين: الأولى علنية، يتحدث فيها رئيسا الوفدين السعودي واللبناني والأمين العام، والثانية مغلقة يتم خلالها اعتماد مشروع جدول الأعمال، ومناقشة بنود الجدول ومشاريع القرارات، ومراجعة مسوّدة "إعلان بيروت".
تظاهرة حاشدة تزامناً مع القمة الأحد
وفي موازاة التحضير لقمة الأحد، كانت تنشط أيضاً تحضيرات نقابية من نوع آخر. فقد عقد "الاتحاد الوطني للنقابات" و"اتحاد نقابات عمال البناء والأخشاب"، و"اتحاد نقابات عمال الأغذية" و"اتحاد نقابات عمال البقاع"، اجتماعاً شارك فيه نشطاء ونقابيون ولجان عمالية في القطاعين العام والخاص وعمال ومزارعون.
وقرّر المجتمعون المشاركة في التظاهرة الوطنية العامّة يوم الأحد المقبل، ودعوة العمال والمستخدمين في مختلف القطاعات للمشاركة في هذه التظاهرة، التي ستنطلق من ساحة البربير باتجاه وزارة المالية، عند الساعة الثانية عشرة، تحت شعار: "إلى الشارع للدفاع عن لقمة العيش الكريمة".
وأعلن المجتمعون في بيان، أنهم "ناقشوا الأوضاع المتردية والخطرة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وأمنياً وانعكاساتها السلبية على الوطن والمواطنين، خصوصاً العمال والمزارعين والموظفين وذوي الدخل المحدود والعاطلين من العمل. وتوقفوا أمام تفاقم الأزمات المعيشية التي تنعكس سلباً على حياة المواطنين، في الصحة والتعليم والكهرباء والماء وفرص العمل والنقل والأجور والسكن.
ورأى المجتمعون أن "الصعوبات والمعاناة التي تتعرض لها سائر الفئات الشعبية، هي نتيجة للسياسات الخطأ التي أنتجتها وتنتجها الحكومات المتعاقبة والحالية، تنفيذاً لإملاءات صندوق النقد والبنك الدوليين، خدمة للاحتكارات وأصحاب الرساميل الكبرى والمصارف ومتقاسمي النفوذ والحصص والصفقات، متناسين الوطن واستقلاله وحماية أرضه وسمائه وثرواته النفطية من المطامع والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، خصوصاً في هذه الفترة التي تتنازع السلطات الحاكمة فيها على تشكيل الحكومة منذ 8 أشهر".
وأشاروا إلى أن "هذا الاجتماع تزامن مع انعقاد القمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية، التي نأمل منها توظيف الاستثمارات العربية في بلدنا لبنان، لتنمية القطاعات الإنتاجية في الصناعة والزراعة والسياحة، والمحافظة على تنمية وتطوير القطاع العام والابتعاد عن مشاريع الخصخصة، مع العلم أننا لا نعوّل كثيراً على بعض هذه الأنظمة العربية التي يتعرّض عمّالها وفلّاحوها والفئات الشعبية فيها لشتى أنواع القمع".