وقف المواطن السوداني أبشر عوض، (35) عاماً، سائق حافلة صغيرة، في صف طويل من السيارات، وأمامه نحو 80 سيارة وخلفه مثلها، وجميعها تنتظر أمام محطة للوقود في منطقة الرياض بالخرطوم. وبعد 5 ساعات من انتظار (عوض)، وحين تبقّت أمامه 7 سيارات فقط، نفد الوقود من المحطة وعاد إلى منزله بخفي حُنين.
وفي اليوم التالي ذهب إلى أكثر من ثلاث محطات وقود ووجدها جميعاً مغلقة، وبالرغم من ذلك تصطف أمامها عشرات السيارات، كما ذهب إلى وسط الخرطوم، ووجد هناك محطة تعمل لحسن الحظ، فأوقف سيارته التي كانت تدبّ دبيباً ووصل بعد 4 ساعات إلى مكان التزود، ونجح أخيراً في الحصول على جازولين.
ما تعرض له (عوض) هو ذات ما يتعرض له مئات الآلاف من أصحاب المركبات العامة والخاصة، في سياق أزمة الوقود التي دخلت اليوم أسبوعها الثاني، وسط وعود متكررة من المسؤولين الحكوميين بقرب نهاية الأزمة، آخرها تأكيدات وزارة النفط التي أعلنت انتهاء العمل بنسبة كبيرة في صيانة مصفاة الجيلي، (المصفاة الرئيسة في البلاد)، التي كان لصيانتها أثر أساسي في الأزمة، إضافة إلى سبب عدم توفر النقد الأجنبي لأغراض الاستيراد.
وعمّت الأزمة جميع ولايات السودان، وأدت إلى زيادة كبيرة في أسعار النقل، سواء على مستوى النقل داخل المدن أو بين الولايات، وتضاعفت أسعار تذاكر السفر بنسبة 200%، في بعض المناطق، كما شهدت العاصمة الخرطوم ومدن أخرى ندرة واسعة في وسائل النقل، أحدثت تضجراً كبيراً وسط المواطنين.
كذلك أثرت الأزمة سلباً على العمليات الزراعية، خاصة عمليات الحصاد، إذ اشتكى المزارعون في المشاريع الكبرى من النقص الحاد في الوقود، ما أدى إلى توقف عمليات حصاد القمح في شمال السودان وحصاد الذرة والسمسم في شرق ووسط السودان.
اقــرأ أيضاً
ويقول المزارع أحمد أبشر، رئيس الاتحاد السابق للزراعة الآلية بولاية القضارف، كبرى المناطق الزراعية، إن الأزمة في تصاعد مستمر وتنذر بكارثة حقيقية في القطاع الزراعي، إذ أثرت سلباً على حصاد كثير من المحاصيل، ما دفع كثيراً من المزارعين إلى شراء برميل الجازولين بنحو 4 آلاف جنيه من السوق السوداء، بما يعادل ثلاثة أضعاف سعره الحقيقي.
وأشار أبشر في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى أن عمليات الإعداد للموسم الجديد، من نظافة الأرض وحراثتها وغيرها التي من المفترض أن تبدأ منذ فبراير/ شباط الماضي، توقفت تماماً، وهو ما يعرّض الموسم الزراعي ككل للفشل، وأوضح أنه حتى عمليات نقل بعض المحاصيل بعد حصادها تجابه بمشكلة النقل، إذ ظلّت في مكانها، ما يعرضها للتلف، لا سيما إذا هطلت أمطار في المنطقة.
وفي قطاع النقل الجوي كشف المسؤول بشركة نايل بكري لتوزيع وقود الطائرات لشركتي الخطوط الجوية السودانية (سودانير) وتاركو للطيران، علاء الدين أحمد، لـ"العربي الجديد"، عن حدوث عجز في وقود الطائرات بسبب الأزمة الراهنة، مشيراً إلى أن شركات الطيران تضطر لتزويد طائراتها بالوقود في رحلة الذهاب فقط من الخرطوم إلى الدول الأخرى، ليحدث العكس بتزود طائراتها بالوقود من الدول المعنية في رحلة العودة، بينما تتزوّد طائرات النقل الداخلي بالوقود الذي يكفيها في رحلتي الذهاب والإياب.
وقال مصدر في إحدى شركات الطيران، فضّل عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن أزمة الوقود مستمرة وستستمر لعدم وجود السيولة ولإغلاق المصفاة، مؤكداً إلغاء غالب شركات الطيران رحلات الشحن الجوي بسبب شح الوقود.
اقــرأ أيضاً
وأشار إلى الآثار السالبة لتأخر تفريغ الشحنات المستوردة من وقود "الجت وان"، وهو الوقود الخفيف الذي تستخدمه الطائرات، بميناء بورتسودان. وقال إن تفريغها جزئياً يُكلف أكثر من (30) ألف دولار.
ومع ازدياد الانتقادات لأداء وزارة النفط، بات وزيرها عبد الرحمن عثمان مرشحاً بقوة للإقالة، ضمن حزمة التغييرات التي من المتوقع أن يجريها الرئيس عمر البشير في حكومته الأربعاء المقبل، فيما كشفت تقارير صحافية عن قرارات صدرت في اليومين الماضين بإحالة أكثر من 200 موظف بالوزارة إلى التقاعد، بينهم 100 من الموظفين القياديين، عطفاً على الأزمة ذاتها.
وفي آخر تصريح لوزير الدولة في وزارة النفط، سعد الدين البشرى، أعلن أن الأزمة في طريقها إلى الحل، وأن الأيام المقبلة ستشهد انفراجاً كبيراً في المشتقات البترولية بصورة نهائية عقب الانتهاء من المرحلة الأولى من صيانة مصفاة الجيلي، على أن تبدأ المرحلة الثانية من الصيانة في الأسبوع المقبل بعد إجراء اختبارات التشغيل الأولى.
وقال الوزير لـ "العربي الجديد" إن صفوف البنزين تقلّصت بصورة كبيرة جداً، فيما تستمرّ الجهود إلى إنهاء مشكلة الجازولين، وتوقع أن تنتج المصفاة بعد دخولها مرحلة الإنتاج نحو 40% من احتياجات البلاد من المشتقات البترولية، على أن تتواصل عمليات الاستيراد مع تقليصه تدرجياً، لحين انجلاء الأزمة.
وأشار إلى أن عدداً من البواخر المحملة بالوقود وصلت إلى ميناء بورتسودان، في انتظار نقلها إلى الخرطوم وبقية الولايات. وأكد وضع برنامج دقيق مع وزارة الزراعة لتوفير الجازولين للموسم الزراعي، بشقيه المروي والمطري.
من جهتها أعلنت غرفة مواصلات ولاية الخرطوم عن وضع آلية لضبط ورقابة عمليات توزيع حصص الوقود لحل ضائقة المواصلات، وتوفيرها بخطوط الولاية.
وقال شمس الدين عبد الباقي، رئيس الهيئة الفرعية لسائقي الحافلات، في تصريح صحافي يوم السبت، إن الآلية تضم الأجهزة الأمنية والشرطة والغرفة، بغرض تنظيم حصص الوقود للنقل داخل الخرطوم، وإنها ستضع ضوابط مشددة للتوزيع بتحديد نسب لكل مركبة ومراقبة عدم استغلال الوقود لأغراض أخرى.
وتتهم السلطات المختصة شركات توزيع الوقود بالتلاعب بالحصص، وتسريبها إلى السوق السوداء، وتوعدت بمعاقبتها وسحب تراخيصها.
ورجّحت مصادر "العربي الجديد" صدور منشور بتوجيه من مجلس وزراء حكومة ولاية الخرطوم يحدد سقف تعبئة المركبات بالوقود، وتقول مصادر إن أعلى سقف للمركبات العامة سيكون في حدود (270) جنيهاً للجازولين و(415) للبنزين، وبالنسبة إلى السيارات الخاصة سيتم تحديد 216 جنيهاً للبنزين و144 جنيهاً للجازولين و1584 جنيهاً للحافلة السفرية.
وفي ميناء بورتسودان، الميناء الرئيسي في السودان، كشف مصدر عن وصول 7 بواخر محملة بالمشتقات النفطية إلى الميناء، وأنه تم إفراغ ثلاث منها محملة بالبنزين والجازولين ووقود الطائرات.
وفي اليوم التالي ذهب إلى أكثر من ثلاث محطات وقود ووجدها جميعاً مغلقة، وبالرغم من ذلك تصطف أمامها عشرات السيارات، كما ذهب إلى وسط الخرطوم، ووجد هناك محطة تعمل لحسن الحظ، فأوقف سيارته التي كانت تدبّ دبيباً ووصل بعد 4 ساعات إلى مكان التزود، ونجح أخيراً في الحصول على جازولين.
ما تعرض له (عوض) هو ذات ما يتعرض له مئات الآلاف من أصحاب المركبات العامة والخاصة، في سياق أزمة الوقود التي دخلت اليوم أسبوعها الثاني، وسط وعود متكررة من المسؤولين الحكوميين بقرب نهاية الأزمة، آخرها تأكيدات وزارة النفط التي أعلنت انتهاء العمل بنسبة كبيرة في صيانة مصفاة الجيلي، (المصفاة الرئيسة في البلاد)، التي كان لصيانتها أثر أساسي في الأزمة، إضافة إلى سبب عدم توفر النقد الأجنبي لأغراض الاستيراد.
وعمّت الأزمة جميع ولايات السودان، وأدت إلى زيادة كبيرة في أسعار النقل، سواء على مستوى النقل داخل المدن أو بين الولايات، وتضاعفت أسعار تذاكر السفر بنسبة 200%، في بعض المناطق، كما شهدت العاصمة الخرطوم ومدن أخرى ندرة واسعة في وسائل النقل، أحدثت تضجراً كبيراً وسط المواطنين.
كذلك أثرت الأزمة سلباً على العمليات الزراعية، خاصة عمليات الحصاد، إذ اشتكى المزارعون في المشاريع الكبرى من النقص الحاد في الوقود، ما أدى إلى توقف عمليات حصاد القمح في شمال السودان وحصاد الذرة والسمسم في شرق ووسط السودان.
ويقول المزارع أحمد أبشر، رئيس الاتحاد السابق للزراعة الآلية بولاية القضارف، كبرى المناطق الزراعية، إن الأزمة في تصاعد مستمر وتنذر بكارثة حقيقية في القطاع الزراعي، إذ أثرت سلباً على حصاد كثير من المحاصيل، ما دفع كثيراً من المزارعين إلى شراء برميل الجازولين بنحو 4 آلاف جنيه من السوق السوداء، بما يعادل ثلاثة أضعاف سعره الحقيقي.
وأشار أبشر في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى أن عمليات الإعداد للموسم الجديد، من نظافة الأرض وحراثتها وغيرها التي من المفترض أن تبدأ منذ فبراير/ شباط الماضي، توقفت تماماً، وهو ما يعرّض الموسم الزراعي ككل للفشل، وأوضح أنه حتى عمليات نقل بعض المحاصيل بعد حصادها تجابه بمشكلة النقل، إذ ظلّت في مكانها، ما يعرضها للتلف، لا سيما إذا هطلت أمطار في المنطقة.
وفي قطاع النقل الجوي كشف المسؤول بشركة نايل بكري لتوزيع وقود الطائرات لشركتي الخطوط الجوية السودانية (سودانير) وتاركو للطيران، علاء الدين أحمد، لـ"العربي الجديد"، عن حدوث عجز في وقود الطائرات بسبب الأزمة الراهنة، مشيراً إلى أن شركات الطيران تضطر لتزويد طائراتها بالوقود في رحلة الذهاب فقط من الخرطوم إلى الدول الأخرى، ليحدث العكس بتزود طائراتها بالوقود من الدول المعنية في رحلة العودة، بينما تتزوّد طائرات النقل الداخلي بالوقود الذي يكفيها في رحلتي الذهاب والإياب.
وقال مصدر في إحدى شركات الطيران، فضّل عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن أزمة الوقود مستمرة وستستمر لعدم وجود السيولة ولإغلاق المصفاة، مؤكداً إلغاء غالب شركات الطيران رحلات الشحن الجوي بسبب شح الوقود.
وأشار إلى الآثار السالبة لتأخر تفريغ الشحنات المستوردة من وقود "الجت وان"، وهو الوقود الخفيف الذي تستخدمه الطائرات، بميناء بورتسودان. وقال إن تفريغها جزئياً يُكلف أكثر من (30) ألف دولار.
ومع ازدياد الانتقادات لأداء وزارة النفط، بات وزيرها عبد الرحمن عثمان مرشحاً بقوة للإقالة، ضمن حزمة التغييرات التي من المتوقع أن يجريها الرئيس عمر البشير في حكومته الأربعاء المقبل، فيما كشفت تقارير صحافية عن قرارات صدرت في اليومين الماضين بإحالة أكثر من 200 موظف بالوزارة إلى التقاعد، بينهم 100 من الموظفين القياديين، عطفاً على الأزمة ذاتها.
وفي آخر تصريح لوزير الدولة في وزارة النفط، سعد الدين البشرى، أعلن أن الأزمة في طريقها إلى الحل، وأن الأيام المقبلة ستشهد انفراجاً كبيراً في المشتقات البترولية بصورة نهائية عقب الانتهاء من المرحلة الأولى من صيانة مصفاة الجيلي، على أن تبدأ المرحلة الثانية من الصيانة في الأسبوع المقبل بعد إجراء اختبارات التشغيل الأولى.
وقال الوزير لـ "العربي الجديد" إن صفوف البنزين تقلّصت بصورة كبيرة جداً، فيما تستمرّ الجهود إلى إنهاء مشكلة الجازولين، وتوقع أن تنتج المصفاة بعد دخولها مرحلة الإنتاج نحو 40% من احتياجات البلاد من المشتقات البترولية، على أن تتواصل عمليات الاستيراد مع تقليصه تدرجياً، لحين انجلاء الأزمة.
وأشار إلى أن عدداً من البواخر المحملة بالوقود وصلت إلى ميناء بورتسودان، في انتظار نقلها إلى الخرطوم وبقية الولايات. وأكد وضع برنامج دقيق مع وزارة الزراعة لتوفير الجازولين للموسم الزراعي، بشقيه المروي والمطري.
من جهتها أعلنت غرفة مواصلات ولاية الخرطوم عن وضع آلية لضبط ورقابة عمليات توزيع حصص الوقود لحل ضائقة المواصلات، وتوفيرها بخطوط الولاية.
وقال شمس الدين عبد الباقي، رئيس الهيئة الفرعية لسائقي الحافلات، في تصريح صحافي يوم السبت، إن الآلية تضم الأجهزة الأمنية والشرطة والغرفة، بغرض تنظيم حصص الوقود للنقل داخل الخرطوم، وإنها ستضع ضوابط مشددة للتوزيع بتحديد نسب لكل مركبة ومراقبة عدم استغلال الوقود لأغراض أخرى.
وتتهم السلطات المختصة شركات توزيع الوقود بالتلاعب بالحصص، وتسريبها إلى السوق السوداء، وتوعدت بمعاقبتها وسحب تراخيصها.
ورجّحت مصادر "العربي الجديد" صدور منشور بتوجيه من مجلس وزراء حكومة ولاية الخرطوم يحدد سقف تعبئة المركبات بالوقود، وتقول مصادر إن أعلى سقف للمركبات العامة سيكون في حدود (270) جنيهاً للجازولين و(415) للبنزين، وبالنسبة إلى السيارات الخاصة سيتم تحديد 216 جنيهاً للبنزين و144 جنيهاً للجازولين و1584 جنيهاً للحافلة السفرية.
وفي ميناء بورتسودان، الميناء الرئيسي في السودان، كشف مصدر عن وصول 7 بواخر محملة بالمشتقات النفطية إلى الميناء، وأنه تم إفراغ ثلاث منها محملة بالبنزين والجازولين ووقود الطائرات.