كشف مصدر في وزارة العمل والتشغيل الجزائرية، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن طلبات تجديد تصاريح العمل للأجانب تراجعت بنسبة 40% خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي 2017.
وأرجع المصدر تقلص طلبات تجديد تصاريح العمل للوافدين إلى الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي بشكل متلاحق منذ بداية العام، والرامية إلى تقليص حجم الأموال التي يسمح بتحويلها إلى الخارج من العملة الصعبة.
وكانت الجزائر في السنوات الـ 15 الأخيرة تحظى بإقبال من العمالة الأجنبية، بعد إطلاقها لمشاريع ضخمة في السكن والأشغال العمومية والطاقة، حيث تشير أخر الأرقام إلى أن مصالح وزارة العمل أحصت أكثر من 134 ألف عامل أجنبي من 125 جنسية متحصل على سند عمل في 2017، ما يعادل 0.75% من العدد الإجمالي للعمال في الجزائر. ومن بين العمالة الجنبية نحو 49 ألف عامل يشتغلون في مجال البناء والأشغال العمومية والري.
إلا أن هذه الأرقام بدأت في التقلص وفق المصدر، بعد وضع بنك الجزائر إجراءات لتشديد الرقابة على التحويلات المالية، ومنها وضع سقف لخروج الأموال مع المسافرين بنحو ألف يورو أو ما يعادلها من الدولار الأميركي، بالإضافة إلى إقرار زيادة في الرسوم المفروضة على عمليات تجديد رخص العمل للأجانب بموجب قانون المالية التكميلي لسنة 2015.
وقال أحد العمال الصينيين، الذي يعمل في شركة صينية كبيرة مختصة في البناء لـ"العربي الجديد" إنه يفكر جديا في عدم تجديد عقد العمل الذي يربطه مع شركته، وذلك لعدم قدرته على تحويل الأموال التي يجمعها بالدولار إلى بلده، حيث أصبح يلجأ إلى حيلة لفعل ذلك من خلال "إعطاء مبلغ من الأموال إلى صينيين مقيمين في الجزائر على أن يقدمها أقاربهم إلى عائلته في بلاده".
وأضاف العامل الصيني الذي يشتغل في مشروع "جامع الجزائر الأكبر" أن "تراجع الدينار الجزائري لم يعد يغري الصينيين على القدوم إلى الجزائر وأصبحوا يفضلون وجهات أخرى".
ومن المنتظر أن يلقي عزوف العمال الأجانب عن العودة للجزائر بظلاله على وتيرة سير الأشغال في الورشات الكبرى على غرار السكن والأشغال العمومية، ما سيترتب عنه تأخر في تسليم المشاريع، نتيجة نقص اليد العاملة المؤهلة محليا، ما سيجبر الحكومة على إعادة النظر في حجم المشاريع الممنوحة للمؤسسات الأجنبية، وفق الخبير الاقتصادي جمال نور الدين.
وقال نور الدين لـ"العربي الجديد"، إن "الجزائر تشهد عجزاَ في اليد العاملة في بعض القطاعات خاصة في البناء، وقد رأينا أن العمالة الاجنبية ساعدت كثيراً في السنوات الأخيرة في إنجاز المشروعات، خاصة في البنية التحتية والصناعة، وبالتالي لا يمكن أن نفتح باب الانتداب الخارجي للعمالة من جهة ونغلق كل المنافذ المالية من الجهة الأخرى، وإلا فكيف ستغري الأجانب بالقدوم إلى الجزائر مستقبلا".
وأضاف أن "البنك المركزي اضطر مؤخرا إلى وضع استثناءات، كما فعلت الحكومة مع بعض الشركات الأجنبية التي سمحت لها بتحويل كامل الأرباح الى الخارج في وقت يجبر قانون الاستثمار الشركات الأجنبية على تحويل نصف الأرباح إلى الشركة الأم أو استثمار النصف الثاني في الجزائر".