تسبب غلاء الأسعار، في عزوف الكثير من المصريين عن شراء الكعك، أحد أبرز مظاهر الاحتفال المرتبطة بعيد الفطر، كانت محلات الحلويات والأفران، تشهد رواجاً ونشاطاً غير عادي، قبيل انتهاء شهر رمضان في الأعوام السابقة.
وأدى ارتفاع الأسعار غير المسبوق إلى ركود تجارة الكعك، نتيجة عزوف كثيرين عن الشراء، واكتفاء بعضهم بكميات محدودة تقليصاً للإنفاق.
وتراوحت أسعار كعك العيد في المناطق الشعبية بين 45 جنيهاً (2.5 دولار) و120 جنيهاً (6.7 دولارات) للكيلوغرام الواحد، بينما يصل السعر في بعض السلاسل التجارية الكبرى إلى 500 جنيه (28 دولاراً) للكيلوغرام الواحد.
ويشير تجار إلى أن أسعار الكعك زادت بنسبة 60% مقارنة بالعام الماضي، نتيجة ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج من دقيق وسكر وبيض وحليب ومكسرات وغيرها، فضلاً عن ارتفاع أسعار المياه والكهرباء والعمالة، لافتين إلى أن القفزات التي سجلها سعر صرف الدولار أمام
الجنيه المصري كان لها الدور الأكبر في زيادة الأسعار.
يقول فتحي بكري صاحب مصنع حلويات، إن عيد الفطر كان يمثل رواجاً لمصانع الحلوى، لكن هناك حالة كبيرة من الركود هذا العام، نتيجة ارتفاع الأسعار التي تسبب فيها قرار الحكومة بتعويم الجنيه.
وحرر البنك المركزي سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ليقفز سعر الدولار بأكثر من 100% أمام العملة المصرية، وتصعد على إثر ذلك جميع السلع إلى مستويات هي العليا في عشرات السنوات.
ويشير بكري في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن سعر طن الدقيق الفاخر ارتفع من 2800 جنيه (156 دولاراً) إلى نحو 3200 جنيه (178 دولاراً) للطن خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، بسبب أزمة الدولار، كما أن طاولة البيض الواحدة زادت أكثر من 100% لتصل إلى 45 جنيهاً بدلاً من 20 جنيهاً، إضافة إلى أسعار السكر والسمن والزيت والعمالة والكهرباء والمياه وغيرها من التكاليف، وهو ما تسبب في رفع الأسعار.
ويلفت أحمد السبع، أحد التجار، إلى أن حركة بيع الكعك هذا العام، أقل بكثير من الأعوام الماضية، كما أن كثيراً من الأسر التي كانت تعد الكعك في المنازل، توقفت أيضاً عن ذلك في ظل ارتفاع أسعار مستلزمات الكعك.
وتقول صفاء جاد، ربة منزل، إنها كانت تقوم بتصنيع البسكويت والكعك في المنزل لكونه أكثر ضماناً، إلا أن غلاء الدقيق والسمن والبيض دفعها للعزوف عن صنعه هذا العام، مشيرة إلى أن التكلفة عالية وكثير من الأسر غير قادر على تحمل هذه النفقات.
وفي محاولة للتخفيف من ارتفاع الأسعار، طرح عدد من المجمعات الاستهلاكية التابع لوزارة التموين منافذ للبيع بأسعار مخفضة، إلا أن كثيراً من المستهلكين يرون أن هذه الأنواع غير جيدة، كونها تستخدم دقيقاً رديئاً، مقارنة بما تقدمه المصانع الخاصة، وهو ما جعل الإقبال على شرائها ضئيلاً.
وتقول شرين محمد، التي تعمل موظفة في إحدى الجهات الحكومية: "كعك العيد هذا العام للأغنياء فقط، فأسعار الجاهز نار، كما أن من يرغب في إعداد الكعك بالمنزل لن يستطيع في ظل ارتفاع أسعار السمن والدقيق والسكر أو سيقلل الكميات للنصف كما سأفعل هذا العام".
ويرى أحمد طنطاوي، وهو موظف، أن ارتفاع الأسعار هذا العام أثر على الفرحة بالعيد التي ينتظرها المواطنون في ظل الظروف القاسية التي يعيشونها.
وأظهرت بيانات صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي)، في وقت سابق من يونيو/حزيران الجاري، أن معدل التضخم السنوي في مدن مصر بلغ 29.7% في مايو/ أيار منخفضاً لأول مرة منذ ستة أشهر، بينما يؤكد خبراء اقتصاد أن مستويات التضخم الحقيقية تتجاوز 50%.
ويقر صلاح العبد، رئيس شعبة الحلويات في غرفة القاهرة التجارية ورئيس مصنع سلاسل حلويات العبد، بارتفاع أسعار الكعك والبسكويت هذا العام، بسبب ارتفاع كافة مستلزماته، لافتاً إلى أن التجار وأصحاب المصانع في حالة غضب بسبب حالة الركود في عمليات البيع التي كانت تشهد ازدهاراً كبيراً خلال تلك الفترة الأخيرة من شهر رمضان. وأشار إلى أن الحلويات أصبحت أولوية متأخرة، بسبب الغلاء الذي أصاب الشارع المصري.
وتشهد مصر قفزات هائلة في أسعار السلع الأساسية، وتواصلت القفزات في أسعار السلع، رغم وعود الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، أكثر من مرة، بخفض الأسعار، فيما تشير البيانات الرسمية إلى أن ما يقرب من ثلث المصريين فقراء، بينما تقدر جهات مستقلة نسبتهم بأكثر من نصف سكان البلاد البالغ عددهم 93 مليون نسمة.