تُجمع جل الأطراف السياسية في تونس على أن قرار إعلان حالة الطوارئ الذي اتخذه رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، أول من أمس السبت، بات ضرورياً لإنقاذ البلاد من الانهيار، رغم أنه يتزامن مع تحديات اقتصادية فرضها الوضع الأمني، إذ من المتوقع أن تزيد حدة الصعوبات في ظل حالة الطوارئ.
وأدى تتالي العمليات الإرهابية الموجهة للقطاع السياحي إلى استغناء العديد من شركات السياحة العالمية عن الوجهة التونسية في الوقت الحالي، فيما تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر بأكثر من 42%، وفق دراسة حديثة لمكتب التدقيق المالي البريطاني "أرنست أند يونغ".
ويعتبر رئيس المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل، مختار بن نصر، أن حالة الطوارئ ضرورية في ظل ما تمر به الدولة من وضع صعب اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً.
ويقول بن نصر، لـ"العربي الجديد"، إن حالة الطوارئ قد تبعث برسائل سلبية للداخل والخارج، غير أنها تصبح ضرورية في حالات الخطر الداهم، مشيراً إلى أن اتخاذ مثل هذا القرار سيسمح لقوات الجيش والأمن بمنع الإضرابات أو التحركات الاحتجاجية أو الاجتماعات التي يتم تنظيمها دون ترخيص.
وأضاف بن نصر أن إعلان حالة الطوارئ سيعطل المصالح الاقتصادية وسيكون مصحوباً بمنع التظاهرات والتجمعات ومراقبة الصحافة والإعلام، "ومثل هذه القرارات في ديمقراطية ناشئة، قد تكون له مساوئ أكثر من الإيجابيات".
ولاحظ بن نصر أن اتخاذ مثل هذا القرار قد يقيّد الحركة الليلية والتجارية، في المقابل، يرى الخبير الاقتصادي، معز الجودي، أن إعلان حالة الطوارئ وإعطاء الأولوية القصوى للأمن، سينعكس إيجاباً على الاقتصاد التونسي وسيحد من تداعيات الخطر الإرهابي على القطاع السياحي وتدفق الاستثمارات الخارجية، معتبراً أن تونس مهددة وتعيش حالة من عدم الاستقرار الأمني والاقتصادي والاجتماعي.
وأضاف الجودي، لـ"العربي الجديد"، أن الحرب على الإرهاب تتطلّب التوجه إلى اقتصاد الحرب وإعطاء الأولوية لتأمين الحدود والمناطق الحساسة، ولا سيما الشريط الحدودي الذي يعتبر بوابة لكل عمليات التهريب التي تكلّف الدولة سنوياً أكثر من مليار دولار، متوقعاً أن تحافظ تونس في الوقت الحالي على ترقيمها السيادي، وخاصة أن تدعم الدوائر المالية العالمية تونس في مثل هذا الظرف.
وبيّن الخبير الاقتصادي أن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي يتابعان الوضع الاقتصادي والأمني في تونس وسيواصلان دعمهما لتمويل المشاريع الحكومية والاقتصاد عموماً، وفق تعبيره.
ودعا الجودي إلى معالجة المشاكل الأمنية بشكل جذري والابتعاد عن الحلول الترقيعية والجزئية، لأن تونس لم تعد قادرة على تحمّل ضربات أخرى.
وأكد الجودي أن تونس في حالة حرب، قائلاً: "الأمن قبل كل شيء، وبعده يأتي الاقتصاد والسياسة والمشاكل الاجتماعية"، غير أن حالة الطوارئ يجب أن تكون محدودة في الزمن حتى لا تكون لها انعكاسات سلبية على المدى المتوسط، حسب اعتقاده.
وجاء قرار إعلان حالة الطوارئ بعد الهجوم الذي استهدف في 26 يونيو/ حزيران الماضي، فندقاً في مدينة سوسة (150 كلم جنوب شرق العاصمة تونس)، وأسفر عن مقتل 38 سائحاً أجنبياً.
وشهدت السياحة التونسية منذ بداية العام تراجعاً في إيراداتها بأكثر من 21%.
وقالت وزيرة السياحة التونسية، سلمى اللومي، عقب هجوم سوسة، إن تونس تتوقع تكبّد قطاعها السياحي خسائر لا تقل عن 515 مليون دولار في 2015.
وجنت تونس إيرادات قدرها 1.95 مليار دولار من السياحة في العام الماضي، وأعلن الباجي قائد السبسي، في خطاب للتونسيين، فرض حالة الطوارئ في البلاد لمدة شهر، وقال إن القرار أملته "ظروف استثنائية" تمر بها تونس "بعد انتقال الإرهاب من الجبال إلى المدن".
اقرأ أيضاً: تونس تتجّه نحو تحويلات المغتربين لإنعاش اقتصادها