يبدو أن القفزات التي أحدثتها العملات الافتراضية، فتحت شهية حكومات لاعتماد هكذا أنظمة مالية، في مسعى للاستفادة من الإقبال العالمي على العملات الرقمية في تحفيز الاقتصادات المحلية وحمايتها من أي حصار مالي قد تتعرض له خارج نطاقها الجغرافي.
أول هؤلاء، كان الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، الذي أعلن، أمس الأحد، أن بلاده تعتزم إطلاق عملة رقمية لمواجهة الحصار المالي الذي تفرضه عليها الولايات المتحدة، مضيفا، خلال خطابه التلفزيوني الأسبوعي، أن العملة سيطلق عليها اسم "بترو"، وستتمتع بدعم من احتياطات فنزويلا من النفط والغاز وموجوداتها من الذهب والألماس.
وقال: "هذا سيسمح لنا بالتقدم نحو أشكال جديدة من التمويل الدولي، من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد". ويأتي هذا الطرح في الوقت الذي تواجه فيه فنزويلا أزمة مالية حادة، بعد أن أعلن الدائنون ووكالات التصنيف أن الحكومة غير قادرة جزئيا على سداد ديونها والفوائد المترتبة على سنداتها، والتي تمنع المواطنين الأميركيين والشركات من شراء أي سندات جديدة تصدرها الحكومة الفنزويلية.
وتأتي تصريحات مادورو، بعد ساعات من سماح هيئة تنظيمية فيدرالية أميركية، للمرة الأولى، لشركة "سي إم إي غروب" المالية المسجلة في بورصة "وول ستريت"، بالبدء في إصدار عقود آجلة بالعملة الرقمية بيتكوين، ما يعني أن بعض أسواق "بيتكوين" باتت تخضع للتنظيم الفيدرالي في الولايات المتحدة للمرة الأولى.
كما أنها ستتيح التداول ببيتكوين لمجموعة أكبر من المستثمرين والتجار، الذين كانوا يترددون في شراء العملة الافتراضية.
وبينما يفكر مادورو، الذي يحمّل الولايات المتحدة المسؤولية عن هذه الأزمة بسبب العقوبات التي فرضتها ضد بلاده في أغسطس/آب الماضي، خارج الصندوق، نظريا، تبدي البنوك المركزية في عدد كبير من الدول، مخاوف بشأن توسع مواطنيها في تداول العملات الرقمية.
وفي الجمهورية الإيرانية التي لم تكد تتمتع بتخفيف حرب العقوبات الاقتصادية التي تفرضها أيضا الولايات المتحدة، قال رئيس دائرة التقنيات الحديثة في البنك المركزي الإيراني، ناصر حكيمي، إن البنك لا يعترف بالبيتكوين كعملة، مشيرا إلى وجود مخاطر تتعلق بالمغامرة والاحتيال في تداول هذه العملة.
المخاوف ذاتها أصدرت بشأن عدة بنوك مركزية حول العالم، إشارات متكررة، لكن يبدو أن العملات الرقمية باتت واقعا يفرض نفسه، بفضل الإقبال الكبير الذي تلقاه من مستثمرين ومتعاملين أفراد حول العالم.
وفي السياق، أعلنت الحكومة البريطانية، اليوم الإثنين، إصدار قواعد تنظيمية صارمة للعملات الرقمية، بهدف مكافحة الجرائم المحتملة من جراء تزايد استخدامها، مثل التهرب الضريبي وغسل الأموال، بحسب بيان لوزارة الخزانة.
ومن المقرر قيادة الوزارة جهود تنظيم تداول واستخدام العملات الرقمية مثل بيتكوين، لإخضاعها للقوانين والتشريعات المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وغيرها من الجرائم المالية.
وقال متحدث باسم وزارة الخزانة البريطانية: "لدينا قواعد ضريبية واضحة لمن يستخدمون العملات الرقمية، لكنها ستخضع للمراجعة، ونعتزم أيضًا تحديث اللوائح لإخضاع بورصات تداول هذه العملات للتشريعات المكافحة لغسل الأموال وتمويل الإرهاب".
وأحدث إصدار عملة بيتكوين الافتراضية للمرة الأولى، في يناير/كانون الثاني 2009، والنجاح الكبير الذي حققته، ثورة في عالم المعاملات المالية عبر الإنترنت، وأخذ العديد من مطوري البرامج يطلقون المزيد من العملات المشفرة القائمة على نظام لامركزي لا يحتاج إلى وسيط، وبلغت أنواع العملات الرقمية أكثر من 10 عملات، في ظل الإقبال المتزايد عليها، ما أدى إلى توسيع دائرة تداول هذه النوعية من العملات، في ظل جني مكاسب خيالية لحائزيها خلال الفترة الأخيرة.
وارتفعت بيتكوين إلى مستوى قياسي جديد أعلى من 11800 دولار خلال عطلة نهاية الأسبوع، بزيادة قدرها 30% عن مستواها المسجل الخميس قرب 9 آلاف دولار.
وخلال تعاملات اليوم الإثنين، ارتفعت بيتكوين بنسبة 2.10% إلى 11418 دولارًا، بعدما سجلت 11830 دولارًا للمرة الأولى على الإطلاق خلال تعاملات أمس.
ومع مكاسب الأحد، تجاوزت القيمة السوقية الإجمالية للعملات الرقيمة 350 مليار دولار، بحسب بيانات موقع "كوين ماركت كاب" المعني بأخبار العملات الافتراضية.
ويأتي ذلك وسط ترقب، لإطلاق العقود الآجلة للعملة الرقمية منتصف الشهر الجاري من قبل "سي إم إي غروب"، التي قال رئيس مجلس إدارتها الأسبوع الماضي، إن هذه الخطوة ستكون مدعومة بقدر كبير من الشفافية.
(العربي الجديد)