سوق الهال الدمشقي يوحّد محافظات فرقتها الحرب

فرانس برس

avata
فرانس برس
26 سبتمبر 2015
11E8C577-12C3-498D-AC65-77F1D2E41F09
+ الخط -
يوحد سوق الهال الدمشقي المحافظات السورية التي فرقتها الحرب عبر جمع محاصيلها الزراعية، العنب الآتي من مناطق تحت سيطرة الفصائل المعارضة والبطيخ المزروع في أراضٍ تتحكم فيها جبهة النصرة والبطاطا الناضجة في حقول تحت سلطة النظام.

ويقول فارس (32 عاماً) ممازحاً، وهو يعرض كميات من البطاطا المزروعة في مدينة الزبداني في ريف دمشق: "حين يتعلق الأمر بالطعام يلتقي الجميع، فليس للمعدة رأي سياسي".

وتعد البطاطا المزروعة في سهول الزبداني الأجود في سورية، لكن المعارك بين قوات النظام والفصائل المقاتلة في المدينة التي تبعد 45 كيلومتراً شمال غرب دمشق، تجعل توفرها غير متاح دائماً.

ولكن بعد وقف إطلاق النار، والذي تم التوصل إليه الأحد الماضي، تمكن فارس من إحضار صناديق جديدة من البطاطا.

ويضيف: "استطاع السائق الوصول اليوم من دون مشاكل".

ويعود تأسيس سوق الهال إلى مرحلة الانتداب الفرنسي (1920-1946) وتم تعريب تسميته من اللغة الفرنسية "لي هال" نسبة إلى سوق ذائع الصيت في باريس، وهو يقع في شرق دمشق على تخوم حي جوبر حيث تدور معارك مستمرة.

ويكتظ السوق، والذي لا تتعدى مساحته الكيلومتر المربع الواحد، بأكثر من 300 متجر بالجملة، وفي الشوارع الضيقة، تحاول الشاحنات المرور بحمولاتها المختلفة مطلقة العنان لأبواقها على وقع صراخ الحمالين والسائقين الممتعضين.

وينقل الحمالون والتجار بين الساعة السادسة صباحاً ومنتصف النهار أكثر من 400 طن من الخضار والفاكهة تمهيداً لنقلها إلى دمشق وكافة أنحاء البلاد.

ويروي أبو عبدو (30 عاماً): "احتجت إلى 17 ساعة لنقل 15 طناً من الفلفل الأحمر والأخضر في شاحنتي المبردة انطلاقاً من دير حافر في ريف حلب (شمال) مروراً بالرقة (شمال) ثم تدمر (وسط)"، والتي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية.

اقرأ أيضاً: حكومة الأسد ترفع رواتب الموظفين والعسكريين 7 دولارات

ووصل أبو عبدو إلى منطقة "الضمير" (شمال شرق دمشق) الواقعة تحت سيطرة نظام الأسد ومنها إلى السوق، ويتابع: "أريد أن أقضي ليلة هنا، ثم سأنقل الطماطم إلى مدينة الباب" في محافظة حلب، والتي يسيطر عليها تنظيم "الدولة الإسلامية".

ولا يخشى أبو عبدو التنظيم الجهادي باعتبار أن التنظيم يدرك أنه سينقل في المقابل منتجات غذائية أخرى إلى مناطق تحت سيطرته.

وينفي أبو عبدو حاجته إلى دفع رشاوى للمرور بشاحنته، فيما يعترف سائقون آخرون بأنه لا يمكنهم التنقل قبل دفع مبلغ من المال لعناصر المليشيات المنتشرين في بعض المناطق.

وفي سوق الهال، يباع العنب والطماطم من إنتاج محافظة درعا (جنوب) الواقعة بمعظمها تحت سيطرة الفصائل المعارضة، أما البطيخ فيأتي من جبل الشيخ المحاذي لهضبة الجولان المحتلة من إسرائيل والخاضع لسيطرة جبهة النصرة (ذراع تنظيم القاعدة في سورية).

ولعل سوق الهال، هو المكان الوحيد الذي تجتمع فيه سيارات وشاحنات تحمل لوائح تسجيل عليها أسماء المحافظات السورية كافة، والتي أدى تفاقم النزاع منذ عامين إلى تقطيع أوصالها.

ويروي ماهر الوافد مع شاحنته المحملة بالبصل من محافظة الحسكة في شمال شرق سورية تفاصيل رحلته الشاقة، ويقول إن: "مسافة الـ800 كلم التي قطعتها خطرة بالطبع.. سبق ونجوت من قصف للنظام، وتنظيم الدولة الإسلامية أراد ذبحي، ومقاتلو المعارضة أخذوا مني بضائع".

ويضيف: "على كل حال، نشعر هنا بأن سورية لم تنفجر، والناس يلتقون من المناطق كافة ويتبادلون الأحاديث من دون حقد".

وتشرح ممثلة منظمة الأمم المتحدة للأغذية في سورية، اريكو هيبي، أن: "هؤلاء الذين يأتون إلى دمشق لا يشكلون سوى جزء بسيط من المزارعين لأن الغالبية لا تملك الوسائل لنقل بضائعها".

وتوضح أن: "كثيرين منهم لا يقدمون على هذه الخطوة لأنه من المحتمل ألا تغطي عائدات البيع الكلفة التي تكبدوها".

وعلى الرغم من أن سوق الهال يقع بمحاذاة إحدى جبهات القتال، وتسبب سقوط قذائف عليه في الأيام الماضية بمقتل 15 شخصاً وإصابة العشرات بجروح، لكن ذلك كله لا يعوق حركة الوافدين إليه لنقل أو بيع منتجاتهم.

 
اقرأ أيضاً: الثورة المضادة أشعلت الوقود لإحراق نظام مرسي

ذات صلة

الصورة
من مجلس العزاء بالشهيد يحيى السنوار في إدلب (العربي الجديد)

سياسة

أقيم في بلدة أطمة بريف إدلب الشمالي وفي مدينة إدلب، شمال غربي سورية، مجلسا عزاء لرئيس حركة حماس يحيى السنوار الذي استشهد الأربعاء الماضي.
الصورة
غارات روسية على ريف إدلب شمال غرب سورية (منصة إكس)

سياسة

 قُتل مدني وأصيب 8 آخرون مساء اليوم الثلاثاء جراء قصف مدفعي من مناطق سيطرة قوات النظام السوري استهدف مدينة الأتارب الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة
الصورة
قبور الموتى للبيع في سورية / 6 فبراير 2024 (Getty)

اقتصاد

تزداد أعباء معيشة السوريين بواقع ارتفاع الأسعار الذي زاد عن 30% خلال الشهر الأخير، حتى أن بعض السوريين لجأوا لبيع قبور ذويهم المتوارثة ليدفنوا فيها.
الصورة
قوات روسية في درعا البلد، 2021 (سام حريري/فرانس برس)

سياسة

لا حلّ للأزمة السورية بعد تسع سنوات من عمر التدخل الروسي في سورية الذي بدأ في 2015، وقد تكون نقطة الضعف الأكبر لموسكو في هذا البلد.
المساهمون