شهدت مدينة بن قردان التونسية، التي تقع على الحدود مع ليبيا، أمس الأربعاء، موجة جديدة من الاحتجاجات، تصاعدت إلى حد اقتحام متظاهرين مقر الاتحاد التونسي للشغل (أكبر اتحاد للنقابات العمالية في تونس) بالمدينة وحرقه، بسبب إغلاق المعبر الحدودي مع ليبيا.
وكان مسؤولون من تونس وليبيا قد توصلوا لقرار مشترك، هذا الأسبوع، بإعادة فتح المعبر الحدودي "رأس جدير" يوم الأحد المقبل، بعد إغلاقه لنحو شهر من الجانب الليبي.
لكن مسؤولون في ليبيا أبدوا تراجعا "لعدم قانونية المفاوضات التي أجريت هذا الأسبوع"، ما أثار غضب السكان في مدينة بن قردان، أسفر عن حرق مقر الاتحاد التونسي للشغل "كونه لم يساند الأهالي في إضرابهم الذي دعوا إليه مؤخرا بسبب إغلاق المعبر"، وفق محتجين.
وكانت السلطات الليبية قررت في أكثر من مرة إغلاق معبر "رأس جدير" لعدم استقرار الأوضاع الأمنية.
وشهدت مدينة بن قردان يوم الأحد الماضي إضرابا مدنيا عاما شل حركة الحياة تماماً في المدينة احتجاجا على غلق المعبر وغياب المشاريع التنموية في المدينة والمناطق الحدودية القريبة.
وهدد المحتجون بتحويل الإضراب إلى اعتصام مفتوح ما لم تجد السلطات حلولا عاجلة للمشاكل المتراكمة التي تشهدها المدينة والمنطقة الحدودية عموما.
ومعبر "رأس جدير" ليس المعبر الوحيد بين البلدين ولكنه الأساسي والأشهر، حيث كان منفذًا رئيسيًّا لنحو 1.5 مليون ليبي إبان ثورة 17 فبراير/ شباط 2011 الليبية للهروب من مليشيات القذافي.
وأهمية هذا المعبر الحدودي لا تنعكس على مدينة بن قردان (80 ألف نسمة) فقط، وإنما تصل إلى كامل النصف الجنوبي للبلاد التونسية الذي يعيش على إيقاع هذا المعبر المهم.
كما يستمد معبر "رأس جدير" أهميته، من كونه عامل أساس في تحديد المبادلات التجارية بين تونس وليبيا والتي فاقت 1.8 مليار دينار تونسي (1.2 مليار دولار) في العام الماضي 2013، منها صادرات تونسية لليبيا بنحو 1.4 مليار دينار، وصادرات ليبية لتونس بنحو 600 مليون دينار.
ويبرز "رأس جدير" كمعبر إنساني أيضا، بالنظر إلى أهميته في دخول آلاف المرضى الليبيين إلى تونس بهدف التداوي، حيث يسجل عبور أكثر من ثلاثة آلاف شخص على الأقل يوميا.
ولكن مشاكل التهريب والتجارة الموازية التي أنهكت الاقتصاد التونسي والليبي معا ألقت بظلالها على هذا المعبر الذي يعتبر شريانا حيويا للتبادل التجاري الرسمي من جهة، وطريقا للمهربين من جهة أخرى.
ويشتري مهربون تونسيون لتر البنزين من ليبيا بنحو 150 مليما تونسيا ويبيعونه في تونس بدينار واحد (1000 مليم) أي أقل من سعر لتر البنزين في محطات الوقود بحوالي 1.5 دينار.
ووفق تقرير نشره البنك الدولي في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، يتكبد الاقتصاد التونسي سنويا خسائر بقيمة 1.2 مليار دينار (760 مليون دولار) بسبب "التجارة الموازية" (غير الرسمية) مع الجارتين ليبيا والجزائر.
وذكر البنك، أن التهريب والتجارة غير الرسمية يمثلان أكثر من نصف المبادلات التجارية لتونس مع ليبيا، وأن 328 ألف طن من السلع المهربة من ليبيا تمر سنويا عبر "رأس جدير" في بن قردان.