لا يكتفى المزارع أحمد البشعيري، بتتبع نشرات الأرصاد الجوية في الأيام الأخيرة، فقد أصبح مواظبا على اللجوء إلى مواقع إلكترونية متخصصة، علها تبشره بسحب تحمل أمطارا إلى منطقة بني مسكين الواقعة في وسط المغرب، غير أن مسعاه يخيب في كل مرة.
ويعتبر البشعيري أن الأيام المتبقية من شهر ديسمبر/كانون الأول الجاري، حاسمة في تحديد مآل الموسم الزراعي الحالي، خاصة بالنسبة للحبوب التي توصف بأنها خريفية، أي أنه يتوجب أن تتلقى ما يكفي من الغيث في أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر، في انتظار التساقطات المطرية التي ترتجى في شهري مارس/آذار وأبريل/نيسان، حيث تساهم في إنضاج الحبوب.
وقد دأبت نشرات مديرية الأرصاد الجوية في الأيام الأخيرة، على التأكيد على عدم ظهور تباشير تساقطات مطرية في الأفق، باستثناء الصقيع الذي تعرفه العديد من المناطق في المملكة، بل إن درجات الحرارة ارتفعت بشكل ملفت في نهاية الأسبوع الجاري، كي تتجاوز 30 درجة في بعض المناطق.
وتعزو مديرية الأرصاد الجوية، تأخر الأمطار إلى المرتفع الآصوري الذي لم يتحرك منذ شهرين، حيث يحول دون تسرب كتل هوائية رطبة، تفضي إلى تكون سحب ممطرة. وهو نفس الوضع الذي تواجهه إسبانيا والبرتغال وجنوب فرنسا حاليا.
تأخر الأمطار استنفر وزارة الفلاحة والصيد البحري، حيث عقد الوزير عزيز أخنوش اجتماعا مع المسؤولين المركزيين ومدراء المكاتب والمؤسسات التابعة للوزارة والمدراء الجهويين، من أجل تشخيص الوضعية العامة للموسم الزراعي الحالي.
وساهمت في ذلك الاجتماع المصارف ومؤسسات التأمين، حيث اتضح أن المساحة المشمولة بالتأمين، وصلت إلى 872 مليون هكتار، غير أن الوزارة أكدت أنه ينتظر أن ترتفع المساحة المشمولة بالتأمين إلى مليون هكتار، أي حوالي 33% من المساحة المزروعة.
وجرت خلال الاجتماع دراسة السيناريوهات المحتملة في حال تأخرت التساقطات أكثر، حيث ينتظر في حال تأكد سيناريو الجفاف، اتخاذ الحكومة تدابير من أجل مساعدة المزارعين، علما أنه سبق في مثل هذه الحالة رفع مستوى الدعم المالي، وحتى إعادة جدولة ديون صغار المزارعين.
وذهبت وزارة الفلاحة والصيد البحري، إلى أن الموسم الزراعي الحالي، الذي يشهد تأخر التساقطات المطرية منذ حوالي شهرين، نتج عنه عجز على مستوى تلك التساقطات في حدود 47%، قياسيا بالمستوى الذي تسجله في موسم عادي.
اقرأ أيضاً: المغرب يقترض 300 مليون دولار لزيادة النمو الأخضر
وكان معدل التساقطات المطرية في الموسم الماضي، وصل إلى 400 مليمتر، بارتفاع بنسبة 4%، مقارنة بالمستوى الذي يسجل في سنة عادية، غير أن الملاحظ أن التساقطات في الموسم الماضي، جاءت مرتفعة بنسبة 43%، قياسا بالموسم الذي قبله.
ولم تتعد نسبة ملء السدود الموجهة للاستعمالات الزراعية في المغرب إلى حدود منتصف ديسمبر الجاري 63%، غير أن وزارة الفلاحة والصيد البحري، تؤكد أن السدود التي توجد في المناطق التي تعتمد على السقي، تعرف نسب ملء مهمة، حيث تصل الموفورات المائية إلى 8.5 مليارات متر مكعب.
وبنت الحكومة توقعات مشروع موازنة العام المقبل على محصول حبوب متوسط في حدود 70 مليون قنطار، غير أن ذلك المحصول سيكون، فيما لو تحقق، دون المستوى الذي بلغه في العام الحالي، حين وصل إلى 115 مليون قنطار، وهو أعلى مستوى حصاد تسجله المملكة في تاريخها.
وكانت التساقطات المطرية التي عرفها المغرب في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أنعشت الأمل لدى المزارعين كي يبدأوا عملية الحرث بشكل مبكر، رغم عدم توزيع تلك الأمطار بشكل متساو بين جميع المناطق، غير أن انحباس المطر منذ أكثر من شهرين، جعل الكثيرين يمسكون عن الإقبال على الزرع.
وذهب أحد المهنيين في قطاع الحبوب، الذي فضل عدم ذكر اسمه، إلى أن نسبة الزرع لم تتعد 40% إلى الآن، فتأخر الأمطار دفع الكثير من المزارعين إلى انتظار أيام أفضل، وهم يكتفون في الأيام الأخيرة بمراقبة نشرات الأرصاد الجوية، علها تأتي بخبر سار يستأصل القلق الذي ينتابهم.
ولا تتعدى مساحة 85% من الأراضي الفلاحية في المغرب خمسة هكتارات، وهي تعود للمزارعين الصغار الذين يعولون على الأمطار، أما المزارعون الكبار، خاصة الذين يوجدون في المدارات السقوية، فلهم القدرة على تدبير مسألة الحرث والزرع، بالاعتماد على ما يتوفر لهم من مياه.
ويتراوح إنتاج الهكتار الواحد من الحبوب، حسب المواسم، بين 3 و30 قنطارا في المناطق التي تعول على الأمطار، بينما يتراوح بين 15و50 قنطارا في المناطق التي تعتمد على الري المنتظم.
اقرأ أيضاً:
أوروبا ترفض "عرقلة" سلع المغرب الزراعية
أوروبا ترفض "عرقلة" سلع المغرب الزراعية