تهيمن "الحرب التجارية" التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على أعمال قمة قادة دول "بريكس" (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) السنوية التي انطلقت اليوم الأربعاء في جوهانسبورغ، بمشاركة عدد كبير من رؤساء الدول، من بينهم رئيس تركيا رجب طيّب إردوغان وروسيا فلادمير بوتين والصين شي جين بينغ والبرازيل ميشال تامر وجنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، إضافة إلى رئيس وزراء الهند ناريندا مودي.
واعتبر الرئيس الصيني في افتتاح القمة أنه يجب رفض حرب تجارية عالمية لأنه لن يكون هناك أي فائز فيها، داعياً دول مجموعة بريكس إلى رفض النزعة الانفرادية في أعقاب تهديدات ترامب بفرض رسوم جمركية على واردات من شركاء تجاريين، مؤكداً "يجب أن نكون حازمين في رفض النزعة الانفرادية".
وتبحث القمة العاشرة للمجموعة "التعاون من أجل نمو شامل وازدهار الجميع"، والتنديد بـ"النزعة الحمائية" للولايات المتحدة التي "تقوض النمو العالمي".
وكان وزير الاقتصاد الروسي، مكسيم أوريشكين، قد ذكر الأسبوع الماضي، أن خصوصية قمة جوهانسبورغ هي "الظروف" التي تنعقد فيها، مضيفاً بحسب "فرانس برس" "نحن في فترة تعلن فيها الولايات المتحدة والصين كل أسبوع إجراءات جديدة. إنها حرب تجارية"، ولهذا فإن "المباحثات بين القادة بشأن التجارة مهمة بشكل خاص لتنسيق مواقفنا".
وأعلن ترامب في الأشهر الأخيرة الحرب على أبرز منافسيه التجاريين، وأولهم الصين والاتحاد الأوروبي وروسيا، معتبراً إياهم "خصوماً".
واليوم، دان ترامب الممارسات الصينية التجارية التي وصفها بأنها "خبيثة"، حيث كتب في تغريدة على "تويتر" إن "الصين تستهدف مزارعينا الذين يعرفون أنني أحبهم وأحترمهم، كوسيلة لاجباري على السماح لها بالاستمرار في الاستفادة من الولايات المتحدة. إنهم يتصرّفون بخبث في محاولة سيكون مصيرها الفشل. لقد تصرّفنا بلطف- حتى الآن! كسبت الصين 517 مليار دولار على حسابنا العام الماضي".
Twitter Post
|
وعلاوة على قادة المجموعة والرئيس التركي، يشارك في القمة أيضاً رؤساء أوغندا يوري موسيفيني وأنغولا جواو لورانسو ورواندا بول كاغامي.
وبعد فرض رسوم جمركية على ورادات الصلب والألمنيوم التي استهدفت الصين، تهدد الولايات المتحدة برفع قيمة الرسوم على واردات السيارات الأوروبية، وبمعاقبة الدول التي تتعامل تجارياً مع إيران، وبأن تفرض رسوماً عقابية على مجمل الواردات الصينية.
وفي المقابل، نددت بكين بمساعي واشنطن بالتسبب في اندلاع "أسوأ حرب تجارية في التاريخ"، وردّت بفرض رسوم على منتجات أميركية جديدة.
ووسط هذه الأجواء، دعت الصين إلى تعزيز التعاون بين دول "بريكس"، وقال رئيسها الثلاثاء خلال زيارة دولة لجنوب أفريقيا: "هذا العام ترتدي قمة جوهانسبورغ أهمية خاصة جداً بشأن التعاون بين دول بريكس، نظراً للظروف الجديدة".
وتسيطر مجموعة "بريكس" على أكثر من 20% من الاقتصاد العالمي، ويشكل سكان دولها 40% من إجمالي سكان العالم، وهي تُعقد تحت شعار "بريكس في أفريقيا: التعاون من أجل المشاركة في النمو الشامل وتقاسم الرخاء في الثورة الصناعية الرابعة".
وحذر صندوق النقد الدولي الأسبوع الماضي من أن النزاع التجاري بين الولايات المتحدة وشركائها يهدد "في الأمد القريب" النمو العالمي.
وبحسب "فرانس برس" أكد عميد مدرسة العلاقات الدولية بجيندا في الهند، سريرام شوليا، أن هذا النزاع يضر خصوصا بـ"كافة أعضاء بريكس" الذين بات من "مصلحتهم الجماعية أن يطوروا التجارة" بينهم.
ورأى الخبير الاقتصادي في جامعة ويتواسرند بجنوب أفريقيا، كينيث كريمر، أن "الاتفاقيات التجارية متعددة الأطراف في إطار تضامن دول مثل بلدان بريكس، باتت أكثر أهمية نظراً للحواجز التجارية الأنانية والقصيرة الأمد في نهاية المطاف، التي أقامتها الولايات المتحدة".
بدورها، ترى روسيا في هذه الحرب التجارية سبباً وجيهاً لتطوير التجارة باعتماد العملات الوطنية بين دول بريكس.
مشاركة أردوغان
ودُعيت أنقرة للمشاركة في القمة بوصفها رئيسة منظمة التعاون الإسلامي. ونقلت "الأناضول" عن سفيرة تركيا لدى بريتوريا، أليف غوم أوغلو أولكن، أن مشاركة بلادها في القمة تحمل أهمية خاصة على صعيد إجراء محادثات ثنائية مع قادة الدول الأعضاء في "بريكس"، وتطوير العلاقات الاقتصادية بين تركيا وجنوب أفريقيا.
ولفتت إلى أن العلاقات الدبلوماسية بين أنقرة وبريتوريا بدأت بالتطور خلال تسعينيات القرن الماضي، وأن حجم التجارة الثنائية بلغ 2.5 مليار دولار. وشددت على أن البلدين يمتلكان فرص تعاون متعددة الأوجه، كما أن تركيا تطمح للحصول على حصة أكبر بالاستثمارات في جنوب أفريقيا، لا سيما في مجالات التعدين والصلب.
ومن المنتظر أن يعقد أردوغان على هامش القمة، لقاءات ثنائية مع زعماء وقادة دول المجموعة، التي بلغت قيمة تبادلاتها التجارية مع تركيا، العام الماضي، 60.7 مليار دولار.