قال الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إنه يريد بناء عشرات السفن الحربية الجديدة في واحدة من أكبر خطوات زيادة حجم البحرية الأميركية في وقت السلم، غير أن مقابلات مع شركات بناء السفن واتحادات عمالية ومراجعة لوثائق عامة وداخلية تظهر أن هذه الخطة تواجه عقبات كبرى.
وتبين المقابلات والوثائق أن تكلفة هذه المبادرة قد تبلغ قرابة 700 مليار دولار من الأموال العامة ويستغرق اكتمالها 30 عاما وتستلزم توظيف عشرات الآلاف من العمال المهرة وتدريبهم.
كان ترامب قد تعهد بزيادة كبيرة في حجم الجيش الأميركي لإبراز القوة الأميركية في وجه الصين وروسيا بما في ذلك زيادة عدد سفن البحرية من 275 سفينة حربية اليوم إلى 350 سفينة، ولم يذكر تفاصيل أو جدولا زمنيا لزيادة حجم الأسطول.
وأعلن الأميرال بيل موران نائب رئيس العمليات البحرية المشرف على أنشطة بناء السفن في البحرية لوكالة "رويترز" أن البحرية قدمت لوزير الدفاع جيم ماتيس تقريرا تستكشف فيه كيف يمكن للقاعدة الصناعية في البلاد أن تدعم بناء السفن، وامتنع عن ذكر مزيد من التفاصيل.
ويواجه التنفيذ مشكلتين كبيرتين الأولى تتمثل في عدم كفاية العمال المهرة في السوق من فنيين في الكهرباء واللحام وأن أحواض بناء السفن ومورديها بمن فيهم منتجو الوقود النووي سيواجهون مصاعب على مدى سنوات لزيادة أنتاجهم بعد أن ظل الإنتاج عند مستويات متدنية قياسية لسنوات.
وحسب عاملين في قطاع بناء السفن فإنه من المؤكد أن تكون العقبة الأولى والكبرى أمام ترامب هي إقناع الكونغرس بإيجاد التمويل اللازم، وامتنع البيت الأبيض عن التعقيب.
وقالت متحدثة باسم البحرية إن أي زيادات بخلاف خطة بناء السفن الحالية ستستلزم "وقتا كافيا" لتهيئة الشركات لزيادة قدراتها الإنتاجية.
وأكدت شركتا جنرال دايناميكس وهانتنغتون إنجولز اندستريز أكبر شركتين لبناء السفن في الولايات المتحدة للوكالة أنهما تعتزمان توظيف 6000 عامل في 2017 لتلبية الطلبات الحالية مثل الغواصة حاملة الصواريخ الباليستية من طراز كولومبيا.
وتقول الشركات إنها تحرص على العمل مع ترامب في بناء أسطول بحري أكبر لكن المسؤولين يقولون إن ذلك صعب إلى أن تتلقى الشركات طلبيات جديدة.
وقال برايان كلارك الذي قاد التخطيط الاستراتيجي للبحرية أثناء عمله مساعدا خاصا لقائد العمليات البحرية حتى 2013 إن الشركات ستواجه تحديا هائلا في زيادة عدد العاملين لديها بسرعة إذا ما طرأت طفرة على أنشطة بناء السفن وذلك لأنها لن تستعين بعمالة إضافية مقدما.
ويقول نقابيون ومسؤولون في شركات بناء السفن إن إيجاد عمالة ماهرة للأشغال المطلوبة الآن يمثل تحديا.
وقال داني هندريكس مدير الأعمال بنقابة تمثل 6500 من عمال الصناعات المعدنية في 42 ولاية إن الطلب على لحامي الأنابيب قوي لدرجة أن دخل بعضهم يصل إلى 300 ألف دولار سنويا بما في ذلك مقابل الوقت الإضافي والبدلات.
وأكد جيمي هارت رئيس قسم الأعمال المعدنية بنقابة ايه.إف.إل-سي.آي.أو التي تمثل 100 ألف عامل في مجالات المراجل والآلات وعمال تركيب الأنابيب وغيرها أن جانبا كبيرا من الأعمال في أحواض بناء الغواصات يتطلب تصريحا أمنيا لا يمكن لكثيرين الحصول عليه.
وللمساعدة في إعداد قوة عمل أكبر من الصفر عقدت شركة الكتريك بوت التابعة لجنرال دايناميكس شراكة مع سبعة من المدارس الثانوية والفنية في كونيكتيكت ورود ايلاند لتطوير المنهج الدراسي وذلك لتخريج الجيل الجديد من اللحامين والمهندسين.
وأعلنت مورا دن نائب رئيس الموارد البشرية في الكتريك بوت "تشير الخبرة السابقة إلى أن إعداد عامل كفء في مجال بناء السفن يستغرق خمس سنوات".
وقال ويل لينون نائب رئيس حوض السفن الذي يتولى تنفيذ برنامج الغواصات من طراز كولومبيا إن تدريب العامل الماهر بما يكفي لأداء أعقد أنواع اللحام وهو اللحام الهيكلي بالأشعة في الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية يستغرق ما يصل إلى سبع سنوات.
وأكد مجلس أميركا لشركات بناء السفن الذي يمثل شركات بناء السفن وإصلاحها ومورديها للوكالة أن الأسطول الذي يتصوره ترامب قد يخلق أكثر من 50 ألف فرصة عمل.
وتظهر إحصاءات وزارة العمل أن عدد العاملين في صناعة بناء السفن وإصلاحها بالولايات المتحدة كان يبلغ قرابة 100 ألف في عام 2016.
وفي ذروة الحرب الباردة في أوائل الثمانينيات بلغ عدد العاملين في القطاع 176 ألفا إذ كانت الولايات المتحدة تسعى لبناء أسطول من نحو 600 سفينة حربية بنهاية ذلك العقد.
وقال مكتب الميزانية التابع للكونغرس في تقرير في فبراير/شباط إن زيادة حجم الأسطول إلى 350 سفينة ليس بسهولة إضافة 75 سفينة جديدة، إذ إن الكثير من السفن في الأسطول الحالي سيحتاج لإبداله وهو ما يعني أن البحرية ستضطر لشراء 321 سفينة من الآن وحتى عام 2047.
وكانت الأحواض التي تصنع الغواصات النووية تنتج مجتمعة ما يصل إلى سبع غواصات سنويا في أوائل الثمانينيات، لكنها لم تنتج أكثر من غواصتين سنويا منذ أكثر من عشر سنوات.
وفي أول مقترح للميزانية قدمه ترامب للكونغرس يوم الخميس اقترح زيادة الإنفاق الدفاعي بمقدار 54 مليار دولار للسنة المالية 2018 بزيادة 10% عن العام الماضي.
كما طلب 30 مليار دولار ميزانية إضافية لوزارة الدفاع للعام 2017 يخصص منها 433 مليون دولار على الأقل لبناء السفن الحربية.
وأكد السناتور جون مكين رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الذي سيكون له دور كبير في الموافقة على ميزانية الدفاع في بيان أنه يؤيد رؤية ترامب الخاصة بزيادة حجم البحرية لردع خصوم بلاده، لكنه أضاف "هذا ليس شيكا على بياض".
(رويترز)