قال تجار من دمشق إن الأسواق شهدت ارتفاعا في سعر اللحوم الحمراء بشكل يفوق قدرة السوريين الشرائية، إثر استمرار تهريب الأغنام الحية والمذبوحة إلى لبنان عبر سيارات "الشبيحة"، وتناقص العرض بأسواق العاصمة بسبب الأحداث الأمنية والمعارك التي تحول دون وصول الأغنام للعاصمة، حتى من الريف القريب.
وحسب تجار، رفضوا الكشف عن هويتهم، فإن عمليات الاستيراد باتت محصورة بعدد محدد يستغل حاجة السوريين وقلة العرض بالأسواق، مشيرين إلى وجود لحوم رخيصة "لونها يميل للزرقة، وتباع مفرومة بالأسواق الشعبية وسوق اللحوم بمنطقة المرجة".
وكان عضو جمعية حماية المستهلك، محمد بسام درويش، قد أكد أن "تهريب الأغنام إلى لبنان لا يزال مستمراً على قدم وساق إلى هذه اللحظة".
وقال درويش: "الطامة الكبرى" حاليا هي تهريب اللحم المجروم "مشفي بدون عظم" إلى لبنان وذلك عبر بعض السيارات.
ولفت عضو جمعية حماية المستهلك، خلال تصريحات صحافية أمس، إلى أنه رغم تهريب هذه الثروة إلى لبنان فإنه بالمقابل يتم إدخال لحوم مهربة منتهية الصلاحية إلى سورية وبيعها في الأسواق، مشيرا إلى أن أسعار اللحوم لا تزال مرتفعة مقابل وجود لحوم مفرومة مسبقة حيث يباع الكيلو ما بين 800 إلى 1000 ليرة، وهي معروضة ضمن البرادات في واجهات محلات اللحوم؛ وهذا مخالف للتعليمات التنفيذية حيث يمنع وجود أكثر من 2 كيلو غرام مفروم في المحل.
وقالت مصادر خاصة في وزارة الزراعة السورية، إن وزارة الاقتصاد قلصت من موافقات تصدير الأغنام، بعد أن وافقت لتجار محددين على تصدير ستة آلاف رأس من ذكور الأغنام وذكور الماعز الجبلي إلى دول الخليج العربي.
بدوره شرح تاجر الأغنام، حسن محمد، عبر تصريح لـ"العربي الجديد" كيف تتم عمليات التهريب قائلاً: هناك طريقان لتهريب الأغنام، الأول عبر المناطق المحررة أو التي يسيطر عليها تنظيم "داعش" لتهريب الأغنام إلى العراق أو تركيا، عبر دير الزور أو منبج شمالي سورية، وهي مكلفة نتيجة كثرة الحواجز وبعد المسافة.
والطريق الآخر، حسب التاجر، يتم عبر لبنان بالتواطؤ مع حواجز نظام الأسد، في منطقة جديدة يابوس الحدودية، وهي أقل كلفة وأكثر رواجاً بسبب تفشي الرشى وتسهيل التهريب من حواجز النظام .
وأكد محمد أن ارتفاع أسعار المواد العلفية، فكيلو غرام الشعير ارتفع من 70 إلى 106 ليرات وكيلو الكسبة من 80 إلى 200 ليرة خلال شهر، وتردد المربين بالبيع نتيجة موسم الأمطار وتوفر المراعي الطبيعية، أدت مجتمعة لرفع أسعار اللحوم بسورية، مشيراً إلى أن كيلو اللحم حي "على الميزان " 1500 ليرة ما يعني بيعه مفروماً بأكثر من 4000 ليرة، وإلا سيخسر اللحامون "الجزارون".
واتهم رئيس لجنة مصدّري الأغنام في سورية، معتز السواح، وزارة الاقتصاد بتعقيد عمليات تصدير الأغنام وحصرها بأشخاص محددين ما دفع التجار لمواصلة تهريب الأغنام لدول الجوار، رغم أن كلفة تهريب رأس الغنم تبلغ 40 دولارا.
وأضاف السواح، أن قلة العرض بسبب توفر المراعي هذه الفترة وتأجيل البيع، أضيف لعامل التهريب، ما أدى إلى ارتفاع غير مسبوق لأسعار اللحوم، وصل إلى 1500 ليرة لكيلو الغنم الحي.
وكان قطاع الثروة الحيوانية في دمشق وريفها قد تعرض لخسائر تقدر بنحو 20 مليار ليرة خلال الثورة، إضافة إلى 8 مليارات ليرة لقطاع الثروة النباتية، وفق تصريح سابق لمدير زراعة دمشق وريفها علي سعادات.
وقال سعادات خلال تصريحات صحافية: تتمثل الخسائر بالعائد الاقتصادي للدولة وخسائر في النقص الحاصل على إعداد قطيع الأغنام والأبقار والماعز، حيث خسر القطاع الحيواني أكثر من 60% من إنتاجه وما يقدمه من عائد اقتصادي، مبيناً خسائر قطاع الثروة النباتية نتيجة خروج مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية ورفع تكاليف شراء مواد الأسمدة والعلف مقارنة مع السنوات السابقة.
وبحسب بيانات رسمية، صدرت حكومة بشار الأسد 32 ألف رأس غنم عام 2015، عدا أضعاف الرقم تم تهريبه بحسب مراقبين، لتخسر سورية منذ عام 2010، أكثر من نصف ثروتها الحيوانية، حيث قدرت وزارة الزراعة عدد رؤوس الأغنام بنحو 22 مليون رأس، انخفض نتيجة هروب المربين وغلاء الأعلاف والتهريب، ليصل إلى أقل من 12 مليون رأس غنم العام الفائت.