وتقول اليابان، التي ترأس قمة مجموعة العشرين هذا العام، إن اجتماع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية، الذي بدأ اليوم السبت ويستمر يومين، في مدينة فوكوكا بجنوب اليابان، لن يسعى إلى التوسط بغية تهدئة التوترات التجارية الثنائية.
لكن الآثار السلبية المتصاعدة للحرب التجارية ستجعل من الصعب على وزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية في مجموعة العشرين تجنب القضية، وفق رويترز.
وقال مسؤول كبير في وزارة الخزانة الأميركية إن التجارة ستكون من الموضوعات التي سيتناولها الاجتماع، في إطار كل من كيفية تأثيرها على الاقتصاد العالمي وكيفية "خفض بعض الممارسات التجارية غير العادلة التي قد تكون موجودة".
وقد يزيد التوتر بشأن التجارة التحديات أمام زعماء مالية مجموعة العشرين للسعي إلى أرضية مشتركة بشأن كيفية صياغة القضية في البيان الختامي المتوقع أن يصدر عقب الاجتماع.
وقال المسؤول الأميركي للصحافيين، الأسبوع الماضي: "أتوقع أن نجري بعض المحادثات المهمة بشأن التجارة وقضايا أخرى. وأتوقع أن نصدر بيانا ختاميا على الأرجح، لكن لا أحد يعلم ذلك يقينا".
وسيلتقي وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين بمحافظ بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) يي قانغ في فوكوكا، على هامش اجتماع مجموعة العشرين. وسيجري منوتشين محادثات أيضا مع وزير المالية الياباني تارو آسو.
وتصاعدت التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، منذ مايو/أيار الماضي. وبدأت الولايات المتحدة في تحصيل رسوم جمركية تبلغ 25% على سلع صينية كثيرة وصلت إلى الموانئ الأميركية، بحلول يونيو/حزيران الجاري، في إطار تضييقات على سلع بقيمة 200 مليار دولار سنوياً، لترد الصين ببدء تحصيل رسوم أعلى أيضاً على معظم السلع الواردة في قائمة مستهدفة، تشمل بضائع أميركية قيمتها 60 مليار دولار.
ولم تعد المواجهة بين الولايات المتحدة والصين مقتصرة على الجبهة التجارية، وإنما تمتد إلى العمق لتطاول ركائز الاقتصاد في أكبر اقتصادين في العالم، ما ينذر بإطالة أمد الصراع، الذي لن يكون سهلاً في ظل الصمود الذي تبديه بكين في مواجهة الضغوط المتزايدة من قبل إدارة ترامب.
وصعّدت الصين لهجتها في حربها التجارية، محملة واشنطن مسؤولية فشل المفاوضات، بدون أن تشير إلى أي مخرج من الأزمة في وقت قريب.
ووسعت بكين من دائرة المواجهة لتشمل بجانب فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على سلع أميركية بقيمة 60 مليار دولار، وضع "لائحة سوداء" لشركات أجنبية، والتهديد بحظر تصدير المعادن النادرة.
وقال ترامب، يوم الخميس الماضي، إنه سيلتقي بالرئيس شي جين بينغ، في قمة زعماء مجموعة العشرين المقررة في 28 و29 يونيو/حزيران الجاري، وسيقرر بعد ذلك ما إذا كان سيفرض رسوماً أخرى على بكين.
وبينما لا تزال قطاعات كثيرة من الاقتصاد العالمي تتعافى من الأزمة المالية العالمية قبل عشر سنوات، فإن التركيز يتحول إلى حجم الاحتياطيات النقدية التي خلّفتها البنوك المركزية للتراجع التالي.
وألمح صنّاع السياسة في مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) إلى أنهم سيكونون مستعدين لخفض أسعار الفائدة وفتح البنك المركزي الأوروبي، يوم الخميس الماضي، الباب أمام مزيد من الحوافز إذا لزم الأمر.
وكان صندوق النقد الدولي قد حذّر، الأربعاء الماضي، من أن الرسوم التي تبادلت الولايات المتحدة والصين فرضها وتلك التي تهددان بفرضها، قد تقلص الناتج الاقتصادي العالمي 0.5 بالمائة في 2020.
وأبلغت مديرة الصندوق كريستين لاجارد، رويترز، بأنه لا يوجد تهديد وشيك من ركود عالمي، لكن التهديد بفرض مثل هذه الرسوم والحروب التجارية "جروح ذاتية" لابد من تفاديها.
ويتزايد القلق عالميا من اتساع نطاق الحرب التجارية وتعدد جبهاتها. وصعّد ترامب هجومه على المكسيك، حيث قرر، نهاية مايو/أيار الماضي "فرض رسوم جمركية نسبتها 5 بالمائة على كل البضائع الآتية من المكسيك، اعتباراً من 10 يونيو/حزيران"، لكن الجانبين توصلا إلى اتفاق، يوم الجمعة الماضي، يحول دون نشوب حرب تجارية بين البلدين.
وذكر الإعلان الأميركي المكسيكي المشترك الذي صدر في واشنطن، أن المكسيك وافقت على استقبال مزيد من المهاجرين الذين يطلبون اللجوء السياسي في الولايات المتحدة، بينما ينتظرون صدور حكم قضائي بشأن حالاتهم، ووافقت كذلك على زيادة القيود على الهجرة غير الشرعية، ومنها نشر الحرس الوطني على حدودها الجنوبية.
وبينما يعتمد الاقتصاد المكسيكي بدرجة كبيرة على الصادرات إلى الولايات المتحدة، وسط توقعات بأنه كان سيتلقى ضربة قوية إذا تم فرض الرسوم الجمركية الأميركية الإضافية، فإن الولايات المتحدة كانت ستتضرر أيضا، لاسيما أن المكسيك قد أعدت قائمة برسوم جمركية محتملة للرد على العقوبات الأميركية تستهدف منتجات من ولايات زراعية وصناعية تعتبر قاعدة ترامب الانتخابية، وهو أسلوب تستخدمه الصين بهدف التأثير على محاولة الرئيس الأميركي الترشح لفترة جديدة عام 2020.
كانت التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين قد خيّمت على قمة العشرين التي عقدت في بوينس آيرس بالأرجنتين نهاية العام الماضي 2018، الأمر الذي انعكس على البيان الختامي للقمة.