العيد بالأساس مناسبة للاحتفال. الأعياد حول العالم هي مناسبات سعيدة، ينتظرها الأطفال تحديداً للفرح.
وكما للعرب خصوصية في كل مناحي حياتهم، في الحكم والتفكير والتعبير، فإن لهم خصوصية في استقبال العيد والتعاطي معه.
حل عيد الأضحى المبارك وأطفال دول عربية في أحزان متواصلة، بعضهم بات يتيم الأب أو الأم أو كليهما، وبعضهم بات بلا مأوى أو بلا مصدر دخل، وبعضهم بات نازحاً أو لاجئاً. عيد أطفال فلسطين والصومال والعراق وسورية وليبيا واليمن ليس كعيد الآخرين، واهتمام العالم بمعاناة هؤلاء الأطفال لا يقارن باهتمامه بأقرانهم في بلدان أخرى.
أطفال دول عربية أخرى يعانون ويعاني ذووهم لتحصيل قدر محدود من الفرح. فالاقتصاد في تلك الدول متدنٍ أو مرتبك، والمعايش ضيقة أو معدومة، والحكومات فاسدة أو فاشلة، والقوانين قاصرة أو غائبة، ومفهوم العيد يقتصر على رداء جديد أو حتى وجبة طبيعية.
يتعامل البعض مع الأعياد باعتبارها مناسبة لتذكّر المحرومين ودعمهم أو التصدّق عليهم، لكن فعل ذلك في العيد وحده لا يكفي أبداً لسد حاجات هؤلاء، ولا يمكن تعويضهم بالصدقات في المناسبات فقط عن حرمان يمتد على مدار العام.
ويظن المتصدّقون بفائض أموالهم، أن ما يفعلونه كافٍ ليمنح المحتاجين حقهم، أو يوفر لهم فرحاً أو شعوراً بالعيد، دون أدنى تفكير في توفير مصدر دخل أو دعم دائم للمعوزين، أو بالأحرى وقف أسباب حاجتهم أو فقرهم أو بؤسهم، بما يعني إنهاء معاناتهم.
يتزامن عيد الأضحى مع شعيرة الحج، وللحج شرط هو الاستطاعة، وبينما كل العلماء يفسرون الاستطاعة بأنها القدرة البدنية والمالية، إلا أن كثيرين يتجاهلون الاستطاعة البدنية، بينما يفترض في الحاج القدرة على أداء الشعائر.
كثير من حجاج العرب من كبار السن الذين لا تتوفر فيهم الاستطاعة البدنية، وكل عام يموت المئات أثناء الحج بسبب عدم الانصياع للأمر الإلهي الخاص بالاستطاعة، لكن الأكثر عجباً أن كثيرين من العرب يرون وفاة الحجاج نعمة بزعم أن هؤلاء ماتوا في "أيام مفترجة" وفي أرض مقدسة، حتى أن بعضهم ينظر إلى الحجاج الأموات بنوع من الغيرة.
ويتزامن العيد مع مأساة لجوء عربي واسعة في كثير من بلدان العالم، وغرق آلاف اللاجئين أو مقتلهم في طريق الهرب من أتون الحرب الأهلية أو التدخلات الخارجية أو قمع الحكام.
وبينما بعض العرب ينفقون أموالهم ببذخ في عواصم ومدن أوروبية على الملذات والمتع، فإن عرباً آخرين لا يملكون من متاع الدنيا شيئاً يموتون خلال محاولات الوصول إلى حدود تلك الدول نفسها، في مفارقة عجيبة لا تخلو أبداً من الدلالات الحزينة.
اقرأ أيضاً: فلسطين والعرب