تتباين مواقف المغاربة من قانون التجنيد الإجباري الذي ينتظر المرور في البرلمان الشهر المقبل، ليجري تفعيله رسمياً، ما بين مؤيدين يعتبرونه أداة لحماية الوطن، ورافضين بسبب مبدأ الإجبارية وعدم استشارة الشباب والشكوك في المآرب
ينص القانون رقم 44.18 المتعلق بالخدمة العسكرية في المغرب، والذي وافق عليه المجلس الوزاري برئاسة الملك محمد السادس، وينتظر المرور عبر البرلمان في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، على أنّ مدة الخدمة العسكرية الإجبارية 12 شهراً، ويطالَب الشباب من الجنسين، ما بين 19 و25 عاماً، بتأديتها. بالتوازي، سُنّت عقوبات زجرية لرافضي التجنيد، باستثناء المعيلين والطلاب والأشخاص ذوي الإعاقة.
وتشمل العقوبات ضد الرافضين، السجن والغرامة، إذ تنص المادة 15 من القانون على أنّ "الأشخاص الخاضعين للخدمة العسكرية، الذين تستدعيهم السلطة المختصة بهدف تسجيلهم أو اختيارهم مسبقاً، ويمتنعون عن المثول أمام تلك السلطة، من دون سبب وجيه، يعاقبون بالسجن من شهر إلى ثلاثة أشهر وغرامة من 2000 إلى 5000 درهم مغربي (213 إلى 533 دولاراً أميركياً)".
جاء القانون الذي أثار جدالاً كبيراً في المغرب ليضع قرار إجبارية التجنيد العسكري لفئة الشباب في مسارات محددة تسوّغ هذه الخدمة، أولها واجب الدفاع عن الوطن في جميع الظروف بصورة فعالة، فضلاً عن تعزيز روح الامتثال ومزايا الإخلاص والإيثار والتضحية في سبيل القضايا التي تتجاوز المصالح الفردية إلى المصالح العليا للأمة.
اقــرأ أيضاً
يقول نوفل البركاني (24 عاماً)، الذي حصل على الثانوية العامة وما زال من دون عمل، لـ"العربي الجديد"، إنّه يؤيد الانخراط في التجنيد العسكري سواء أكان إجبارياً أم اختيارياً، معيداً ذلك إلى أسباب عدّة، أوّلها أنّه سيخرج بشكل ما من بطالته التي استمرت بضع سنوات بعد نيله البكالوريا. ثاني الأسباب أنّ "التجنيد يميز بين من يحب وطنه فعلاً ومن يزعم حبّ البلاد بالشعارات الجوفاء الطنانة"، مضيفاً أنّ البلاد منحت الكثير للشباب، خصوصاً في التعليم، لكن إن لم يحصل الشاب على فرصة عمل لا يجب أن يدفعه ذلك إلى نكران أفضال الوطن.
ويشير إلى سبب ثالث هو "الدفاع عن الوطن ضد خصوم الوحدة الترابية الذين يتربصون باستقرار البلاد"، لافتاً إلى أنّه سيكون سعيداً إذا ما أصبح واحداً من حماة الوطن والمدافعين عنه "خصوصاً في خضم مناورات الأعداء الذين يريدون فصل الصحراء المغربية عن سيادة المملكة".
من جهتها، تقول لمياء (21 عاماً)، لـ"العربي الجديد"، إنّ قانون التجنيد كونه يشمل الإناث، يجعلها على أهبة الاستعداد للتدريب العسكري مع غيرها من الفتيات من دون أيّ تأخر. تضيف أنّ "التجنيد سيجعل من شباب اليوم أكثر اهتماماً بالقضايا الوطنية من اهتمامه بالمغنين ولاعبي الكرة وغيرهم".
في الجهة المقابلة، هناك رافضون أو متحفظون لأسباب عدّة، منها ما كشفت عنه مجموعة تضمهم على موقع "فيسبوك" باسم "التجمع المغربي ضد الخدمة العسكرية الإجبارية"، فضلاً عن جمعيات حقوقية وشبابية من قبيل "المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات" و"شبيبة حزب النهج" و"المرصد المغربي لحقوق الإنسان". يبرر هؤلاء رفضهم التجنيد العسكري الإجباري بأنّه لم يكن وارداً في أيّ برنامج انتخابي، ولا في البيان الوزاري الذي صوت لصالحه البرلمان، علاوة على غياب أي حوار أو نقاش مع الفئة المستهدفة، على الرغم ممّا ينص عليه دستور المملكة في فصله الأول، من تشديد على الديمقراطية التشاركية كقوام للنظام السياسي في البلاد.
تجمع الرافضين يرى أنّ "الأولوية لدى الشباب هي التمكن من الحصول على التعليم والصحة والثقافة والوظائف، وفق ما ينص عليه الدستور" وأنّ "الخدمة العسكرية لا يمكن في أيّ حال من الأحوال أن تحسّن من أوضاع الشباب في ما يخص هذه الأمور، بل تبقى مجرد حلّ ترقيعي يفضح عجز الدولة عن حلّ المشاكل الأساسية". ولتقديم صورة أوضح حول دوافع رفض الخدمة العسكرية الإجبارية، يشير التجمع إلى أنّ تشغيل عشرة آلاف شخص كلّ عام في إطار الخدمة العسكرية سيكلف الدولة أكثر من 300 مليون درهم (32 مليون دولار) سنوياً، وهو ما يعني إمكانية تمويل فتح 20 مدرسة لـ12 ألف تلميذ سنوياً أو بناء خمسة مستشفيات كلّ عام، بهذه المبالغ.
يقول الناشط الشاب فؤاد حرموط لـ"العربي الجديد"، إنّ "إرغام الشباب على أداء الخدمة العسكرية يتناقض مع الحرية التي من المفترض أن يمتلكوها في القبول أو الرفض"، مشيراً إلى أنّ الخدمة الإجبارية قد تؤدي إلى تخوين الرافضين لها باتهامهم بعدم الرغبة في حماية الوطن "بينما حبّ البلاد لا يتعلق بمدى قبول أو رفض أداء الخدمة العسكرية". يتابع حرموط أنّ "الشاب المغربي يحتاج حالياً إلى فرصة عمل كريمة، وإلى مدرسة تضمن تكافؤ الفرص، وإلى بنية تحتية تكفل التطبيب والعلاج بشكل متساو بين جميع الطبقات"، مشدداً على أنّ "لا مشكلة لديّ مع التجنيد العسكري الإجباري بذاته، لكن هناك أولويات اجتماعية لفئات الشباب تتطلب الالتفات إليها قبل أيّ شيء آخر".
ولفهم خلفيات انقسام الشارع المغربي بشكل لافت حيال التجنيد العسكري الإجباري، يرى الباحث الاجتماعي كريم عايش، في حديثه إلى "العربي الجديد"، أنّ "اختلاف وجهات النظر يكمن في إيمان الشباب والشارع المغربي بشكل عام، بضرورة توفير فرص التطوير الذاتي والوظائف بدلاً من فرض مسارات وظيفية تبتعد كثيراً عن مكتسبات الشباب المعرفية".
يستطرد عايش أنّ "الشباب الذين يرفضون التجنيد الإجباري لا يقلّون وطنية عن غيرهم، فهم ينظرون إلى الوطنية كحجة تطبق عليهم لفرض التجنيد، بينما كبار المسؤولين وأغنياء البلاد غالباً ما ينفلتون من بين ثقوب غربال التجنيد الإجباري ويتجنبونه بوسائل مختلفة". ويشير إلى أنّ "التجنيد إجباري على الفقراء وأبناء الطبقة المتوسطة من العاطلين من العمل سواء من ذوي الكفاءات أم لا، لكنّه عملياً ليس إجبارياً على الأغنياء". يتابع عايش أنّ هذا "ما يجعل موضوع التجنيد مرتبطاً أساساً بمفهوم العيش الكريم والرفاهية الاجتماعية وما تتطلبه الحياة من مستلزمات أساسية"، مشدداً على أنّ "البعد الاجتماعي أكثر حضوراً وثقلاً في مسألة التوافق الشعبي حول التجنيد من البعد الوطني الذي يعدّ من مسلّمات الارتباط بالوطن والذود عنه حين يتعلق الأمر بالأخطار المحدقة".
ينص القانون رقم 44.18 المتعلق بالخدمة العسكرية في المغرب، والذي وافق عليه المجلس الوزاري برئاسة الملك محمد السادس، وينتظر المرور عبر البرلمان في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، على أنّ مدة الخدمة العسكرية الإجبارية 12 شهراً، ويطالَب الشباب من الجنسين، ما بين 19 و25 عاماً، بتأديتها. بالتوازي، سُنّت عقوبات زجرية لرافضي التجنيد، باستثناء المعيلين والطلاب والأشخاص ذوي الإعاقة.
وتشمل العقوبات ضد الرافضين، السجن والغرامة، إذ تنص المادة 15 من القانون على أنّ "الأشخاص الخاضعين للخدمة العسكرية، الذين تستدعيهم السلطة المختصة بهدف تسجيلهم أو اختيارهم مسبقاً، ويمتنعون عن المثول أمام تلك السلطة، من دون سبب وجيه، يعاقبون بالسجن من شهر إلى ثلاثة أشهر وغرامة من 2000 إلى 5000 درهم مغربي (213 إلى 533 دولاراً أميركياً)".
جاء القانون الذي أثار جدالاً كبيراً في المغرب ليضع قرار إجبارية التجنيد العسكري لفئة الشباب في مسارات محددة تسوّغ هذه الخدمة، أولها واجب الدفاع عن الوطن في جميع الظروف بصورة فعالة، فضلاً عن تعزيز روح الامتثال ومزايا الإخلاص والإيثار والتضحية في سبيل القضايا التي تتجاوز المصالح الفردية إلى المصالح العليا للأمة.
يقول نوفل البركاني (24 عاماً)، الذي حصل على الثانوية العامة وما زال من دون عمل، لـ"العربي الجديد"، إنّه يؤيد الانخراط في التجنيد العسكري سواء أكان إجبارياً أم اختيارياً، معيداً ذلك إلى أسباب عدّة، أوّلها أنّه سيخرج بشكل ما من بطالته التي استمرت بضع سنوات بعد نيله البكالوريا. ثاني الأسباب أنّ "التجنيد يميز بين من يحب وطنه فعلاً ومن يزعم حبّ البلاد بالشعارات الجوفاء الطنانة"، مضيفاً أنّ البلاد منحت الكثير للشباب، خصوصاً في التعليم، لكن إن لم يحصل الشاب على فرصة عمل لا يجب أن يدفعه ذلك إلى نكران أفضال الوطن.
ويشير إلى سبب ثالث هو "الدفاع عن الوطن ضد خصوم الوحدة الترابية الذين يتربصون باستقرار البلاد"، لافتاً إلى أنّه سيكون سعيداً إذا ما أصبح واحداً من حماة الوطن والمدافعين عنه "خصوصاً في خضم مناورات الأعداء الذين يريدون فصل الصحراء المغربية عن سيادة المملكة".
من جهتها، تقول لمياء (21 عاماً)، لـ"العربي الجديد"، إنّ قانون التجنيد كونه يشمل الإناث، يجعلها على أهبة الاستعداد للتدريب العسكري مع غيرها من الفتيات من دون أيّ تأخر. تضيف أنّ "التجنيد سيجعل من شباب اليوم أكثر اهتماماً بالقضايا الوطنية من اهتمامه بالمغنين ولاعبي الكرة وغيرهم".
في الجهة المقابلة، هناك رافضون أو متحفظون لأسباب عدّة، منها ما كشفت عنه مجموعة تضمهم على موقع "فيسبوك" باسم "التجمع المغربي ضد الخدمة العسكرية الإجبارية"، فضلاً عن جمعيات حقوقية وشبابية من قبيل "المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات" و"شبيبة حزب النهج" و"المرصد المغربي لحقوق الإنسان". يبرر هؤلاء رفضهم التجنيد العسكري الإجباري بأنّه لم يكن وارداً في أيّ برنامج انتخابي، ولا في البيان الوزاري الذي صوت لصالحه البرلمان، علاوة على غياب أي حوار أو نقاش مع الفئة المستهدفة، على الرغم ممّا ينص عليه دستور المملكة في فصله الأول، من تشديد على الديمقراطية التشاركية كقوام للنظام السياسي في البلاد.
تجمع الرافضين يرى أنّ "الأولوية لدى الشباب هي التمكن من الحصول على التعليم والصحة والثقافة والوظائف، وفق ما ينص عليه الدستور" وأنّ "الخدمة العسكرية لا يمكن في أيّ حال من الأحوال أن تحسّن من أوضاع الشباب في ما يخص هذه الأمور، بل تبقى مجرد حلّ ترقيعي يفضح عجز الدولة عن حلّ المشاكل الأساسية". ولتقديم صورة أوضح حول دوافع رفض الخدمة العسكرية الإجبارية، يشير التجمع إلى أنّ تشغيل عشرة آلاف شخص كلّ عام في إطار الخدمة العسكرية سيكلف الدولة أكثر من 300 مليون درهم (32 مليون دولار) سنوياً، وهو ما يعني إمكانية تمويل فتح 20 مدرسة لـ12 ألف تلميذ سنوياً أو بناء خمسة مستشفيات كلّ عام، بهذه المبالغ.
يقول الناشط الشاب فؤاد حرموط لـ"العربي الجديد"، إنّ "إرغام الشباب على أداء الخدمة العسكرية يتناقض مع الحرية التي من المفترض أن يمتلكوها في القبول أو الرفض"، مشيراً إلى أنّ الخدمة الإجبارية قد تؤدي إلى تخوين الرافضين لها باتهامهم بعدم الرغبة في حماية الوطن "بينما حبّ البلاد لا يتعلق بمدى قبول أو رفض أداء الخدمة العسكرية". يتابع حرموط أنّ "الشاب المغربي يحتاج حالياً إلى فرصة عمل كريمة، وإلى مدرسة تضمن تكافؤ الفرص، وإلى بنية تحتية تكفل التطبيب والعلاج بشكل متساو بين جميع الطبقات"، مشدداً على أنّ "لا مشكلة لديّ مع التجنيد العسكري الإجباري بذاته، لكن هناك أولويات اجتماعية لفئات الشباب تتطلب الالتفات إليها قبل أيّ شيء آخر".
ولفهم خلفيات انقسام الشارع المغربي بشكل لافت حيال التجنيد العسكري الإجباري، يرى الباحث الاجتماعي كريم عايش، في حديثه إلى "العربي الجديد"، أنّ "اختلاف وجهات النظر يكمن في إيمان الشباب والشارع المغربي بشكل عام، بضرورة توفير فرص التطوير الذاتي والوظائف بدلاً من فرض مسارات وظيفية تبتعد كثيراً عن مكتسبات الشباب المعرفية".
يستطرد عايش أنّ "الشباب الذين يرفضون التجنيد الإجباري لا يقلّون وطنية عن غيرهم، فهم ينظرون إلى الوطنية كحجة تطبق عليهم لفرض التجنيد، بينما كبار المسؤولين وأغنياء البلاد غالباً ما ينفلتون من بين ثقوب غربال التجنيد الإجباري ويتجنبونه بوسائل مختلفة". ويشير إلى أنّ "التجنيد إجباري على الفقراء وأبناء الطبقة المتوسطة من العاطلين من العمل سواء من ذوي الكفاءات أم لا، لكنّه عملياً ليس إجبارياً على الأغنياء". يتابع عايش أنّ هذا "ما يجعل موضوع التجنيد مرتبطاً أساساً بمفهوم العيش الكريم والرفاهية الاجتماعية وما تتطلبه الحياة من مستلزمات أساسية"، مشدداً على أنّ "البعد الاجتماعي أكثر حضوراً وثقلاً في مسألة التوافق الشعبي حول التجنيد من البعد الوطني الذي يعدّ من مسلّمات الارتباط بالوطن والذود عنه حين يتعلق الأمر بالأخطار المحدقة".