"ما الفائدة من الالتحاق بالجامعة وأنا أعلم بأنّني لن أتابع التخصص الذي أرغب فيه، ولن يتحقق التحصيل العلمي بالطريقة المناسبة، ولن أجد فرصة عمل بعد تخرّجي؟". يبدو إبراهيم الخولاني الذي تخرّج أخيراً من الثانوية العامة، متشائماً حول مستقبله الجامعي.
يجزم الشاب بأنّه لن يبدأ دراسته الجامعية هذا العام، إذ إنّه متيقّن من أنّها "مضيعة للوقت ومصاريف تُهدر سدى"، فهي لن تنتهي بنتيجة إيجابية تحسّن من مستوى معيشته ومستقبله. ويقول إنّ "عملية التسجيل انتهت في بعض الكليات. وسبق واتخذت قراري بعدم الالتحاق بالجامعة والاستمرار في بيع القات حتى أتمكّن من توفير المال لبدء مشروع تجاري صغير".
يضيف الخولاني أنّه لو التحق بالجامعة، فلن يستطيع الإيفاء بمتطلباتها في ظروف الحرب القائمة، "إذ تختلف الدراسة في الجامعة عن المدرسة. فمتطلبات الجامعة لا تنتهي". ويؤكد على أنّه لا يريد تحميل أسرته عبئاً إضافياً في الظروف الصعبة التي تعيشها كما العائلات اليمنية الأخرى. فوالده بلا عمل منذ أشهر طويلة نتيجة الحرب، وهذا وحده كافٍ لإقناعه بصرف النظر عن الدراسة الجامعية هذا العام وضرورة البحث عن عمل يؤمّن دخلاً مناسباً.
من جهتها، تقول أم فاطمة الحبيشي إنّها فضّلت عدم تسجيل ابنتها الكبرى في الجامعة هذا العام، لأنّها لا تستطيع ضمان قدرتها على توفير احتياجاتها الجامعية. تضيف أنّها سوف تنتظر حتى العام المقبل، "إذا استقرت الأوضاع الأمنية والاقتصادية، أرسل ابنتي إلى الجامعة. أمّا إذا استمرت على حالها، فلن تستطيع إكمال دراستها". وتتقبّل أم فاطمة فكرة عدم انتساب ابنتها إلى الجامعة، "إذ إنّني أدّيت واجبي إلى حين حصولها على شهادة الثانوية العامة، على الرغم من الظروف الصعبة التي نعيشها. لكنّني لن أتمكّن من الصمود أمام التحديات المعيشية المتزايدة الناتجة عن الحرب". تضيف: "وإذا كانت ترغب في الاستمرار بدراستها، فهذا خيارها ويرتبط الأمر بإمكانيات من يتزوجها".
إلى ذلك، اضطرّ تدهور الأحوال المعيشية عدداً كبيراً من خرّيجي الثانوية إلى الالتحاق بجبهات القتال مع مختلف الأطراف، لضمان مرتّبات تساعد أسرهم على العيش. لكنّ آخرين وعلى الرغم من أوضاعهم المادية المتدهورة، يحرصون على الدراسة الجامعية. أحلام عزّي من هؤلاء، وقد شدّدت على تمسكها بالجامعة ما دامت أبوابها مفتوحة، مهما كانت الصعوبات ومهما كانت رداءة التعليم الأكاديمي. وتقول: "طلبت من إخوتي تسجيلي في الجامعة على الرغم من المخاوف المرتبطة باستمرار الحرب وتردّي الأوضاع الاقتصادية والتعليمية. فأنا لن أتخلّى عن حلمي بسبب الحرب".
اقــرأ أيضاً
في هذا السياق، يؤكد مسؤول رفيع في عمادة جامعة صنعاء فضّل عدم الكشف عن هويته، أنّ "الحرب أثّرت على التعليم الجامعي مباشرة، سواء لجهة عدد الطلاب المسجلين أو لجهة عدد هؤلاء الذين علّقوا دراستهم نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة". يضيف أنّ "مقاعد جامعة صنعاء والجامعات الحكومية الأخرى لا تكفي في الأساس العدد الكبير من خرّيجي الثانوية العامة بقسمَيها العلمي والأدبي، خصوصاً بعد تراجعهم عن الالتحاق بالجامعات الخاصة التي ترتفع رسومها، على خلفية الأوضاع الاقتصادية المتردية في البلاد. ويشير المصدر نفسه إلى أنّ "الجامعات الحكومية تقبل نسبة ضئيلة من عدد المتقدّمين. على سبيل المثال، خُصّص 350 مقعداً لطلاب كلية الطب في حين أنّ عدد المتقدّمين يقدّر بنحو 12 ألف طالب. أمّا في كلية علوم الحاسوب، فخُصّص 150 مقعداً في حين أنّ عدد المتقدّمين يقدّر بنحو ثمانية آلاف طالب. والأمر لا يختلف في الكليات الأخرى".
وعن مصير خرّيجي الثانوية الآخرين، يقول المصدر إنّ "بعضهم يدرس على حسابه الخاص في النظام الموازي في الجامعات الحكومية وعدده قليل، أمّا آخرون فيلجؤون إلى الجامعات الخاصة للبحث عن فرص عمل". ويلفت إلى أنّ "بعضاً آخر يلتحق بأحد أطراف الصراع في البلاد أو بإحدى الجماعات الإرهابية مثل تنظيم القاعدة، بسبب الفراغ والملل والقهر. أبناء الفقراء هم المتضرّرون في المقام الأول من هذه الحرب، فهم وقودها".
في سياق متّصل، من جهة سير العملية التعليمية، يقول المصدر إنّ "صعوبات كبيرة تواجهها نتيجة قطع كلّ النفقات التشغيلية لكليات الجامعة باستثناء المرتبات والأجور الأساسية". ويوضح أنّ "الجامعات لم تستلم موازنتها من العام السابق وبعض الكليات العلمية مثل الطب والهندسة والحاسوب والصيدلة تحصل على دعم محدود من الموازي الذي يدفعه الطلاب. أمّا الكليات التي لا تملك الموارد من قبيل التربية والآداب وغيرها، فهي تحصل على دعم ضئيل من الأمانة العامة للجامعة لا يكفي لتشغيلها. يُضاف إلى ذلك امتناع البنك المركزي عن صرف أيّ مبلغ من حساب الكليات في المصرف، حتى للحاجات الضرورية وتسيير العملية التعليمية ولو بحدّها الأدنى، مثل مستحقات الموظفين المتعاقدين وأجور الساعات التدريسية للمحاضرين من خارج الكلية وقيمة وقود الديزل لتشغيل المولدات الكهربائية".
اقــرأ أيضاً
يجزم الشاب بأنّه لن يبدأ دراسته الجامعية هذا العام، إذ إنّه متيقّن من أنّها "مضيعة للوقت ومصاريف تُهدر سدى"، فهي لن تنتهي بنتيجة إيجابية تحسّن من مستوى معيشته ومستقبله. ويقول إنّ "عملية التسجيل انتهت في بعض الكليات. وسبق واتخذت قراري بعدم الالتحاق بالجامعة والاستمرار في بيع القات حتى أتمكّن من توفير المال لبدء مشروع تجاري صغير".
يضيف الخولاني أنّه لو التحق بالجامعة، فلن يستطيع الإيفاء بمتطلباتها في ظروف الحرب القائمة، "إذ تختلف الدراسة في الجامعة عن المدرسة. فمتطلبات الجامعة لا تنتهي". ويؤكد على أنّه لا يريد تحميل أسرته عبئاً إضافياً في الظروف الصعبة التي تعيشها كما العائلات اليمنية الأخرى. فوالده بلا عمل منذ أشهر طويلة نتيجة الحرب، وهذا وحده كافٍ لإقناعه بصرف النظر عن الدراسة الجامعية هذا العام وضرورة البحث عن عمل يؤمّن دخلاً مناسباً.
من جهتها، تقول أم فاطمة الحبيشي إنّها فضّلت عدم تسجيل ابنتها الكبرى في الجامعة هذا العام، لأنّها لا تستطيع ضمان قدرتها على توفير احتياجاتها الجامعية. تضيف أنّها سوف تنتظر حتى العام المقبل، "إذا استقرت الأوضاع الأمنية والاقتصادية، أرسل ابنتي إلى الجامعة. أمّا إذا استمرت على حالها، فلن تستطيع إكمال دراستها". وتتقبّل أم فاطمة فكرة عدم انتساب ابنتها إلى الجامعة، "إذ إنّني أدّيت واجبي إلى حين حصولها على شهادة الثانوية العامة، على الرغم من الظروف الصعبة التي نعيشها. لكنّني لن أتمكّن من الصمود أمام التحديات المعيشية المتزايدة الناتجة عن الحرب". تضيف: "وإذا كانت ترغب في الاستمرار بدراستها، فهذا خيارها ويرتبط الأمر بإمكانيات من يتزوجها".
إلى ذلك، اضطرّ تدهور الأحوال المعيشية عدداً كبيراً من خرّيجي الثانوية إلى الالتحاق بجبهات القتال مع مختلف الأطراف، لضمان مرتّبات تساعد أسرهم على العيش. لكنّ آخرين وعلى الرغم من أوضاعهم المادية المتدهورة، يحرصون على الدراسة الجامعية. أحلام عزّي من هؤلاء، وقد شدّدت على تمسكها بالجامعة ما دامت أبوابها مفتوحة، مهما كانت الصعوبات ومهما كانت رداءة التعليم الأكاديمي. وتقول: "طلبت من إخوتي تسجيلي في الجامعة على الرغم من المخاوف المرتبطة باستمرار الحرب وتردّي الأوضاع الاقتصادية والتعليمية. فأنا لن أتخلّى عن حلمي بسبب الحرب".
في هذا السياق، يؤكد مسؤول رفيع في عمادة جامعة صنعاء فضّل عدم الكشف عن هويته، أنّ "الحرب أثّرت على التعليم الجامعي مباشرة، سواء لجهة عدد الطلاب المسجلين أو لجهة عدد هؤلاء الذين علّقوا دراستهم نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة". يضيف أنّ "مقاعد جامعة صنعاء والجامعات الحكومية الأخرى لا تكفي في الأساس العدد الكبير من خرّيجي الثانوية العامة بقسمَيها العلمي والأدبي، خصوصاً بعد تراجعهم عن الالتحاق بالجامعات الخاصة التي ترتفع رسومها، على خلفية الأوضاع الاقتصادية المتردية في البلاد. ويشير المصدر نفسه إلى أنّ "الجامعات الحكومية تقبل نسبة ضئيلة من عدد المتقدّمين. على سبيل المثال، خُصّص 350 مقعداً لطلاب كلية الطب في حين أنّ عدد المتقدّمين يقدّر بنحو 12 ألف طالب. أمّا في كلية علوم الحاسوب، فخُصّص 150 مقعداً في حين أنّ عدد المتقدّمين يقدّر بنحو ثمانية آلاف طالب. والأمر لا يختلف في الكليات الأخرى".
وعن مصير خرّيجي الثانوية الآخرين، يقول المصدر إنّ "بعضهم يدرس على حسابه الخاص في النظام الموازي في الجامعات الحكومية وعدده قليل، أمّا آخرون فيلجؤون إلى الجامعات الخاصة للبحث عن فرص عمل". ويلفت إلى أنّ "بعضاً آخر يلتحق بأحد أطراف الصراع في البلاد أو بإحدى الجماعات الإرهابية مثل تنظيم القاعدة، بسبب الفراغ والملل والقهر. أبناء الفقراء هم المتضرّرون في المقام الأول من هذه الحرب، فهم وقودها".
في سياق متّصل، من جهة سير العملية التعليمية، يقول المصدر إنّ "صعوبات كبيرة تواجهها نتيجة قطع كلّ النفقات التشغيلية لكليات الجامعة باستثناء المرتبات والأجور الأساسية". ويوضح أنّ "الجامعات لم تستلم موازنتها من العام السابق وبعض الكليات العلمية مثل الطب والهندسة والحاسوب والصيدلة تحصل على دعم محدود من الموازي الذي يدفعه الطلاب. أمّا الكليات التي لا تملك الموارد من قبيل التربية والآداب وغيرها، فهي تحصل على دعم ضئيل من الأمانة العامة للجامعة لا يكفي لتشغيلها. يُضاف إلى ذلك امتناع البنك المركزي عن صرف أيّ مبلغ من حساب الكليات في المصرف، حتى للحاجات الضرورية وتسيير العملية التعليمية ولو بحدّها الأدنى، مثل مستحقات الموظفين المتعاقدين وأجور الساعات التدريسية للمحاضرين من خارج الكلية وقيمة وقود الديزل لتشغيل المولدات الكهربائية".