تظهر أجواء غزة الرمضانية واضحة داخل أسواقها الشعبية التي تكتظ بالباعة والمتسوّقين. لكنّ هذه الأجواء لا تخلو من صورة أطفال يطلبون الرزق إلى جانب الكبار، يعملون في السوق ساعات طويلة.
ينقسم الأطفال في السوق إلى قسمين؛ أولاً الباعة الذين يختصّون في بيع الخضار فيضعونها في سلال ويتنقلون بها بين الناس لعرضها. ومن هؤلاء أيضاً من يبيعون مع آبائهم على عربات أو بسطات بالقرب من بوابة السوق الكبيرة. ثانياً، من يعملون حمّالين بواسطة عربات صغيرة يجرّونها على طول مسافة السوق حتى الشارع العام، وفي داخلها أغراض ثقيلة للمتسوّقين. والواحد منهم يحصل على ما بين ربع دولار أميركي ونصف دولار عن كلّ "شيلة".
يبدأ الطفل عمله في السوق عند الساعة العاشرة صباحاً في شهر رمضان، وينتهي عند الساعة السادسة والنصف مساءً. لكنّ محمد (9 أعوام) الذي يبيع على بسطة صغيرة في سوق الشيخ رضوان، يأتي قبل العاشرة حتى يحجز مكانه الصغير في بداية الساحة المخصصة لباعة العربات والبسطات.
اعتاد محمد العمل في السوق، فهو هنا منذ عام كامل، يذهب إلى المدرسة، ويأتي إلى السوق
في أيام إجازته. يحصل على الخضار التي يبيعها من مزرعة جاره في منطقة جباليا البلد، فيعرض البقدونس والجرجير (روكا) والفجل وعين الجرادة (شبت). وهي خضار مفضلة لدى الغزيين على الموائد الرمضانية. يقول لـ "العربي الجديد": "كلّ صباح في رمضان، أجمع 200 ربطة خضار وأسرع إلى السوق. وعندما أكاد أنتهي من بيع كلّ ما لديّ، أسرع لإحضار غيرها حتى أجمع مالاً أكثر". لدى والد محمد إعاقة في قدمَيه منذ العدوان الثاني على غزة في عام 2012، وتعتمد الأسرة على مبلغ مالي من الشؤون الاجتماعية وبعض المساعدات من الجمعيات الخيرية، بالإضافة إلى مدخول الطفل.
اقــرأ أيضاً
يجمع سوق الشيخ رضوان وسط مدينة غزة العدد الأكبر من الأطفال العمّال، ففيه نحو 55 طفلاً عاملاً في شهر رمضان، بحسب دائرة البلدية في المنطقة التي تشرف على محلات السوق. معظم الأطفال يذهبون إلى المدرسة. ونظراً لكبر السوق الذي يأتي إليه متسوّقون من محافظات مختلفة، فإنّ الأطفال الإناث أيضاً يعملن فيه. آية (8 أعوام) تساعد والدها في بيع الخضار على البسطة. يقف والدها في جهة أخرى ليبيع عدداً أكبر من الزبائن. يقول الوالد مصطفى لـ"العربي الجديد" إنّ المتسوّقين يقبلون على الشراء من الأطفال أكثر من غيرهم في شهر رمضان. يتابع: "يتوجب عليّ أن أغطّي حاجة أسرة مكونة من 10 أفراد، لذلك تشاركني طفلتي البيع عن قرب وأتابعها على مدار الساعة". على الرغم من عملها في السوق، إلّا أنّ آية حصلت على معدل 97 في المائة في مدرستها في نهاية العام الدراسي الحالي. لا يبدي والدها خوفاً من احتمال تدنّي معدّل علاماتها المدرسية، ويشير إلى أنّ الظروف الصعبة تجعلها أكثر قدرة في دراستها.
إلى جانب الأطفال الباعة، آخرون يجرّون العربات التي تصل حمولتها إلى 30 كيلوغراماً، وهو وزن ثقيل بالنسبة إلى أطفال تراوح أعمارهم بين 6 و13 عاماً. مؤمن (7 أعوام) أحد هؤلاء. يبدي سعادته لأنّ الناس يطلبون منه حمل أغراضهم. يقول لـ"العربي الجديد": "في السوق، كلّ الباعة بدأوا العمل منذ صغرهم، وأنا رجل منذ الآن، وكلّ قرش أجنيه يحتاج إليه أهلي في شهر رمضان".
من جهتها، تشير المتخصصة الاجتماعية رقية العمري إلى أنّ "الحالة الاقتصادية هي أكبر مشكلة تواجه القطاع، وتتسبب في زج الطفل في سوق العمل مع حاجة أهله إلى الدخل. ومع انهيار المجتمع ككل، بات انتشار العمال الأطفال عادياً بالنسبة إلى الجميع". تضيف لـ"العربي الجديد": "شهر رمضان فرصة لكسب الرزق عرفياً، يدفع الغزي إلى تشغيل أطفاله، علّه يحصل على رزق يسد حاجة الأشهر التالية".
أرقام كبيرة
تشير أرقام "الجهاز الفلسطيني المركزي للإحصاء" الخاص بالقوى العاملة لعام 2015، إلى وجود 39 ألفاً و300 عامل من الأطفال في الفئة العمرية التي تراوح ما بين 10 أعوام و17 عاماً، من الجنسين، يعملون في مناطق السلطة. وينقسم هؤلاء ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة. ففي الضفة بلغ عدد الأطفال العمّال 29 ألفاً و600 طفل. أمّا في غزة فقد بلغ عددهم 9700 طفل عامل.
اقــرأ أيضاً
ينقسم الأطفال في السوق إلى قسمين؛ أولاً الباعة الذين يختصّون في بيع الخضار فيضعونها في سلال ويتنقلون بها بين الناس لعرضها. ومن هؤلاء أيضاً من يبيعون مع آبائهم على عربات أو بسطات بالقرب من بوابة السوق الكبيرة. ثانياً، من يعملون حمّالين بواسطة عربات صغيرة يجرّونها على طول مسافة السوق حتى الشارع العام، وفي داخلها أغراض ثقيلة للمتسوّقين. والواحد منهم يحصل على ما بين ربع دولار أميركي ونصف دولار عن كلّ "شيلة".
يبدأ الطفل عمله في السوق عند الساعة العاشرة صباحاً في شهر رمضان، وينتهي عند الساعة السادسة والنصف مساءً. لكنّ محمد (9 أعوام) الذي يبيع على بسطة صغيرة في سوق الشيخ رضوان، يأتي قبل العاشرة حتى يحجز مكانه الصغير في بداية الساحة المخصصة لباعة العربات والبسطات.
اعتاد محمد العمل في السوق، فهو هنا منذ عام كامل، يذهب إلى المدرسة، ويأتي إلى السوق
في أيام إجازته. يحصل على الخضار التي يبيعها من مزرعة جاره في منطقة جباليا البلد، فيعرض البقدونس والجرجير (روكا) والفجل وعين الجرادة (شبت). وهي خضار مفضلة لدى الغزيين على الموائد الرمضانية. يقول لـ "العربي الجديد": "كلّ صباح في رمضان، أجمع 200 ربطة خضار وأسرع إلى السوق. وعندما أكاد أنتهي من بيع كلّ ما لديّ، أسرع لإحضار غيرها حتى أجمع مالاً أكثر". لدى والد محمد إعاقة في قدمَيه منذ العدوان الثاني على غزة في عام 2012، وتعتمد الأسرة على مبلغ مالي من الشؤون الاجتماعية وبعض المساعدات من الجمعيات الخيرية، بالإضافة إلى مدخول الطفل.
يجمع سوق الشيخ رضوان وسط مدينة غزة العدد الأكبر من الأطفال العمّال، ففيه نحو 55 طفلاً عاملاً في شهر رمضان، بحسب دائرة البلدية في المنطقة التي تشرف على محلات السوق. معظم الأطفال يذهبون إلى المدرسة. ونظراً لكبر السوق الذي يأتي إليه متسوّقون من محافظات مختلفة، فإنّ الأطفال الإناث أيضاً يعملن فيه. آية (8 أعوام) تساعد والدها في بيع الخضار على البسطة. يقف والدها في جهة أخرى ليبيع عدداً أكبر من الزبائن. يقول الوالد مصطفى لـ"العربي الجديد" إنّ المتسوّقين يقبلون على الشراء من الأطفال أكثر من غيرهم في شهر رمضان. يتابع: "يتوجب عليّ أن أغطّي حاجة أسرة مكونة من 10 أفراد، لذلك تشاركني طفلتي البيع عن قرب وأتابعها على مدار الساعة". على الرغم من عملها في السوق، إلّا أنّ آية حصلت على معدل 97 في المائة في مدرستها في نهاية العام الدراسي الحالي. لا يبدي والدها خوفاً من احتمال تدنّي معدّل علاماتها المدرسية، ويشير إلى أنّ الظروف الصعبة تجعلها أكثر قدرة في دراستها.
إلى جانب الأطفال الباعة، آخرون يجرّون العربات التي تصل حمولتها إلى 30 كيلوغراماً، وهو وزن ثقيل بالنسبة إلى أطفال تراوح أعمارهم بين 6 و13 عاماً. مؤمن (7 أعوام) أحد هؤلاء. يبدي سعادته لأنّ الناس يطلبون منه حمل أغراضهم. يقول لـ"العربي الجديد": "في السوق، كلّ الباعة بدأوا العمل منذ صغرهم، وأنا رجل منذ الآن، وكلّ قرش أجنيه يحتاج إليه أهلي في شهر رمضان".
من جهتها، تشير المتخصصة الاجتماعية رقية العمري إلى أنّ "الحالة الاقتصادية هي أكبر مشكلة تواجه القطاع، وتتسبب في زج الطفل في سوق العمل مع حاجة أهله إلى الدخل. ومع انهيار المجتمع ككل، بات انتشار العمال الأطفال عادياً بالنسبة إلى الجميع". تضيف لـ"العربي الجديد": "شهر رمضان فرصة لكسب الرزق عرفياً، يدفع الغزي إلى تشغيل أطفاله، علّه يحصل على رزق يسد حاجة الأشهر التالية".
أرقام كبيرة
تشير أرقام "الجهاز الفلسطيني المركزي للإحصاء" الخاص بالقوى العاملة لعام 2015، إلى وجود 39 ألفاً و300 عامل من الأطفال في الفئة العمرية التي تراوح ما بين 10 أعوام و17 عاماً، من الجنسين، يعملون في مناطق السلطة. وينقسم هؤلاء ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة. ففي الضفة بلغ عدد الأطفال العمّال 29 ألفاً و600 طفل. أمّا في غزة فقد بلغ عددهم 9700 طفل عامل.