يخرج برويز خان (24 عاماً) كلّ يوم في الصباح الباكر إلى سوق الخضار، في ضواحي العاصمة الباكستانية إسلام أباد. يشتغل منذ الفجر حتى وقت متأخر من المساء ليكسب الرزق لأهله. مصاعب الحياة الكثيرة تثقل كاهل الشاب وأبيه، كليم خان، بالرغم من عملهما الشاق والمتواصل.
قبل 15 عاماً هربت أسرة برويز خان إلى باكستان بسبب الوضع الأمني السائد في أفغانستان. الأسرة تتكون من 13 فرداً هم الأب والأم و11 ابناً وبنتاً، أكبرهم برويز. جميع الأولاد صغار ويدرسون، باستثناء برويز، لكنّ الأب لا يأمل أن يواصل هؤلاء الدراسة، أو يختلف مستقبلهم كثيراً عن مستقبل ابنه الأكبر. ذلك لأنّ الوضع المعيشي قد لا يسمح له بإرسال أولاده إلى المدرسة.
يقول كليم خان: "كانت لدي ولدى زوجتي طموحات كثيرة إزاء أولادنا. كنت أعمل بجدّ لأجل مستقبلهم. من أجلهم تركت البلاد وجئت إلى باكستان لأنّ حياتهم كانت في خطر. لكن في نهاية المطاف هكذا حال ابننا برويز، فهو يمضي شبابه في سوق الخضار والفواكه وفي حرّ الشمس وبرد الشتاء".
الرجل لا يأمل حاليا أن يدرس برويز، لكنّه يبذل كلّ ما في وسعه كي يدرس باقي أولاده، ومع ذلك يواجه صعوبات كثيرة أهمها كثرة الأولاد، وعدم الاستقرار في باكستان، فالحكومة الباكستانية تغير سياساتها إزاء اللاجئين بين حين وآخر.
من هنا يخشى كليم أن يكون مستقبل باقي أولاده كمستقبل برويز، لا سيما أنّ العودة شبه مستحيلة إلى أفغانستان فالوضع الأمني صعب، والعداءات القبلية والشخصية تخيم على عائلة خان.
لكنّ برويز يطلب من والده العودة إلى أفغانستان بأمل العودة إلى دراسته إن استطاع ذلك، لا سيما أنّ الوضع في باكستان غير مريح بالنسبة إليه، فهو يعتبرها بلاد غربة، ويقول: "أريد الذهاب إلى بلادي مهما كان الوضع فيها. نعمل هنا ولا تتغير حالتنا المعيشية ولا أظن أنّ ذلك سيتغير".
كغيرهما من الأفغان يعرب برويز ووالده عن قلقهما الشديد إزاء ما يحدث على الحدود الأفغانية - الباكستانية من تشديد إجراءات، واشتباكات متقطعة بين قوات الدولتين، ما يؤثر مباشرة على اللاجئين الأفغان. فالسلطات الباكستانية تتشدد معهم عقب أية مناوشة تحصل على الحدود مع الجانب الأفغاني بحسب برويز.
بالرغم من كلّ الصعوبات، يصرّ الوالد على البقاء في باكستان، لكنّه ينتظر تمديد الحكومة الباكستانية فترة إقامتهم، وتحسين شروط عيشهم، وإلاّ فإنه سيفكر هذه المرة في العودة إلى أفغانستان، كما يطمح ابنه برويز، بالرغم من جميع المخاطر.